تكرر انشقاق عدد من قيادات قوات الدعم السريع برتب عالية ومناصب مؤثرة حتى أصبحت مثار تساؤل للناس: ما هي أهمية هذه الانشقاقات؟ ومن يقف خلفها؟ وما أثرها على الحرب وقوات الدعم السريع؟
ففي يوم السبت 26/10/2024م، أعلن 5 من أعضاء المجلس الاستشاري لقوات الدعم السريع انشقاقهم، وانحيازهم إلى الجيش، وقد عقدوا مؤتمرا صحفياً في بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للسودان، كشفوا خلاله أسباب انشقاقهم، وخطط حميدتي وارتباطاته الخارجية، على حد وصفهم، واتهموا قائد الدعم السريع حميدتي بالتخطيط للاستيلاء على السلطة، والسيطرة على سواحل السودان على البحر الأحمر، وأن فشل طموحاته قاد إلى اندلاع الحرب قبل 18 شهرا. وجاءت هذه الانشقاقات بعد 6 أيام من انشقاق قائد قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة، أبو عاقلة كيكل، وانضمامه، مع مجموعة من قواته للجيش.
والمنشقون عن قوات الدعم السريع حسب المعلومات التي قدمت في المؤتمر الصحفي هم:
1- عبد القادر إبراهيم علي محمد، مسؤول ملف شرق السودان، ورئيس قطاع منظمات المجتمع المدني بالمجلس الاستشاري لقائد الدعم السريع، ويحمل درجة دكتوراة في التخطيط الاستراتيجي القومي.
2- محمد عبد الله ود أبوك المحامي، عضو المجلس الاستشاري لقائد الدعم السريع ورئيس القطاع الإعلامي، ويحمل درجة دكتوراة في القانون الدولي العام، وخبير في قضايا العدالة الانتقالية.
3- نواي إسماعيل الضو، رئيس قطاع التخطيط الاستراتيجي بالمجلس الاستشاري لقائد الدعم السريع، ورئيس اللجنة الاستراتيجية العليا.
4- محمد محمد عثمان عمر، وهو خبير في الإعلام الرقمي، ومدير الإدارة الفنية بإعلام الدعم السريع، ومستشار باللجنة العليا للدعم السريع.
5- عبد الرحمن علي حمدو، رئيس القطاع القانوني بالمجلس الاستشاري لقائد الدعم السريع، ومسؤول ملف شباب القبائل.
وأفاد عبد القادر إبراهيم بأن 3 مستشارين آخرين كان ينبغي أن يكونوا معهم لكنهم تأخروا خارج البلاد، وسيصلون إلى بورتسودان خلال أيام، ورفض الإفصاح عن أسمائهم لدواع أمنية، وأشار إلى أن الاتفاق الإطاري لم يكن وحده سببا في الحرب، وتابع "هناك أطماع شخصية لقائد الدعم السريع حيث كان يرغب في استلام السلطة بالقوة، لتنفيذ أجندة خاصة به، وأخرى تخص دولا أخرى".
في الحقيقة، ومنذ بداية الحرب، نسمع عن هذه الانشقاقات عن جسم قوات الدعم السريع، إلا أنها لم تغير في خارطة المعركة شيئاً، فما زالت هذه القوات طليقة، تفتك بالناس؛ تقتل، وتدمر، وتنهب، وتغتصب، ولعل أكبر شاهد ودليل هو ما حدث بعد انشقاق كيكل قائد هذه القوات بولاية الجزيرة، ولكن ما حدث بعد ذلك من اجتياح للجزيرة وتشريد أهلها، وارتكاب مجازر مروعة أشد مما كانت عليه قبل استسلام كيكل للجيش، ما يؤكد أن هناك من يغذي هذه القوات، ويعمل على تأكيد وجودها وقدرتها على المضي قدما في تحقيق الأجندة التي قامت من أجلها هذه الحرب المفتعلة.
وقد بات الواقع شاهدا بالوقائع والأحداث وبالتصريحات المتكررة التي تؤكد إشعال أمريكا هذه الحرب، واستخدام الدعم السريع لتنفيذ أجندتها القذرة في السودان، عبر ضرب خصومها المدنيين؛ عملاء بريطانيا، الذين أرادوا بالاتفاق الإطاري هيكلة المؤسسة العسكرية (الجيش/ قوات الدعم)، لمصلحة المستعمر البريطاني، وضرب النفوذ الأمريكي الذي يمثله قادة الجيش، والدعم السريع، ومماطلة أمريكا في عدم حسم الحرب، وعدم السماح بأي منبر آخر لإيقاف الحرب، إلا عبر إشرافها ورعايتها مثل منبري جدة، أو جنيف، أو ما تأمر به عملاءها في المنطقة من لعب أدوار لإطالة أمد الحرب.
لذلك، فما قيل في المؤتمر الصحفي إن الإطاري ليس هو سبب الحرب، هو كلام مجاف للحقيقة، فالحقيقة الواضحة أنه الأساس في إشعال الحرب وفي إطالتها حتى كسر عظم أتباع بريطانيا، وقد كادوا لولا التحركات الأخيرة التي بذلت بريطانيا فيها جهودا ضخمة عبر دعمها لعملائها الدعم المادي الضخم المعترف به على لسان سفيرها في الخرطوم جايلز ليفر، وكذا الدعم السياسي الذي وصل إلى تعيينها مبعوثا خاصا للسودان، وعبر التحركات التي تقوم بها القوى المدنية التابعة لها هذه الأيام في بريطانيا.
والجدير بالذكر أن المنشقين أرادوا في هذا المؤتمر الصحفي الربط بين المدنيين وقوات الدعم السريع، وذلك لشيطنتهم وفق وصف ود أبوك حول وجود قيادات في تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية "تقدم"، يعملون مستشارين لقيادة قوات الدعم السريع، وهم: عضو مجلس السيادة السابق محمد حسن التعايشي، ووزير العدل الأسبق، نصر الدين عبد البارئ، وطه عثمان إسحاق، وصلاح مناع.
ولكن الحقيقة هي أن قوات الدعم السريع تعمل وفق الأجندة الأمريكية، ولم تخرج عنها كما هم قيادات الجيش المشرفون على إشعال الحرب واستمرارها.
ختاما، إن هذه الانشقاقات لن تغير في خارطة الحرب شيئا، فالحرب لها أجندة واضحة أشرنا إليها مرارا وتكرارا في مقالاتنا؛ وهي صراع على النفوذ في السودان بين الدول الاستعمارية؛ أمريكا التي تدعم قيادات الجيش وقوات الدعم السريع، وبريطانيا التي تدعم القوى المدنية المتمثلة في حركة تقدم بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك.
وهذا الصراع لن يتوقف حتى يكسر أحد الطرفين عظم الآخر ويستفرد بحكم البلاد أو ينتفض أهل السودان وخاصة المخلصون من أهل القوة والمنعة فينتزعوا الحكم من أيدي العملاء من الطرفين ويعيدوا السلطان إلى الأمة لتنعقد بيعة شرعية لخليفة راشد يقيم الدين ويطبق الشرع وينتصر لعباد الله المؤمنين المستضعفين في الأرض، وهذا الذي يعمل له حزب التحرير في العالم بعامة وفي السودان بخاصة ويصل ليله بنهاره لتحقيقه، فهلا استجاب أهل القوة والمنعة لهذا النداء فيستجيبوا لمنادي الرحمن؟!
اللهم عجل لنا بالخلافة الراشدة على منهاج النبوة إنجازا لوعدك وتأكيدا لبشرى نبيك ﷺ القائل: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ» أخرجه الإمام أحمد.
مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع