أعلنت الخارجية الكازاخية مساء الجمعة عن انعقاد اجتماع أستانة التآمري في كازاخستان يومي 11 و12 تشرين الثاني/نوفمبر تشرين الثاني الجاري، وكان المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون قد حذر يوم 29 من الشهر المنصرم من أن يؤدي التصعيد الإقليمي إلى انهيار اتفاقيات وقف إطلاق النار التي أدت وفق تعبيره، إلى تجميد خطوط التماس داخل سوريا لما يقرب من أربع سنوات، وإن كان بشكل غير مثالي، مؤكداً الحاجة إلى مزيد من العمل لخفض التصعيد وصولاً لوقف شامل لإطلاق النار بما يتماشى مع القرار 2254.
وقال بدر جاموس رئيس ما يسمى هيئة التفاوض السورية: "نأمل أن يدعم ترامب تطلعات الشعب السوري في الحرية والعمل على تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254"، في توافق تام مع التوجه الأمريكي والدولي في الترويج للقرارات الأممية التي تحافظ على النظام المجرم وتمنع الثورة من تحقيق هدفها في إسقاطه.
وفي أحدث التطورات المحلية ما زال النظام التركي يسعى عبر قادة الفصائل الأدوات للسير في ملف التطبيع مع النظام المجرم، فقد أوعز لأدواته بمحاولة ثالثة لفتح معبر أبو الزندين قرب مدينة الباب شرق حلب، بين المناطق المحررة ومناطق سيطرة النظام يوم 4 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، عبر عملية مخطط لها سابقا وترويج إعلامي على مدار أيام وأسابيع بأنه تم اتخاذ قرار فتح المعبر بالقوة، حيث أقدمت الشرطة العسكرية المرتبطة بشكل مباشر بالمخابرات التركية باستغلال الركاب الذاهبين إلى حلب عبر معبر عون الدادات الواصل بين المناطق المحررة ومناطق سيطرة "قسد" ودفعت بهم باتجاه معبر أبو الزندين في محاولة لفتحه ووضعهم في مواجهة أهلهم المعتصمين الرافضين لفتح المعبر لأنه أصبح من المعروف لكل أبناء الثورة أنه خطوة ومقدمة للتطبيع مع النظام، وعلى أثر ذلك خرجت جموع الأحرار من مدينة الباب ومن عموم المناطق وتوجهت للمعبر وتمت مؤازرة المعتصمين الذين قطعوا الطريق وأفشلوا هذه المحاولة.
هذه المحاولات لفتح المعبر ما زالت تأتي بالتوازي مع تصريحات أردوغان عن ضرورة التقدم في ملف التطبيع والمصالحة مع طاغية الشام، وسعيه الحثيث مع روسيا لتفكيك عقدة الرفض الثوري لفتح المعابر والانتقال للتطبيع مع الأسد في تخادم واضح بين الدورين الروسي والتركي في دعم بشار وعصابته المجرمة، وقد رأينا منتصف الشهر الماضي كيف أقدمت أسراب الطائرات الروسية وعلى مدار أيام عدة على قصف أطراف مدينة إدلب في ظل حديث هيئة الجولاني عن معركة مزعومة لتحرير حلب روّج لها إعلامه وذبابه الإلكتروني في ظل ارتفاع وتيرة المطالب الشعبية باستعادة القرار العسكري وفتح الجبهات على النظام المجرم، فجاء القصف الروسي كرسالة متفق عليها بين تركيا وروسيا، وما تبعها لاحقا من إعلان إلغاء العمل العسكري المزعوم، لأن الهدف لم يكن العمل وإنما محاولة الالتفاف على الضغط الشعبي المطالب باستعادة القرار العسكري وفتح الجبهات الذي تحول إلى رأي عام في أوساط أبناء الثورة ما دفع النظام التركي وعميله الجولاني للتلويح بقرب فتح المعارك ومن ثم التراجع عن ذلك في محاولة لبث اليأس في نفوس أهل الثورة، وهي خطوة ماكرة لامتصاص النقمة التي وصلت حتى أوساط العسكريين بضرورة فتح الجبهات، وهو ما يخالف التوجه العام والخط الذي يسير فيه النظام التركي بوقف جميع الأعمال العسكرية وإنهائها نهائيا والسير في عملية التطبيع والتسليم؛ وهذا الاسم المخفف لما ينتظر أهل الشام من عصابات النظام الوحشية في السجون والمعتقلات، وهو عين ما يدعو له بيدرسون والمعارضة المدجنة بكل أشكالها، وهو التطبيق الحرفي للقرار الأممي 2254 الذي ما زال الكثيرون يحسنون الظن به ويدعون له بأنه الحل الوحيد لما يسمونها "الأزمة" السورية.
إن تراجع الجولاني عن عمله العسكري المزعوم ستكون له تبعات كبيرة داخل صفوف عناصر هيئته خصوصا بعد عدم اقتناع كثير منهم بالتبريرات لإيقاف العمل وانكشاف حقيقته وأنه كان إبرة تخدير ريثما يتمكن النظام التركي من إيجاد وسيلة أخرى من الخداع لتمرير التطبيع، خصوصا وأن محاولات تبرير الشرعيين داخل الهيئة لم تقنع جمهور المجاهدين بل زادت الطين بلة، وأحدثت شرخا كبيرا بين قيادة الهيئة المتواطئة مع المعلم التركي وبين العناصر، ووعيا على الحقيقة التي يريدون مغافلتهم بها وأخذهم على حين غرة، وهو ما ستكون له تبعات كبيرة في المستقبل.
أما الحراك الشعبي فما زال مستمرا في طريقه التي انطلق بها، وتبلورت ثوابته في أذهان الجميع وملخصها إسقاط الجولاني وجهاز ظلمه وإطلاق سراح المختطفين، ورفع الوصاية التركية واستعادة القرار العسكري وفتح الجبهات لإسقاط النظام المجرم، لتحقيق أهداف الثورة التي لن تتم دون الالتزام بهذه الثوابت.
إن النظام التركي كشف منذ سنوات عن وجهه الحقيقي، وكذلك قادات الفصائل قد ظهرت حقيقة دورهم، ولن تستمر الثورة بوجودهم لأنهم أصبحوا عقبة تضاف للعقبات التي تواجه الثورة، ولذلك فإن خلعهم وإسقاطهم واستعادة القرار العسكري سيكون مقدمة طبيعية لرفع الوصاية التركية عن الثورة لشق طريقها من جديد نحو دمشق بارتباط مع الله سبحانه وتعالى وحده كما انطلقت بعيدا عن أي ارتباط خارجي ومال سياسي يعكّر عليها سيرها لتحقيق أهدافها.
ثورة الشام المباركة ما زالت تتصدى لكافة المؤامرات ويعمل أبناؤها الصادقون المخلصون بجد لإزالة كافة العقبات من أمامها متوكلين على الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، وتبقى الخطوة الأهم في طريق مرضاة الله واستنزال نصره بنبذ القيادات الفصائلية التي تحولت من الارتباط بالنظام التركي إلى العمالة التامة، وهذه في الحقيقة تحتاج مجهودا كبيرا من أبناء الثورة ومن المجاهدين بعمل جماعي متوازٍ يهدف بالنتيجة لاستعادة القرار العسكري.
إن الله سبحانه وتعالى يعلم ضعف المؤمنين ويرى قوة أعدائهم وما يحشدونه وما يخططون له من مكر وتآمر تنوء بحمله الجبال، ولكن الله وعد عباده بالنصر إن هم تمسكوا بما عاهدوه عليه وثبتوا في الطريق إليه، وإننا نرى تهيئة الله للعالم لعودة الإسلام إلى الحياة ونرى تباشير قرب ذلك اليوم، في ظل تفاقم الصراعات الدولية وانهيار منظومة القيم والأفكار والمفاهيم الغربية ومقدمة للانهيار الحقيقي الذي لن يكون إلا بإقامة دولة للإسلام التي ستقضي فعليا على الرأسمالية المتوحشة التي أهلكت الحرث والنسل، فقد أتى أمر الله بالتخلص منها وما هو إلا وقت قصير حتى تصبح أحاديث عن زمنٍ توسد فيه المجرمون العالم في غياب سلطان المؤمنين الذين يتولاهم لطف الله ومعيته، فالله حافظ دينه وناصر عباده وهو هازم الأحزاب وحده، وعلى العاملين الثبات على أمر الله فقد اقترب موعد النصر، وستعود الشام بإذن الله عقر دار الإسلام كما كانت يسري الإسلام في عروقها وتحمله دعوة للناس أجمعين.
رأيك في الموضوع