أبلغت وزيرة الدولة بوزارة العدل السودانية، (تهاني تور الدبة)، مسؤول الحريات والأديان بوزارة الخارجية الأمريكية، (ايان تيرنر)، الثلاثاء باتجاه الحكومة لتعديل مواد بالقانون الجنائي، لتتسق مع الدستور، والمواثيق الدولية، من بينها المادة المتعلقة بالزي الفاضح، في القانون الجنائي، والمادة (8) المتعلقة بالحقوق الدينية والعبادة. (صحف الأربعاء 24/5/2017م)
في كل يوم تكشف حكومة السودان للناس تخليها عن شعارات الإسلام التي رفعتها بعد انقلاب 1989م، وذلك بعد أن اصطف أهل السودان حولها، وساندوها بالمال، وقدموا أولادهم، ودماءهم وأرواحهم حماية لها ولرئيسها، إلا أن نظام الإنقاذ بقيادة البشير خان كل عهوده بتطبيق الشريعة، ونكث عنها، ليبشر الناس بدولة ديمقراطية حديثة، يكون التشريع فيها للناس وليس لرب الناس، والأحكام تؤخذ بناء على موافقتها لشرعة الغرب لا بناء على قوة الدليل، وهذا ما أكدته أعلاه وزيرة الدولة بوزارة العدل، لتعلن على الملأ، أنهم يغيرون ويبدلون القوانين لتتماشى مع شرعة الغرب الكافر المستعمر، في بلد أكثر من ٩٩٪ من أهله مسلمون.
بالرغم من أن أكثر هذه القوانين لا تطبق، فهي موجودة فقط شكلياً على الورق، ولكن ذلك لم يرضِ تطلعات الحكومة للتطبيع مع أمريكا، مما جعل الكفار بسفاراتهم ومنظماتهم يستأسدون عليها، ويهددونها لكي تقدم المزيد من التنازلات، وإلغاء القوانين والأحكام الشرعية، التي حواها القانون الجنائي لسنة 1991م، مثل المادة 146 عقوبة الزنا الرجم للمحصن، والجلد لغير المحصن، والمادة 148 عقوبة اللواط، والمادة 126 عقوبة الردة؛ القتل، لمن لم يكن حديث عهد بالإسلام، ولم يتب بعد الاستتابة...إلخ.
فقد جاء في صفحة هيومن رايتس ووتش، بتاريخ 31/5/2012م، تحت عنوان: يجب إلغاء عقوبة الإعدام رجماً في السودان، نقلاً عن دانييل بيكيل، مدير قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش قوله: "لا يجوز رجم أحد حتى الموت. لا بد أن يُصلح السودان فوراً قوانينه التمييزية وأن يُلغي عقوبة الإعدام، وجميع العقوبات البدنية، التي تخرق التزاماته المترتبة عليه بموجب المواثيق الدولية، التي وعد باحترامها.
كما أن خبير الأمم المتحدة الذي سيرفع تقريره عن التشريعات والقوانين في السودان في أيلول/سبتمبر ٢٠١٧م، أكد أنه لم يتبقَ الكثير لتنسجم كل القوانين والتشريعات في السودان مع ما يسمى بالمواثيق والقوانين الدولية.
إن تنكب الحكومة وتساهلها في تطبيق بعض الأحكام الشرعية، وعملها لتغييرها من القانون الجنائي، والسعي لإرضاء الكافرين بأي ثمن، فتح الباب واسعاً، للجرأة على أحكام الإسلام، حيث قدم أحد الشباب طلباً للمحكمة بتاريخ 7/5/2017م، لتغيير دينه من (مسلم) إلى (لا ديني)، حتى يؤكد للناس أن هناك حرية دينية في السودان، بناء على المادة (٣٨) من التعديلات الدستوية الأخيرة، إلا أن المحكمة برأته من تهمة الردة، بحجة أنهم عرضوه على طبيب، ادَّعى أن الشاب مريض نفسياً، برغم إنكار محامي الشاب وأهله هذا الاتهام بالمرض، ولم تكن هذه الحادثة الأولى؛ ففي العام 2014 كانت المحاكم السودانية ساحة لسجال مثير بعد الحكم بإعدام مريم إبراهيم إسحق، لاتهامها بالردة والزنا، ما أثار غضبا دوليا انتهى بإسقاط محكمة الاستئناف للحكم ومغادرة مريم مع رضيعتها إلى روما حيث التقت رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي والبابا فرانسيس بالفاتيكان، ومنها إلى أمريكا. (سودان تريبيون الجمعة 12/5/2017م).
فهل بعد كل هذا التغيير سترضى أمريكا عن أهل السودان وهم متمسكون بشريعة ربهم؟ الإجابة قطعاً لا إلا إذا كفروا بدين الإسلام، قال تعالى: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾
ومن المعلوم أن الغرب لا يرضى بتطبيق أي حكمٍ، يعبر عن مبدأ الأمة (الإسلام)، ليتدخل الإسلام في تنظيم شؤون المسلمين، حتى يعيش المسلمون حياة إسلامية، فيدفعهم ذلك إلى إقامة دولتهم فضلا عن أن النظام الغربي فشل في تقديم معالجات ناجعة للمشكلات البشرية. لذا فإن هذه الهجمة الشرسة ضد أحكام الإسلام في الحكم والسياسة والاقتصاد...إلخ، باسم (الإرهاب) تؤكد ما ذهبتُ إليه أعلاه.
إن مخالفة أوامر الله في أي شأنٍ من الشؤون، وتبديل أحكامه التي جعلها حدوداً واضحة، حرم تعديها وتجاوزها، لهو ظلم وجرم كبير، قال تعالى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾.
وما تقوم به حكومة السودان، من استبدالٍ للأحكام والقوانين الشرعية، لتنسجم مع شرعة الكافر المستعمر، تبين مستوى التنازل والضعف، الذي وصل إليه نظام الحكم في السودان، لتنكشف حقيقة التوجه العلماني الصريح للدولة، تماهياً مع المشروع الأمريكي، في الحرب على الإسلام باسم (الإرهاب)، مما يؤكد أن الدول القائمة في بلاد المسلمين دول رهينة للكافرين، ومنها حكومة السودان، فإنها لن تقيم أحكام الإسلام؛ بل تشارك أمريكا في الحرب عليه، وعلى حملته، ولعل هذا دافع قوي ليرفع المسلمون المخلصون أياديهم عن تأييد هذا النظام، والعمل مع المخلصين من أبناء الأمة العاملين لإقامة شرع الله، بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي حذَّر النبيُّ عليه الصلاة والسلام، من إثم القعود عن إقامتها، فقال e: «... وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِى عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». رواه مسلم.
رأيك في الموضوع