شهد الأسبوع الماضي تطوراً لافتاً في الحرب الدائرة في السودان، وتحديداً في العاصمة الخرطوم، فقد استطاع الجيش السوداني استعادة القصر الجمهوري يوم الجمعة 21/3/2025م، بعد معارك شرسة بينه وبين قوات الدعم السريع، وتكمن استعادة القصر الجمهوري، الذي كان تحت سيطرة قوات الدعم السريع، العامين الماضيين، في رمزيته، باعتباره مقر السيادة كما يقولون، كما استطاع الجيش استعادة مناطق مهمة في وسط الخرطوم، وما يزال الجيش يواصل تقدمه للسيطرة الكاملة على الخرطوم، حيث تسير الأمور حسب الخطة الأمريكية التي تقضي بأن يسيطر الجيش على العاصمة، بعد سيطرته على الجزيرة، وسنار، وأجزاء من كردفان، وغيرها.
فبعد أن تحقق لأمريكا ما أرادت في التفاف الناس حول الجيش، باعتباره المدافع عن الأرض والعرض، وبعد أن تمت شيطنة القوى المدنية السياسية، فالمطلوب الآن أن يسيطر الجيش على كل المناطق التي كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع، عدا إقليم دارفور، الذي يعد فيه المسرح ليكون جنوب سودان آخر، والواقع يؤكد ذلك، فما زالت قوات الدعم السريع تسيطر على معظم إقليم دارفور، وتحكم الحصار على مدينة الفاشر؛ آخر معقل للجيش والقوات المشتركة في الإقليم، وما يؤكد أن الذي يجري الآن بمباركة أمريكا، هو تصريح المتحدثة باسم وزارة خارجيتها، عقب سيطرة الجيش على القصر، حيث أكدت أن أمريكا تتابع عن كثب التطورات في السودان، مشيرة إلى أن سيطرة الجيش على القصر الجمهوري تعد حدثا مهما، جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقدته الجمعة في واشنطن، حيث قالت "أعتقد أن العالم يجب أن يراقب ما يحدث على الأرض، نحن نراقب الوضع"، وذلك رداً على سؤال حول المستجدات في السودان.
وبالرغم من الانتصارات التي يقوم بها الجيش السوداني، إلا أن مسألة التفاوض مع قوات الدعم السريع حاضرة في بيان وزير الخارجية السوداني، علي يوسف، الذي أعلن أن الحكومة قدمت عرضا لوقف إطلاق النار، يتضمن خروج قوات الدعم السريع دون سلاح، عبر ممرات محدودة، وأشار الوزير في حديثه مع قناة العربية الجمعة، إلى أن التفاوض معها قد يكون ممكنا بعد انتهاء الحرب.
أما في محور دارفور، فقد أعلنت قوات الدعم السريع يوم الخميس الماضي، أنها تمكنت من السيطرة على مدينة المالحة، التي تقع على بعد 210 كلم شمال شرق الفاشر، وأفاد شهود من مدينة المالحة أنها قد دخلت المدينة، واستولت على رئاسة المحلية، ومقر الاحتياط المركزي، وموقع القوات المشتركة، لكن في يوم الجمعة قالت القوات المشتركة إنها استعادت، أو تمكنت من استعادة السيطرة على المالحة وليس لدينا ما يؤكد أنها استعادت السيطرة، أو ما زالت المسألة عند قوات الدعم السريع، المهم أن الأمر ما زال بين كر وفر، وأهمية مدينه المالحة أنها تعتبر نقطة استراتيجية مهمة، نظراً لقربها من الحدود الليبية، ووجود خط إمداد مفتوح يربطها بشمال وشرق دارفور.
وفي إطار الصراع السياسي بين العسكر والمدنيين، أي بين رجال أمريكا من جهة، وبين رجال أوروبا وبريطانيا من جهة أخرى، أوضح وزير الخارجية السوداني، أن المتحالفين مع قوات الدعم السريع لن يكون لهم مكان في العملية السياسية المستقبلية، مؤكداً أن من يدعم المليشيا لن يكون جزءاً من الحوار الوطني، أو مؤسسات الدولة، وفي السياق نفسه، غرد فولكر بيرتس، مبعوث الأمم المتحدة السابق للسودان، والمحسوب على القوى المدنية، قائلاً "إن القوى المدنية الصغيرة التي شكلت مؤخراً تحالفاً سياسياً مع قوات الدعم السريع، لتشكيل حكومة تحت سيطرة الدعم السريع، فقدت كل مشروعيتها" وأضاف في تدوينة على فيسبوك "لكن غالبية المدنيين، بمن فيهم القادة السياسيون، والناشطون، والمجتمع المدني، ولجان المقاومة التي تحولت إلى غرف طوارئ، أرادوا ببساطه إنهاء الحرب، يجب أن يكون لهم الدور الرئيسي في إعادة بناء البلاد وقيادتها، وليس قاعده الأطراف المتحاربة، ما يعني في الناحية الإنسانية فقط".
أوردت فرانس ٢٤ في 19/3/2025، خبرا جاء فيه ما يلي: "في تصعيد جديد للأزمة الإنسانية في السودان، أعلنت غرفة طوارئ الخرطوم الأربعاء 19 آذار/مارس، مقتل 50 شخصاً على الأقل خلال الأسبوع الماضي، بينهم 10 متطوعين، جراء قصف نفذته قوات الدعم السريع، ويأتي ذلك مع تصاعد الانتهاكات ضد المدنيين، مثل التهجير القسري، وتفاقم سوء التغذية، بينما تستمر المعارك العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في العاصمة منذ أشهر"، كما أعلنت شبكة أطباء السودان، عن مقتل أربعة أشخاص، وإصابة 11 آخرين جراء قصف الدعم السريع أحياء سكنية في مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، حيث ظلت مدينة الأبيض تتعرض لقصف، خلال الأيام الماضية، أدى لسقوط العشرات بين قتيل وجريح. وفي السياق نفسه، أفادت المفوضية السامية لحقوق الإنسان، عبر بيان رسمي يوم الخميس، أن التقارير الواردة تشير إلى تزايد حوادث العنف ضد المدنيين، حيث تم تسجيل العديد من الضحايا في مناطق شرق الخرطوم، وشمال أم درمان منذ الثاني من آذار/مارس الحالي. كما أشار سيف ماجنوجو المتحدث باسم المفوضية، أن الوضع الإنساني في المنطقة يتطلب تدخلاً عاجلاً، كما دعا مرة أخرى الطرفين، وجميع الدول التي تؤثر عليهما، إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لضمان حماية فعالة للمدنيين وإلى إنهاء استمرار غياب القانون، والإفلات من العقاب.
هذه آخر التطورات في السودان، حيث ما زال أهل السودان يدفعون ثمن هذه الحرب اللعينة، التي لا تخدمهم، بل تخدم الدول الاستعمارية الكبرى الطامعة في ثروات بلادنا!
فالواجب علينا أن نعي على مخططات الغرب الكافر المستعمر، وأن نأخذ على أيدي الضالعين في تنفيذ مؤامراتهم، ونعيدهم إلى رشدهم قبل فوات الأوان، وذلك بالعودة إلى الحق الذي لا يكون إلا باتباع منهج الإسلام العظيم؛ بإقامة سلطان الإسلام؛ الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة امتثالاً لقول الحبيب ﷺ: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافاً كَثِيراً، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ»، فهو والله عز الدنيا، وفلاح الآخرة.
الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع