تم إحباط محاولة لتنظيم صراعات محلية يعقبها احتجاجات جماهيرية وأعمال شغب مسلحة في قرغيزستان، بهدف إثارة الفتنة بين الأعراق وتنظيم انقلاب. وقد تم تحديد هوية جميع المشاركين فيها، بمن فيهم القادة من المستوى المتوسط، وتم اعتقالهم. هذا ما أعلنته لجنة الدولة للأمن القومي في 10 نيسان/أبريل.
"إن أعضاء المجموعة كانوا يخططون لتصوير فيديو مفبرك، تظهر فيه "فتاة قرغيزية مضروبة ونصف عارية"، ويُزعم أنها تعرضت لانتهاكات على يد أجانب. ووفقاً للسيناريو، ستظهر الفتاة القرغيزية في الفيديو وهي تتوسل وتطلب المساعدة. (سبوتنيك، 9/4/2025م)
وكانوا يهدفون من خلال القيام بذلك، إلى رفع شعارات قومية وتنظيم حدث على غرار أحداث أيار/مايو 2024. ومن الجدير بالذكر أن مقطع فيديو يظهر قتالاً في سكن للطلاب الأجانب في ذلك التاريخ تسبب في اندلاع اشتباكات عرقية في العاصمة. وكشفت تلك الحادثة عن ضعف الأجهزة الأمنية وكادت أن تخرج الأمور عن السيطرة. وبسبب ذلك تدخل العلماء لوقف الشباب الغاضبين، وقمع المشاعر القومية.
وفي شهر تموز/يوليو 2024، اعتقلت الأجهزة الأمنية عدة أشخاص، بتهمة تنظيم اضطرابات في البلاد ومحاولة الاستيلاء على السلطة بالقوة المسلحة. وفي 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، أعلنت وزارة الداخلية اعتقال سبعة أشخاص يشتبه في تورطهم في تنظيم أعمال شغب جماعية بهدف الاستيلاء على السلطة في يوم انتخابات المجالس المحلية المحدد إجراؤها في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2024. وكان من بين المعتقلين ثلاثة أجانب. ووفقاً للتحقيق، فإن المنظِّم الرئيسي هو نائب المدعي العام السابق كوبان أديل أولو. (ky.kloop.asia، 13/11/2024).
وفي الانتخابات المحلية، تمت إزالة حزب الرئيس السابق ألمازبيك أتامباييف الديمقراطي الاجتماعي من القائمة الانتخابية، واعتقل زعيمه تيميرلان سلطانبيكوف وعدد من أعضاء الحزب.
التقى الرئيس صدر جباروف مع وفد من البرلمان الأوروبي والاشتراكية الدولية في نهاية شهر شباط/فبراير من هذا العام، حيث نوقشت فيه القضية الجنائية المرفوعة ضد أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي و"الوثيقة السرية" المفروضة عليهم. وأكد الرئيس في كلمته، أن هناك حقائق تشير إلى أن مرشحي الحزب في بيشكيك وأوش مولتهم الاشتراكية الدولية. وقال جباروف: "إذا نظرت المحكمة في القضية علناً، فسيتضح كل شيء. في هذه الحالة، قد تتضرر علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي والاشتراكية الدولية. نحن لا نريد هذا". (kaktus.media، 27/2/2025).
ففي 24 شباط/فبراير الماضي، اعتقل 11 شخصا بتهمة محاولة القيام بانقلاب في البلاد. وبحسب المعلومات فإن أحدهم كان نائبا سابقا في مجلس النواب. "في 20 كانون الأول/ديسمبر 2024، وردت معلومات تفيد بأن بعض أعضاء الحركة الشعبية "وحدة أربعين قبيلة وسبع مناطق" كانوا يعقدون اجتماعات منتظمة بهدف تنظيم اضطرابات جماعية. وكانوا يهدفون إلى زعزعة استقرار الوضع في البلاد. (سبوتنيك، 24/2/2025).
وبناء على ما تقدم، فمن الممكن القول إن المعتقلين في العاشر من نيسان/أبريل الجاري هم جزء من قوى المعارضة التي تتحرك ضد ضغوط السلطات المتزايدة. وقد حاولوا تجميع القوة في المناطق القريبة من المركز، الذي كان قوة رئيسية خلال الثورات على المستوى المحلي، واعتمدوا على الدعم المالي من أوروبا. لأن الخطوات التي اتخذتها قرغيزستان نحو إقامة نظام دكتاتوري غير مقبولة بالنسبة لأوروبا. كما أن استخدام بعض القوى التخريبية للضغط على النظام ليس أمراً ضاراً بالنسبة لروسيا. وعلى الرغم من أن إقامة نظام دكتاتوري لا يتعارض مع مصالح روسيا، فإن ما يهمها هو أن ينتهج النظام القرغيزي سياسات تتوافق مع رغبات الكرملين.
ولذلك يمكن القول إن القوى الدولية الاستعمارية لا يهمها سفك الدماء وتدمير البلاد إطلاقا من أجل تحقيق مصالحها، لأن الأهم بالنسبة لها هو نشر نفوذها في كل منطقة وتمهيد الطريق لها لاستخدام الموارد المحلية من خلال عملائها. ولتحقيق ذلك فهي تستخدم أفكاراً ضيقة من مثل القومية والإقليمية التي ترسخت في أذهان الناس. في المقابل، فإن السياسيين الشعبويين المحليين، بسبب حبهم الشديد لكرسيّهم، يحاولون فقط إرضاء سادتهم الكفار. ولكن سادتهم لم يكونوا راضين عنهم دائماً حتى في تلك الحالة ويقومون بتغييرهم حسب ما تقتضيه مصالحهم. لذلك ينبغي للمسلمين أن ينظروا إلى كل حادثة من زاوية العقيدة الإسلامية، حتى لا يتحولوا إلى أدوات في أيدي قوى الإجرام الدولية.
بقلم: الأستاذ ممتاز ما وراء النهري
رأيك في الموضوع