وافق مجلس الوزراء المصري على قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي إعادة تخصيص قطعتي أرض من المساحات المملوكة للدولة، في منطقتي رابعة وبئر العبد، ناحية وسط وشمال سيناء لصالح الجيش، وذلك بإجمالي مساحة تبلغ 89 ألفاً و960.55 فداناً، لصالح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للجيش، بزعم استخدامهما في أنشطة الاستصلاح والاستزراع، واعتاد السيسي على إصدار قرارات شبه دورية، بتخصيص مساحات شاسعة من الأراضي الساحلية أو المخصصة للتنمية العقارية أو السياحية أو الزراعية لصالح وزارة الدفاع، ممثلة في جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، وتتحول هذه الأراضي إلى مشروعات استثمارية وسياحية وعقارية للجيش.
أوامر التخصيص لم تقتصر على سيناء فقط بل كل الأماكن الحيوية في مصر حاليا ومستقبلا بحيث يصبح الجيش أكبر مالك للأراضي في مصر يستغلها في إقامة مشروعاته الاستثمارية أو يعيد بيعها للمستثمرين وتعود بذلك أرباحها لموازنة الجيش غير الخاضعة لرقابة الدولة، رغم أن جل تلك الأراضي كانت مملوكة لأفراد يقومون بزراعتها والسكن فيها تم تهجيرهم منها وتبويرها بدعوى الحرب على (الإرهاب) بحسب ما نقلته شبكة نوافذ الإخبارية عن الناشط السيناوي عيد المرزوقي الذي قال: "شمال سيناء تقريبا تم تخصيص كل الأراضي لصالح الجيش ما عندي وقت أحط وأجمع قرارات التخصيص آخرها اليوم ٨٠ ألف فدان وقبلها عشر قرارات تخصيص وكل قرار بمساحات واسعة للأسف لم نعد نملك شيء وكل من له أرض جرفت أصبحت أرض بور غير مزروعة وتم تخصيصها وكل المناطق الحيوية خصصت بقى لنا جبال التيه"، وأضاف: "هل معنى ذلك أن آلاف الأفدنة التي جرفت بسبب التهجير والحرب وهي من أجود الأراضي ويزرعها الناس منذ عقود ويدفعون عليها رسوم وضرائب ومسجلة بالزراعة أصبحت الآن أراضي بور؟ هل تبوير الأرض مقصود ليتم تخصيصها للجيش؟ هل تمت عملية الاستيلاء بفزاعة الإرهاب؟"، فما هي الغاية وراء هذا التخصيص ومن المستفيد منها؟ وهل حقا ستحدث التنمية التي يعد بها النظام؟!
خصوصية سيناء وموقعها وملاصقتها لكيان يهود الغاصب تضع الكثير من علامات الاستفهام حول ما يحدث فيها والأراضي التي يتم تهجير أهلها منها وتخصيصها لصالح الجيش تحت أي مسمى حتى لو كان حرما لمطار أو طريق أو ما شابه ذلك، حتى صارت أغلب أرض سيناء ملكا للجيش بقرارات تخصيص مباشر من الرئيس المصري، ما يضع المزيد من علامات الاستفهام، فالغاية الحقيقية ليست الحرب على (الإرهاب) كما يزعم النظام بل تسكين الجيش في تلك المناطق الحدودية الملاصقة لكيان يهود وقطاع غزة لتأمين الكيان وخنق القطاع حتى لا يصبح تهديدها قائما ليهود، فالغاية حتما ليست التنمية وإلا لتركوا الناس في أرضهم ومنازلهم وأعانوهم على استثمارها وزراعتها والاستفادة منها على الوجه الأمثل، وقطعا فالمستفيد من ذلك هو كيان يهود الذي تخلص من أهل سيناء المقيمين على الحدود الفاصلة وأصبح المتمكن من تلك الحدود قوات الجيش التي تأتمر بأمر النظام العميل الذي يحمي ويؤمن حدود الكيان ويتيح ليهود الدخول والخروج من سيناء كما يحلو لهم بينما يضيق على أهل مصر الدخول إليها والخروج منها.
أما عن التنمية فقطعا حتى لو حدثت تنمية فلن يشعر بها الناس ولن يروا من خيرها شيئا فكلها مشاريع خاصة بالجيش يضعها السيسي بين يدي قادة الجيش والأفرع كنوع من الرشوة لضمان ولائهم وصمتهم أمام قراراته الكارثية في حق مصر وأهلها، وإلا فكيف يصمت هؤلاء على تهجير الناس من بيوتهم وأرضيهم وهدمها فوق رؤوسهم رغما عنهم ودون حصول أغلبهم على أية تعويضات؟! وحتى من يتم تعويضهم بتعويضات لا تكفي بناء بيوتهم واستقرارهم في أماكن جديدة أمام غلاء المعيشة فضلا عن هدم الدولة نفسها لبيوتهم من جديد في الأماكن التي هُجروا إليها بعد أن بنوها بصعوبة بالغة!
إن المشكلة قطعا ليست في تخصيص أرض لصالح الجيش أو أي جهة ما تابعة للدولة ولكن المعضلة في نزعها من أصحابها تحت دعاوى مزعومة لكونها مناطق استراتيجية، وجودهم فيها خطر على العدو الحقيقي كيان يهود، أو استثمارية يطمع فيها أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرون، فالأرض تُملك بالإحياء ولا تنزع من يد من أحياها عنوة أبدا، يقول النبي ﷺ: «مَنْ عَمَرَ أَرْضاً لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» رواه البخاري في الصحيح، ويقول ﷺ: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ»، فبأي حق تنزع من هؤلاء أرض توارثوها وعمروها بزراعتهم وإعمارهم، بل واجب الدولة هنا هو إعانتهم على إعمارها بكل الوسائل المتاحة لا تهجيرهم منها بدعاوى ومزاعم كاذبة تخدم أعداء الأمة وترضي مطامع الطامعين في ثروتها وخيراتها.
إن الغريب هنا ليس موقف النظام فهو نظام عميل نتوقع منه كل شيء، نتوقع منه ذلك وأسوأ؛ فمن يأتمر بأمر العدو لا يبالي بالشعوب ولا تعنيه أزمات البلاد وما يعانيه أهلها، فلو طلبت أمريكا من النظام تسليم سيناء كلها ليهود فسيفعل وسيدعي أن ذلك في صالح البلاد وأن الوثائق تثبت أحقيتهم في أرض سيناء وأننا كنا نحن من اعتدى عليهم بانتزاعنا سيناء منهم! هذا كله لا يستغرب لو فعله النظام الذي تلونت يداه وغاصت قدماه في دماء أهل مصر، بل الغريب هنا هو موقف أبناء مصر المخلصين في الجيوش التي تحمي هذا النظام وتمنحه شرعية، لولاهم لما تمكن منها ولما تمكن من إصدار قرار واحد يخدم الغرب ويرعى مصالحه في بلادنا.
أيها الضباط والجنود، أيها المخلصون في جيش الكنانة! إنكم ثمرة الخير، والخير فيكم فأنتم أحفاد الفاتح عمرو بن العاص والناصر صلاح الدين محرر الأقصى والمظفر قطز قاهر التتار، إن أجدادكم هؤلاء لم يقبلوا دنية في دينهم ولم يرتضوا لأنفسهم العيش وأرض الإسلام مغتصبة يعيث فيها الكفر فسادا، بل وقفوا سدا منيعا في وجه التتار ومنعوهم من اجتياح الأمة والقضاء عليها وأعادوا لدولة الإسلام هيبتها وعزتها من جديد. والغرب الآن في هجمته الشرسة على دينكم وأمتكم يحول بينكم وبين دينكم ويمنعكم من نصرة أمتكم بإقامة الدولة التي تحرر مقدساتكم من جديد، فالغرب وعملاؤه هم تتار هذا العصر وأنتم درع الأمة الآن، فمن لدينكم وأمتكم؟ من للإسلام إن لم يكن أنتم؟ من ينصره غيركم؟ والله إنكم لمسؤولون أمام الله عز وجل يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا ثروات ومناصب، فأروا الله منكم ما يحب، وانصروا العاملين فيكم وبينكم لتطبيق الإسلام في دولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، عسى الله أن يفتح على أيديكم فتكونوا أنصار اليوم فتفوزوا فوزا عظيما، وتكون مصر بكم مصر المنورة. اللهم اكتبها لنا واجعلنا اللهم من جنودها وشهودها، اللهم آمين.
* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع