ذكرت الأخبار أن وزراء من كيان يهود قدموا طلبا للحصول على الموافقة اللازمة لاقتحام المسجد الأقصى يوم الخميس 18/5/2023، وقد جاء ذلك مع إصرار حكومة الاحتلال على تسيير مسيرة الأعلام كما خطط لها.
يصر كيان يهود على استفزاز مشاعر المسلمين بمثل هذه الاقتحامات وهذه المسيرة السنوية، فهو لا يقيم وزنا لمشاعر المسلمين وأهل فلسطين الذين يستفرد بهم بالقتل والقصف والاغتيالات، ولا يأبه لردود الأفعال الممجوجة من الأنظمة المحيطة بالأرض المباركة، فالمسيرة ورقة تزيد الحظوظ الانتخابية للنخب الحاكمة في الكيان وتساهم في تكريس مكانتهم السياسية، فلا يقيمون وزنا لكل ما تقوم به الأنظمة والسلطة الفلسطينية من استنكارات فارغة لأنهم عهدوا هذه الاستنكارات وعهدوا ردود أفعالهم الهزيلة.
ويستند كيان يهود في هذه الاقتحامات والمسيرات إلى النظام العالمي وعملاء أمريكا من الحكام في بلادنا، فهم مجرد أزرار تقوم بالضغط عليهم متى شاءت، وضبط ردود الأفعال في المضمون والإطار الذي يخدم سياساتها، فكيان يهود يشعر بأنه في مأمن من الخطر، ومن ردود الأفعال الحقيقية التي يجب أن تكون موازية لقيمة ووزن المسجد الأقصى والأرض المباركة، وعلى حجم وثقل هذه القضية عند الأمة الإسلامية، فهو يشعر بالاسترخاء والأمن لأنه يدرك أن هذه الأنظمة تحرسه وتطبع معه، وأن السلطة الفلسطينية تسير في المنظومة نفسها وأن الأفق الذي يمكن أن تعمل به السلطة الفلسطينية هو الارتماء في أحضان الأمم المتحدة والاستنكار وطلب الحماية الدولية.
وفي ظل هذه الحقائق تبقى قضية الأرض المباركة تراوح مكانها من تصعيد إلى آخر، ويبقى التساؤل قائما: ما هو الأفق السياسي الذي يحكم هذه الدوامة؟
وأمام هذا التساؤل يقف الجميع، سواء كيان يهود أو غيره، يقفون أمام حقيقة إلى أين سنذهب؟ من تصعيد إلى آخر، من جولة قتال إلى جولة قتال أخرى، من تفجير إلى آخر، فما الحل وما الأفق؟
الأفق لدى ساسة يهود الذين يجلسون في سدة الحكم، هو التفكير بإخراج أهل فلسطين من الأرض المباركة، وأن تكون هذه الأرض خالصة لهم، ويمنون أنفسهم بتهجير أهل فلسطين والتخلص منهم عبر التضييق عليهم اقتصاديا وأمنيا، وهم في قرارة أنفسهم يدركون استحالة ذلك وأنهم يديرون أزمة ولا يصنعون حلا للقضية التي استعصت على الحل.
أما أمريكا فترى معالجة قضية فلسطين بحل القضايا الإنسانية الناتجة عن هذا الاحتلال بما يضمن تبريد المنطقة، فأمريكا لديها مصالح مع الأنظمة العميلة لها في بلاد المسلمين، والتي تقدم ثروات الأمة الإسلامية ومقدراتها وترابها على طبق من ذهب لأمريكا، فباتت مناطق نفوذ، وموقع استراتيجي تغرس فيه القواعد العسكرية وتحكم العالم من خلال سيطرتها على هذه المنطقة، فأمريكا تريد حلا لا يهدد مصالحها، وفي الوقت نفسه يثبت كيان يهود كقاعدة دائمة في حربها على الأمة الإسلامية ومحاولة منع توحدها في كيان سياسي واحد، ويرى ذلك في حل الدولتين.
إلا أن جميع الأطراف تعلم استحالة حل الدولتين في ظل الظروف والوقائع التي فرضها كيان يهود على الأرض، فقد انتشرت مستوطناته على الأرض المباركة، وتمدد في كل ناحية ولا يوجد مكان لدويلة أخرى بجانبه، فلا أفق حقيقي لهذا الحل، وعلى الجانب الآخر تبقى السلطة الفلسطينية أداة بيد أمريكا، فتطالب دوما بحل الدولتين مع إدراكها أيضا بأنه سراب ووهم لا يمكن تطبيقه لكنها تسعى للحفاظ على نفسها وعلى امتيازات قادتها وتتقدم لأمريكا بالقرابين والتنازلات الدائمة من أجل ذلك فقط.
هذه هي الآفاق السياسية الخادعة والمتوهمة التي تحكم هذه الدوامة، أما الأفق الحقيقي والعملي للخروج من هذه الدوامة فيجرى استبعاده وإبعاد أهل فلسطين والأمة عنه، فالأفق الحقيقي للحل هو الحل الجذري باقتلاع هذا الكيان مرة وللأبد، وللخروج من هذه الدوامة من الاعتقالات والاقتحامات والاغتيالات والقصف يجب تفعيل ذلك الحل وإعادة ربط أهل فلسطين بأمتهم لتعود القضية قضية أمة.
إن غياب هذا الحل وعدم تفعيله والوعي عليه يكلف الأمة الإسلامية وأهل فلسطين خصوصا دماً بشكل مستمر ودائم، فلماذا نؤجل تحرير فلسطين واقتلاع هذا الكيان من جذوره؟
فالأمة الإسلامية قادرة على تحرير الأرض المباركة، ويجب استنصار الأمة وجيوشها وتفعيل هذا الحل، وإذا كان هناك من يقدر على تحرير الأرض المباركة بمعزل عن الأمة الإسلامية، فلماذا لا يقوم بذلك؟ إذا كان لا يقوم بذلك وهو قادر على تحرير فلسطين كما يدعي النظام الإيراني مثلا فإن تلك خيانة، فهل يريد بقاء أهل فلسطين تحت الاحتلال ومسرى رسول الله ﷺ تحت التدنيس والاقتحامات؟! أم يريد لأهل فلسطين أن يكونوا بشكل دوري تحت القصف والتدمير والقتل والاغتيالات؟!
نحن أمام حقيقة صارخة وهي أن الحل الجذري لقضية الأرض المباركة هو التحرير، والتحرير هو باتصال هذه القضية بالأمة الإسلامية، والجهة الوحيدة القادرة على التحرير هي جيوش الأمة الإسلامية، فيجب استنصار جيوش الأمة الإسلامية، ويجب اقتلاع هذه المنظومة التي تحرس كيان يهود والتي تمده بشرايين الحياة، سواء بالاتفاقيات أو الهدن أو الشراكات الاقتصادية والتطبيع.
هذه المنظومة يجب اقتلاعها وإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فتحرك الجيوش وتحرر فلسطين وإلا فإننا سنبقى ندفع الثمن من دماء المسلمين. وإننا ندعو ضباط وجنود وجيوش وقادة الجند في الأمة الإسلامية لتفعل هذا الحل، ندعوها للقيام بواحبها الشرعي والتحرك الفوري لتحرير فلسطين، فإذا ما حررت فلسطين فلن تبقى هنالك اقتحامات أو اغتيالات ودماء مسفوحة، ولن يبقى هنالك قصف ولا تدنيس للمسجد الأقصى المبارك.
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة (فلسطين)
رأيك في الموضوع