(مترجم)
فاز بوريس جونسون في الانتخابات العامة في بريطانيا في 12 كانون الأول/ديسمبر 2019. حيث حصل حزب المحافظين على فوز ساحق، وهذا يعزّز موقفهم الآن في البرلمان. ما يعني أنه يمكن معرفة ما إذا كانت الأغلبية ستصوت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي قسم البلاد لفترة طويلة.
على الرغم من معاناة سبّبها حزب المحافظين للشعب لعقد من الزمان بفرض التقشف عليهم، وعلى الرغم من ازدراء الفقراء وإهمالهم للخدمات العامة، إلا أنّ الكثيرين لجؤوا لحزب المحافظين على أمل أن تتغير الأمور. حيث كان لحملة حزب المحافظين جانبان؛ الأول هو أن حزب المحافظين هو الحزب الوحيد الذي يمكنه إلغاء البريكست (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) والثاني الكذب حول أحزاب المعارضة.
أمّا ما يخص الجانب الأول، فقد فشل حزب المحافظين في إلغاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لأن الأمر نفسه منقسم حول هذا، ولهذا السبب خسر اثنان من رؤساء الوزراء وظيفتهما. بوريس جونسون نفسه، الذي أصبح رئيساً للوزراء في تموز/يوليو، قد تغيّب بالفعل عن اثنين من المواعيد النهائية الخاصة بالبريكست، لقد تم كشفه وهو يكذب على الجماهير في مناسبات عديدة.
في الوقت الذي نجح فيه حزب المحافظين في خلق أكاذيب عديدة حول المعارضة والتي كان لها تأثير كبير على المؤيدين لحزب العمال والذين يصوتون لصالح هذا الحزب. لقد انتُقد حزب العمال من وسائل إعلام يمينية لوجود أعضاء ضمن صفوفه معادين للسامية على الرغم من وجود نصف مليون عضو في هذا الحزب إلا أنّ عدداً قليلاً منهم قام بنشر تعليقات على الإنترنت حول اليهود، وهذا ما كانت تنشره وسائل الإعلام باستمرار ضد زعيم حزب العمال جيريمي كوربين.
خسر حزب العمال 60 من مقاعده، 50 منها ذهبت لحزب المحافظين. الكثيرون منهم تحدثوا إلى وسائل إعلامية بعد الانتخابات واعترف الكثيرون أنهم سيعودون إلى حزب العمال في الانتخابات القادمة لأنهم يريدون فقط الخروج من الاتحاد الأوروبي.
كبداية أولية، قامت منظمة غير ربحية تعمل على نشر أخبار مزيفة بتحليل كل إعلان تروج له الأحزاب السياسية الرئيسية الثلاثة في بريطانيا على مواقع التواصل الإلكتروني الواسعة في الأيام الأربعة الأولى من شهر كانون الأول/ديسمبر. لقد وُجد أن حوالي 90٪ من الإعلانات على الفيس بوك والتي يدفع ثمنها المحافظون تتضمن ادعاءات مضللة. استراتيجية حزب المحافظين كانت مبنية على الأكاذيب والمزيد من الأكاذيب. العديد من الناشطين المسلمين والعلماء جعلوا المشاركة في الانتخابات أمراً واجبا. ويناقش الكثيرون الأمر من زاوية أننا نحتاج إلى المشاركة من أجل تأمين مصالحنا وبالتصويت سنقلل من الضرر. وأخبر العديد من المسلمين بأن التصويت لصالح حزب العمال من أجل إبعاد حزب المحافظين.
بفهم بسيط جدا للواقع السياسي في بريطانيا يُظهر أن المسلمين أصغر من أن يؤثروا في الانتخابات التي تحصل فيها. وبإلقاء نظرة بسيطة على العقدين الأخيرين يظهر بأنه سواء أكان حزب العمال أو حزب المحافظين في السلطة، فقد ظلت السياسات تجاه المسلمين كما هي. العمال هم من المؤيدين المتحمسين لأجندة المثليين، وهم الطرف الذي بدأ أجندة الممانعة التي استمر فيها حزب المحافظين.
يتمتع حزب المحافظين الآن بأغلبية ولطالما عارض فكرة الخروج من الاتحاد الأوروبي لأنها ستضعف بريطانيا. في حين سيكون بوريس جونسون قادراً على إبرام اتفاقه من خلال البرلمان، فهذا مجرد اتفاق للخروج من الاتحاد الأوروبي، فلا تزال هناك مفاوضات عديدة بشأن العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بمجرد خروجها. وبما أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الرئيسي لبريطانيا، فإن المفاوضات الصعبة والمعقدة بشأن هذه المفاوضات لم تبدأ بعد.
الاقتصاد العالمي كله مترابط وبخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فلن يكون لبريطانيا رأي في القواعد والاتفاقيات الجديدة التي سيضعها الاتحاد الأوروبي، لكنها ستتأثر بكل ما يفعله الاتحاد الأوروبي. ألقى الساسة البريطانيون باللوم في ضعف بريطانيا في التأثير على الاتحاد الأوروبي والأجانب والمهاجرين، ولكن الواقع هو أنها تحتاج إلى كل هذه الأمور لأن عدد سكانها يتناقص. وسيجد الكثيرون بمجرد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أن المشاكل الأساسية ستظل قائمة.
في حين إن الكثيرين قد يرون أن النتيجة الانتخابية هي بداية النهاية، إلا أن الواقع أنه لا يزال أمامنا طريق طويل، وهناك العديد من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها، ولمجرد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هي طريقة سهلة للغاية للبحث في التحديات التي أمامها.
بقلم: الأستاذ عدنان خان
رأيك في الموضوع