انطلقت يوم الاثنين ٣١/٣/٢٠٢٥ المناورات الجوية السنوية متعددة الجنسيات، المعروفة باسم (إينوخوس 2025) في قاعدة أندرافيدا الجوية في اليونان، فيما ستستمر حتى الجمعة ١١/٤/٢٠٢٥ بمشاركة عدد قياسي من الحلفاء بلغ ١١ دولة منها قطر ودولة يهود اللتان تشاركان للمرة الأولى، بالإضافة للإمارات وأمريكا وفرنسا والهند وإيطاليا والجبل الأسود وبولندا وسلوفينيا وإسبانيا، بالإضافة لإرسال مراسلين من سلوفاكيا والبحرين، وقد أجريت المناورات لأول مرة في أواخر ثمانينات القرن الماضي كتمرين تكتيكي مصمم خصيصا لتلبية الاحتياجات المعاصرة للتدريب على العمليات الجوية المشتركة.
ولا يخفى على أي متابع الأغراض السياسية والعسكرية للغرب الكافر من وراء هذه المناورات المشتركة، والتي استباح فيها بلاد المسلمين، مع اختراق لعساكر المسلمين وحرف بوصلة ولائهم وتوظيفهم في استراتيجياته الاستعمارية، أو صناعة العملاء المرشحين لاستلام الوظيفة الاستعمارية وغيرها.
تأتي هذه المناورات وبمشاركة رويبضات قطر والإمارات مع كيان يهود وداعميه الحاقدين على أمة الإسلام، في الوقت الذي تستمر فيه جرائم يهود في حق أهلنا في غزة ولبنان وسوريا، وفي الوقت الذي تتطاير فيه أشلاء الأطفال والنساء والشيوخ وتسيل الدماء أنهاراً في غزة، ويمنع عن أهلها الماء والغذاء. يتسابق حكام المسلمين لخدمة مصالح الغرب الاستعمارية ومد كيان يهود بما يلزمه من غذاء وطاقة وسلاح، فأي خزي وأي عار تسربل به هؤلاء؟! إن قطر لم تكتف بالقاعدة الأمريكية الموجودة على أراضيها والتي تنطلق منها طائراتها لضرب المسلمين، ومن تزويد كيان يهود بما يلزمه من عتاد في حربه الإجرامية على أهلنا في غزة العزة، من استضافته لوفود يهود بدعوى الوساطة مع حماس. وأما الإمارات فحدث ولا حرج في اصطفافها العلني الفاجر مع يهود وتزويدهم بالغذاء والعتاد في تحد سافر لمشاعر المسلمين.
أهي الغفلة؟ أم هو الجبن؟ أم هي الخيانة؟
أيا كان الجواب فحكام المسلمين لا يصلحون أن يكونوا حكاماً، والنتيجة واحدة؛ إخضاع المسلمين لمستعمريهم والحيلولة دون تحريرهم، فهذه الأنظمة الخانعة الذليلة لم تصل إحداها إلى الحكم بالطريقة الشرعية، بل هي مغتصبة لسلطان الأمة فلا تجب لها الطاعة، وهي كلها لا تجعل الإسلام مقياسا لسياستها الداخلية ولا الخارجية، بل تتولى أعداء الأمة؛ الغرب الكافر المستعمر وكيان يهود، وتمكنهم من السيطرة على بلاد المسلمين، فقطع حكامها حبالهم مع الله أولا ثم مع أمتهم وانحازوا بشكل علني وكامل لدول الاستعمار ويهود، وجعلوا من أنفسهم أداة يستخدمها هؤلاء لتحطيم المسلمين ظناً منهم أن هذا يعزز سلطتهم ويضعف الإسلام الذي يهددهم، وهم بذلك يجهزون على خير أمة، إلا أنهم يسرّعون من عملية سقوطهم واستبدالهم.
إن مشاركة هؤلاء الرويبضات لأمريكا ودول الغرب الكافر ويهود هو إقرار لهم على جرائمهم واغتصابهم لأرض المسلمين، بالإضافة لموالاتهم، وهذه من الجرائم الكبرى في الإسلام وخيانة لله ولرسوله والمؤمنين، فيهود ومن يدعمهم هم كما وصفهم الله تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾. يضاف إلى ذلك احتلالهم لأرض الإسراء والمعراج، كل ذلك يفرض أن تكون العلاقة معهم هي حالة حرب فعلية، فهم قد احتلوا أرضا إسلامية والواجب على المسلمين تحرير هذه الأرض ونصرة أهلها حتى لو استوعب ذلك كل المسلمين في العالم. هذه هي العلاقة التي قررها الله عز وجل بيننا وبين المشركين ويهود وهي القتل والقتال وليس الصلح والموالاة والمشاركة!
