لقد أصبح الإعلام المضلل يمارس دوره من خلال بث الحوارات بين الجماعات المحسوبة على الإسلام، وأخرى أشد عداوة للإسلام، ولا يرون ضيراً في أن يأخذ المسلمون من جميع الأنظمة والقوانين الوضعية بحجة الضرورة العصرية، وتقديم المصالح متجاهلين أننا نحن المسلمين لنا طراز عيش خاص بنا رسمه لنا ديننا، ومنهجنا القويم، وأن لنا طريقة عيش لا نستطيع الحياد عنها، ولا يجوز لأي مسلم أن يخرج عن هذا الطريق مهما تغيرت الأحوال ومهما دارت الأيام، لأن طريقة عيشنا تصلح لكل زمان ومكان.
إن هذه الشبهة التي جاء بها أعداء الإسلام هي من أشد القضايا خطراً على قلوب وعقول كثير من المضبوعين بالفكر الغربي، وإن السلاح الذي يستعمله المجرمون هو سلاح مدمر مؤثر أكثر مما يؤثر السلاح الفتاك، وإن هذا السلاح الذي يستعمله الغرب هو سلاح الحيلة، والشبهة، وتحريف الكلم عن مواضعه، والخديعة في الطرح والعرض في وسائل الإعلام المغرضة، إذ استغله أعداء الله في كل شيء فهم يحاولون عرض أفكار وأحكام الإسلام عرضاً لا يتوافق مع ما جاء به الإسلام ليجعلوه حجة يغزون بها عقول المستضعفين، وإن هذا العرض الذي يقدمه النظام الدولي لأهل سوريا من أجل بناء دولتهم هو عرض علماني واضح يتناقض مع مبادئ وقيم المسلمين ليمهدوا لثقافات لا تمت لقيمنا لا من قريب ولا من بعيد، ولا تتفق مع عقيدتنا وطريقة عيشنا بصفتنا مسلمين، وأما ما يدّعون بخصوص حماية العرقيات الصغيرة فهذه كذبة وافتراء.
فدولتنا التي بناها رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم استطاعت أن تحكم العالم عقودا مديدة، واستطاعت أن تحمي وتصون حقوق جميع رعاياها المسلمين وغير المسلمين بلا تمييز ولا تمايز، فكلٌّ له حقوق وعليه واجبات، في حين لم تستطع الحضارة الغربية الحالية أن تقدم لهذه الإثنيات ما قدمته حضارة الإسلام، وهذا باعتراف قساوستهم ومفكريهم المنصفين.
فهم يحاولون أن يكون التغيير أو بالأصح الهدم الذي يريدونه على يد أبناء جلدتنا، المتكلمين بألسنتنا، لأنهم أكثر تأثيرا، فهم يعملون أولاً على إقصاء العقيدة الإسلامية من مسرح الحياة كي يصلوا إلى مسخ شخصية الأمة الإسلامية، ودفن منابع الأصالة، وتحريف مقوماتها الحضارية، وإثارة العجز في نفوس المسلمين، ليشعر المسلم بالتخلف وعدم قدرته على مسايرة الواقع، وبالتالي محاولة حرفه عن عقيدته إلى قوانين الغرب، وفكره وثقافته، لتقطع عنه قوته المعنوية التي تمده بأسباب النصر والتمكين.
لذلك يحاولون بما أوتوا من قوة حرمان المسلمين من اختيار طريقة عيشهم، وليحرموهم من إقامة دولتهم دولة العدل والحق، لذلك فهم ينكرون على المسلمين العمل السياسي، ويتهمونهم بالراديكالية، والتطرف وغيرها كثير من الافتراءات، مع أنهم لا ينكرون العمل بالسياسة أو إقامة يهود الغاصبين دولتهم على أرض فلسطين المباركة على أساس ديني، ويرمون الإسلام بشتى التهم التي لا تراعي قيمه ومبادئه بل يدّعون أن أحكام الإسلام لا تصلح لهذا الزمان، ويزعمون أن تطبيق الإسلام يجب أن يخضع لمذاهب العصر البشرية!
إن مما لا ريب فيه أن الاستعمار بكل أشكاله ما دخل بلداً إسلاميا إلا وأعلنها حرباً سافرة على نظام رب العالمين، متبعا أنواع الخديعة، عاملاً على إحلال القوانين الغربية محل الشريعة الإسلامية، وقد وجد من أبناء جلدتنا من يساعده في عمليته الخبيثة هذه.
إن الإسلام أمانة الله بأيدينا، لذا علينا أن نحافظ على الأمانة، ويجب أن يؤدي كل منا مسؤوليته تجاهها، لقد صانها أجدادنا، وحافظوا عليها، وتحملوا في سبيلها ما تحملوا، وجادوا بكل غال وثمين من أجلها، والأمة تتعرض اليوم لغزو شرس من أعدائها لخيانة هذه الأمانة والتفريط بها، ومن ثم ليتسنى لهم تدميرها.
إن مبدأ الإسلام، هو منهاج حياة كامل، فما أحوجنا إلى من يطبقه علينا، ويقيم أحكامه فينا، وها هو حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله، قد نذر نفسه وشبابه من أجل هذا الهدف السامي والغاية النبيلة، فهو لم يبخل في تقديم كل ما يملك من جهد ووقت في سبيل إعلاء كلمة الله بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فهلمّ أيها المسلمون وأعلنوها مدوية (لا إله إلا الله محمد رسول الله) تسودون بها الدنيا، وتملكون قيادة العالم بها، لتعودوا بحق خير أمة أخرجت للناس، ولتكنسوا أباطيل الرأسمالية القذرة وتنقذوا العالم من دياجيرها.
بقلم: الأستاذ مؤنس حميد – ولاية العراق
رأيك في الموضوع