محافظة تعز في اليمن تُعد السبّاقة في انطلاق الثورات ضد الظلم والاضطهاد، وإذا أردنا أن نركز الحديث على منطقة تعز في وسط هذا الخضم من الأحداث فلنبدأ من ثورة الربيع العربي، لقد كانت أول تحركاتها من تعز، والتي خرجت منادية بإسقاط النظام الديمقراطي الجمهوري المنبثق من رحم عقيدة فصل الدين عن الدولة المتمثل بنظام الهالك علي صالح في 3 شباط/فبراير عام 2011 ثم تُوّجت بيوم الغضب في يوم الجمعة 11 شباط/فبراير عام 2011م، ولكن الأحزاب المعارضة أو ما تسمى بأحزاب اللقاء المشترك ركبت الموجة واستغلت هذه الثورة لمصالحها الآنية والحصول على كراسي معوجة قوائمها مقابل المحافظة على نفوذ ومصالح الكافر المستعمر بريطانيا صاحبة النفوذ القديم في اليمن منذ عقود، وأمريكا التي تريد أن تحلَّ محلها.
ونظرا للموقع الاستراتيجي لمحافظة تعز حيث يمتد من وسط اليمن إلى ساحل البحر الأحمر، ويمتد جنوباً إلى مضيق باب المندب، أحد أهم ممرات الشحن في العالم. وقد دفعت المحافظة ثمناً باهظاً خلال العقد الأخير نتيجة انطلاقة الثورة من ساحة الحرية ثم أردفتها بمسيرة الحياة من تعز إلى صنعاء، وعلى أثر هذه الثورة حاول الغرب الكافر نشر الفوضى والخراب عبر عملائه ليعاقب الناس بسبب تحركهم ضد الحكام، أيضاً استغلت دول الغرب هذه الثورات حيث عملت على إيصال عملائها للحكم وهذا ما حصل حيث أوصلت أمريكا الحوثيين إلى سدة الحكم في الشمال لسحق نفوذ بريطانيا المتمثل بهادي وأشياعه والأحزاب التابعة له، وبالتالي دخل اليمن في حالة من الصراع العسكري المباشر بين بريطانيا وأمريكا، وما زال أهل اليمن ومنهم أهل تعز يدفعون الثمن باهظاً ويتعرّضون لعقاب قاسٍ من طرفي الصراع الدولي عبر أدواتهما المحلية والإقليمية، واليوم يكتوي أهل اليمن بنار هذه الفتنة الدهماء، حيث دمرت عاصفة الحزم المشؤومة كل شيءٍ في اليمن، إلا الحوثي، الذي يزعمون أنهم جاؤوا ليحرروا البلاد من قبضته، فقُطعت الطرقات ومنها الطريق العام الذي يربط مدينة الحوبان بمحافظة تعز (المدينة) ومنطقة الحجرية، وذلك ليزيد من معاناة أهل تعز وخاصة أهل الحجرية كونهم أصحاب أعمال مختلفة في شتى محافظات اليمن، ثم انهارت العملة وتفشى الغلاء وحلَّ الفقر، وعُدم الغاز إلا في السوق السوداء وبأسعار خيالية، وترهل التعليم وانتشر الجهل، وتفشت الأمراض وكثر التسول في كل المدن وخاصة مناطق سيطرة الحوثي، هذا غيض من فيض ما وصلت إليه حال أهل اليمن.
إن السبب الرئيسي لهذه الاضطرابات السياسية والاقتصادية هو الصراع بين بريطانيا وأمريكا وأدواتهما الإقليمية والمحلية على النفوذ في اليمن، وبالتالي كان خروج المظاهرات في تعز وبقية المحافظات الواقعة تحت سيطرة قوات هادي والانتقالي عملاء بريطانيا أمرا طبيعيا، أما مناطق سيطرة الحوثي فالبطش شديد والتنكيل عظيم بكل من يخرج عليهم ولكن الناس غير قابلين بهم البتة، "في يوم الاثنين 27/9/2021م شهدت مدينة تعز احتجاجات غاضبة هي الأوسع منذ استئنافها قبل أسبوعين، تنديداً بتدهور العملة وزيادة أسعار السلع الأساسية. وجابت التظاهرات شارع جمال عبد الناصر أكبر شوارع المدينة، وصولاً إلى أمام مبنى السلطة المحلية وهتفوا بشعارات تندد بتدهور العملة المحلية وتطالب برحيل الحكومة ومحافظ تعز نبيل شمسان، كما أغلق المحتجون شوارع رئيسية أبرزها حوض الأشراف وجمال عبد الناصر وصينة ووادي القاضي والتحرير الأسفل" (الموقع بوست، 27/09/2021).
وكما يبدو من تتبع الأحداث فإن هذه المظاهرات خرجت فعلا بعد أن طفح الكيل وبلغ السيل الزبى، ولم يبق في قوس الصبر منزع من شدة المعاناة التي حلت باليمن وأهله (الظلم والجوع والخوف) ومع ذلك ما زالت هناك قيادات علمانية تريد أن تركب الموجة وتستغل تلك المظاهرات لتحقيق أهداف الكافر المستعمر، جاء في موقع الوحدوي نت: "أعلن يوم 19/09/2021م في محافظة تعز عن إشهار الحركة الشعبية لإنقاذ تعز (يكفي...) كحركة مدنية شعبية، تضم شخصيات سياسية ونقابية وحقوقية ونسوية وشعبية تنتمي لمدينة تعز. وكان الدكتور عبد الرحمن الأزرقي عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني منسقاً عاماً لهذه الحركة والشعبي ناطقاً رسمياً". لقد بينت هذه الأحداث فشل الأحزاب العلمانية وحتى التي تسمي نفسها إسلامية مثل حزب الإصلاح أثبتوا فشلهم، فعلى الناس أن تعي هذا الأمر وتبحث عن البديل الصالح الواعي لقيادتها والذي يجعل الإسلام له منهاجا قولاً وعملاً.
وهكذا ستظل هذه التحركات الشعبية تدور في دائرة مفرغة، بذر الرماد في العيون، بأعمال لا تجدي نفعا ولا تحل مشكلة إذا ظلت بدون قيادة مخلصة واعية على الحل الجذري وهو الاحتكام لشرع الله بإقامة دولة تطبق الإسلام، وإن حزب التحرير قد أعد العدة من رجال ومشروع للدولة على أساس الإسلام لكافة مناحي الحياة.
يا أهلنا في اليمن: جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رَضِيَ الله عنه، عن النبي ﷺ أنه قال: «لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ» رواه الشيخان، فما بالكم بلدغات الواحدة تلو الأخرى من هذه القيادات المجرمة العميلة التي باعت بنفسها وبلادها ورعاياها دنيا غيرها، فهي لم ولن تستطيع فعل شيء إلا برضا الكافر المستعمر!
يا أهلنا في اليمن: إن الله سبحانه وتعالى قد أخبرنا في كتابه العزيز فقال: ﴿إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى﴾ فقد ضمن الله لنا المطعم والمسكن والملبس، ولن يتحقق هذا في هذه الأنظمة الديمقراطية العفنة، بل بنظام الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي وعدنا الله بها، فاعملوا مع إخوانكم شباب حزب التحرير، فهم بينكم ومعكم، لإقامتها ولنجعل اليمن حاضرة هذه الدولة العظيمة، ﴿وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾.
رأيك في الموضوع