أعلن رسمياً، على هامش مؤتمر المانحين لدعم النازحين واللاجئين في الساحل وحوض بحيرة تشاد، المنعقد في 26 تشرين الأول/أكتوبر المنصرم، في مدينة جدة، عن تقديم الرياض 25 مليون دولار للنازحين في محافظات الحديدة، والضالع، ومأرب، والبيضاء، وحضرموت، والمهرة، وسقطرى في اليمن، عبارة عن مساعدات غذائية ونقدية للأسر الأكثر احتياجاً، لغرض إنشاء أصول، وإعادة تأهيل أصول أخرى لدعم سلسلة القيمة الغذائية خلال 6 دورات وتتضمن إصلاح الأراضي الزراعية وبناء المصدات المائية وتزويد الصيادين بالمعدات اللازمة.
تزامن هذا الإعلان مع إعلان الغرفة التجارية الصناعية في العاصمة صنعاء، الاثنين 28 تشرين الأول/أكتوبر المنصرم، عن استحداث خط ملاحي مباشر بين مينائي جدة والحديدة، على البحر الأحمر، عبر شركة c star.
إن هذا يعني فتح باب جديد لاستمرار تدفق الأموال من الرياض، بصورة مباشرة إلى العاصمة صنعاء، عن طريق برنامج الغذاء العالمي، الذي يُملي عناوين برامجه في اليمن على الرياض، وتتجدد لقاءات مسؤوليه مع وزير خارجية "حكومة التغيير والبناء" جمال عامر، وتوجيهات مهدي المشاط لوزارة أحمد غالب الرَّهوي ببناء جسور التواصل مع المنظمات الأجنبية التي تقدم مساعدات لليمن، وليس طردها خارج اليمن، حتى بعد تورطها في أعمال خارج إطارها المعلن. وعن طريق ميناء جدة، تحت عنوان صناعات سعودية المنشأ، وليست خارجية! مع تدفق غيرها من الأموال في صورة مرتبات موظفي القطاع الحكومي، وغيرها من أموال إعادة الإعمار. إلى جانب مد الرياض يدها للتحكم بالاقتصاد في اليمن، بتقديمها ثلاثة مليارات دولار وديعة لبنك عدن المركزي لدعم الريال، وثني محافظ بنك عدن المركزي، عن قراراته بإلغاء عملة الريال المتداولة تحت سلطة صنعاء، وإيقاف التعامل مع ستة بنوك رفضت نقل مكاتبها الرئيسية من صنعاء إلى عدن، ومطالبة سفيرها لدى اليمن محمد الجابر، إبعاد أحمد عوض بن مبارك عن رئاسة الوزارة الحالية، خلفاً لمرشحها معين عبد الملك. ناهيك عن رعايتها لمؤتمر الرياض 2019م، وتشكيلها مؤخراً قوات درع الوطن، ضمن قراراته.
كما لا يغيب عن البال، حشر محافظتي حضرموت والمهرة وجزيرة سقطرى، ضمن مساعدات الرياض، التي ستوجه نحو دعم الموالين لها في هاتين المحافظتين، فهي تسعى جاهدة لإنجاز بناء أنبوب النفط الخراخير - نشطون الذي باشرته عام 2019م، وحصولها على منفذ على بحر العرب، ودعم مجلس حضرموت الذي شكلته لديها في تشرين الثاني/نوفمبر 2023م، كل ذلك يهدد باقتطاع حضرموت عن اليمن، والمهرة وسقطرى، اللتان يبدو أنهما وسيلة ضغط أمريكية على بريطانيا، لتركهما لعملاء بريطانيا، مقابل حصول أمريكا على حضرموت وجزيرة ميون، عن طريق الرياض.
إن قيام الرياض بعقد مؤتمر للنازحين واللاجئين في جدة، يعني أن الرياض أُوْكِلَ إليها تمرير مخططات واشنطن في المنطقة، منذ أن قادت تحالف الحرب على اليمن في 26 آذار/مارس 2014م لإبعاد علي صالح وعائلته عن الحكم، وتدمير قوات الحرس الجمهوري "بريطانية الهوى"، بما يندرج تحت إعادة هيكلة الجيش، الذي تتولاه واشنطن، لتستبدل به جيشا "أمريكي الهوى" ضمن بنود اتفاق مؤتمر الحوار المنعقد في آذار/مارس 2012م في العاصمة صنعاء.
إلى جانب تقارب الرياض وطهران في آذار/مارس 2023م، فقد تناقلت وكالات الأنباء يوم الخميس 24 تشرين الأول/أكتوبر المنصرم، تصريح المتحدّث باسم وزارة الدفاع السعودية العميد الركن تركي المالكي "إنّ القوات البحرية الملكية السعودية أجرت أخيراً مناورة بحرية مشتركة مع القوات البحرية الإيرانية، إلى جانب دول أخرى، في بحر العرب". وكان قائد بحرية طهران العميد شهرام إيراني قد كشف مساء الثلاثاء، 22 تشرين الأول/أكتوبر المنصرم، "أن السعودية اقترحت على إيران إجراء مناورات بحرية مركبة مشتركة في البحر الأحمر"، بحسب ما أوردته وكالة أنباء ايسنا من إيران. كما أن البلدين وجها الدعوة بعضهما لبعض للحضور في موانئ أراضيهما أيضاً.
تعلق أمريكا على محمد بن سلمان القيام بأعمال تخدمها، كالتي قام بها مصطفى كمال، منذ قرن من الزمان من هدم الحكم بالإسلام، وإلغاء للخلافة، وحراسة حدود تقسيم المنتصرين للشرق الأوسط.
إن سبب توجيه تعامل الرياض المباشر مع صنعاء عن عدن، هو نسيان إخراج الحوثيين منها، وتأهيلهم للبس لبوس الشرعية الدولية للحكم، الهدف الذي قامت من أجله عشر سنوات من الحرب على اليمن - وبيّن وحذر منها حزب التحرير - كان من الأفضل توجيهها لقتال كيان يهود الذي انبرى لإبادة أهلنا في غزة، في ظل انشغال المسلمين في المنطقة بقتال بعضهم بعضا، خدمة لمطامع الدول الاستعمارية الغربية المتصارعة على بلادهم لتبقى متشرذمة، ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي بدأ عام 2006م، واحتلال موقعها الاستراتيجي، الذي بدأ مع نهاية الحرب العالمية الأولى، ويستمر حتى الآن، بإذلال أهلها، وجعلهم ينفذون مخططاتها الشيطانية بأيديهم، ونهب خيراتها، والحيلولة دون استعادتهم سلطانهم الذي نُهب منهم، يقررون بأنفسهم، ويعيدونه أينما كان، في دولة تبسط جناحيها عليهم، تعيد أمجادهم إلى سابق عهدها.
هل أدرك المسلمون، مصيبة غياب دولة الخلافة عن الوجود، وتحكم أعدائهم بهم، في ظل غياب الحكم بالإسلام. وعن تحول الصراع بينهم وبين أعدائهم، إلى الصراع فيما بينهم؟! فمن من المسلمين اليوم ينكر وجوب إقامة دولة الخلافة، ولا يريد العمل مع حزب التحرير لإقامتها؟
رأيك في الموضوع