فيا رهط الأذلة الخائنة، ألم تكتفوا بفتح مصراعي باب بلاد المسلمين لألد وأشرس عدو لهم، أمريكا، حتى أردفت معها غاصب أقصى المسلمين ومعراج نبيهم ومسراه لتشاركوه مناورته العسكرية؟ ألم تسمعوا بالمعتصم وفتح عمورية لصرخة امرأة مسلمة؟! ألم تسمعوا برد هارون الرشيد إلى كلب الروم؟! أولم يصلكم رد القائد المسلم كنكا موسى عندما استرد قرية اغتصبها النصارى في الحبشة وعلم بأسر امرأة مسلمة وابنتها فقال: "والله الذي لا إله إلا هو لو جعلتم بريطانيا حذاء في يمني والبرتغال حذاء في شمالي لن أقبل لهما دية أقل من رأس ملك مقابل البنت ورأس ملك مقابل أمها... هذا إن قبلنا...!"؟! فأي خزي وأي عار تسربلتم به بجعلكم أبناء المسلمين في الجيوش حطبا للآلة الاستعمارية الوالغة في دماء أطفالنا ونسائنا وشيوخنا في غزة وسائر بلاد المسلمين؟! فطائراتهم ومسيّراتهم وصواريخهم وقذائفهم هي أسلحة إبادتنا.
والله ما أبقت هذه الخيانات لأنظمة الرويبضات ولجيوش المسلمين من عذر، فكيف يا أهل قوتنا ترضون أن تصبح القوة الضاربة لأمة الإسلام تحت سيطرة وقيادة العدو اللدود للإسلام وأمته؟!
كيف ترضون تسخير قوى الأمة الحية لخدمة الاستعمار الغربي الكافر في احتلال دياركم وقتل أبنائكم ونهب ثرواتكم وحراسة نظامه الجائر والدفاع عن الوضع الاستعماري الظالم وعملائه؟! والأشنع جرما بل كفراً هو كيف ترضون تجييش حرب أمريكا والغرب الصليبي ويهود ضد الإسلام وأمته بأبناء المسلمين من جيوشهم لقتل ذويهم ومجلبة سخط ربهم، واستخدامهم دروعا للصد والحيلولة دون مشروع إسلام رب العالمين، الذي به وفيه حقيقة مرضاة ربكم؟! أفلا تعقلون؟!
أيها المسلمون: إن هؤلاء الحكام المتآمرين لم يعودوا جهة للمخاطبة ولا أهلا للنداء، فهم قد اصطفوا منذ زمن بعيد في فسطاط العدو، ولكن الخطاب والسؤال لكم أنتم، إلى متى ستسكتون عن خذلان هؤلاء وتآمرهم؟! إلى متى ستتركون إخوانكم في الأرض المباركة يتجهمهم عملاء يتآمرون عليهم وأعداء يسعون للنيل منهم؟!
وللجميع نقول: أنّى لمنظومة أفلست وحضارة خبأت وتعفنت أن ترد قضاء الله وقدره؟! وما كان الإسلام العظيم وخلافته الراشدة إلا قضاؤه وقدره، والربانيون من حملة دعوته هم صفوة عباده الذين قضى سبحانه أنّ بهم سيُبرم قضاؤه وينجز وعده، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
عودوا إلى دينكم الإسلام بإقامة دولته، ففيها عزكم وكرامتكم، وبها انعتاقكم من عبودية حكامكم العملاء، وبها تقاد جيوشكم لتحرير فلسطين وغيرها، فيُجتث كيان يهود إلى غير رجعة، ويطرد الكفار المستعمرون، وتنالون رضا رب العالمين، وينعم العالم بالرحمة والعدل بعد أن تفشى فيه الظلم والشر والقهر.
قال تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ﴾.
بقلم: الدكتور عبد الإله محمد
رأيك في الموضوع