أعلنت قناة أم درمان الفضائية التوقف عن البث الفضائي حتى إشعار آخر، وقالت القناة في بيان صادر مساء يوم الأربعاء إنها ظلت تعاني منذ ثلاث سنوات من مقاطعة رسمية في مجال الإعلان والرعاية وخدمات الإنتاج من خصوم يجيدون الحديث عن الحريات جهراً ويغتالونها سراً، وفق البيان. وأضافت "ولأن الجهد الذي ظلت تقدمه قناة أم درمان لشعبها وأمتها يحتاج لسعةٍ في الإنفاق والصرف والتمويل فقد آثرنا أن نأخذ إذناً من مشاهدينا بالانصراف والتوقف عن البث حتى إشعارٍ آخر".
لقد ظلت قناة أم درمان الفضائية خاصة في الفترة الأخيرة منبراً لنقاش مشاكل الناس وتسليط الضوء على قضاياهم، وفي أحيان كثيرة عرض الآراء التي تستند إلى معالجات المشاكل وفق شريعة الإسلام ومنظومته السياسية، ما يقدم معالجات ناجعة للمشاكل التي يواجهها أهل السودان التي عجزت الحكومة العلمانية القائمة عن علاجها، ما حدا بأذرعها إلى محاربة هذا الصوت، إما بالهجوم أو بمنع الإعلانات، أو إيقاف الدعم، والأسوأ هو اعتقال ربانها وقائدها الأستاذ الموقر حسين خوجلي الذي عومل بشكل مهين لا يليق بمكانة إعلامي مخضرم له إرثه وتاريخه الإعلامي، ما عرّض صحته للخطر، وكان الواضح هو إما محاربة وتهديد طاقم القناة أو إيقافها وهذا الذي تحقق.
تعمل المنظومة العلمانية على إخراس وسائل الإعلام التي تفتح الأبواب للأصوات التي تقول الحق وتقدم للناس معالجات وحلولاً لمشاكلهم وفق دينهم وعقيدتهم، وفي الجانب الآخر تدعم الحكومة العلمانية، وتساند الإعلام الذي يدعو إلى التبرج والعُري والرقص وصناعة التفاهة، المدعوم من الحكومة أو السفارات الأجنبية وعملائهم، ما تسمى بمنظمات المجتمع المدني، فأصبحنا نرى مذيعات في زينة وتبرج مثير ومهيج للغرائز كأنها عروس في ليلة زفافها!
أما الإعلام الجاد الذي يعرض المشاكل والقضايا وفق الإسلام باعتباره منظومة سياسية لحل مشاكل الناس فإنه يحارب حتى يتوقف، أو يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
لقد أصبح من الواضح أن حرية الإعلام والنشر والرأي التي يتشدق بها العلمانيون، ما هي إلا أكذوبة يخدع بها السُذج من الناس، فالحرية مع العلمانيين عندما تكون في صالحهم، أو هم خارج السلطة، أما عندما تكون لخصومهم فإنهم يكفرون بها، والدول الغربية راعية هذه الحريات المكذوبة هي أكبر دليل فقد ضيقت على المسلمين فأصبح الإسلام إرهاباً ولباس المرأة المسلمة جريمة، واللحية تهمة، أما الحديث عن إسلام يتحدث عن السياسة والحكم فهي تستحق إعلان الحرب وسحل البشر، والشجر، والحجر!
ليست القضية هي الدفاع عن قناة، ولكن كشف أكاذيب وتضليل الفكر العلماني التي يخدع بها، وبغض النظر عما يثيره بعض المنتفعين من إيقاف أي صوت ضد العلمانية، الذين يبررون محاربة أي صوت لا يسبح مع تيارهم بذريعة إزالة التمكين أو اقتلاع رموز النظام البائد، نقول فلماذا لم تلاحق، وتطارد، وتحاسب، وتعاقب الحكومة الانتقالية أغلب قادتها اليوم الذين كانوا جزءاً أصيلاً في منظومة العهد البائد؛ ولاة لولايات، أو مستشارين للرئيس، أو مشاركين له فيما سُمي بحكومات الوحدة الوطنية، والوفاق الوطني...إلخ، ثم ها هم يغيرون جلودهم ليعودوا إلى السلطة باسم جديد؟!
إن حرية الرأي والنشر في ظل الأنظمة العلمانية هي أكذوبة، فالإعلام فيها ليس حراً عندما يتناول حل مشاكل الأمة وفق دينها وعقيدتها، فإن الدول الديمقراطية العلمانية تكيل بمكيالين فإذا مُنع أحد العلمانيين من نشر أحد ترهاتهم وأفكارهم السقيمة وجرائمهم، من دعوة للإلحاد، أو الخلاعة باسم المدنية، أو الشذوذ باسم الحرية الشخصية، ثاروا وأزبدوا، وتدخلت ما تسمى بمنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان، والأمم المتحدة...إلخ، ولكن إذا أوقفت قنوات تدعو إلى الإسلام وأحكامه، أو حتى حل مشاكل الناس برؤية عكس التيار، فإنهم يصمتون صمت القبور، ما يدل على أن الأمر هو حرب واضحة لا هوادة فيها.
إن من المؤكد في ظل النظام العالمي اليوم الذي تتحكم فيه الدول الاستعمارية بمساعدة عملائها من الحكام المجرمين والسياسيين المرتزقة في بلادنا، أنه لن يسمح في ظل هذه الأجواء بإعلام محترم يقدم المعالجات لمشاكل الناس ويسلط الضوء على معاناتهم، ويكون رقيباً على الدولة ومحاسباً لها، ولن يكون ذلك إلا في ظل دولة مبدئية تقيم الإسلام وتطبق شرعه، الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي لا تحتاج وسائل الإعلام فيها إلى ترخيص بل لكل من يحمل تابعية الدولة الإسلامية مسلماً كان أم غير مسلم أن ينشئ أية وسيلة إعلام: مقروءة أو مسموعة أو مرئية. ولا يحتاج إلا إلى (علم وخبر) يعلم جهاز الإعلام عن وسيلة الإعلام التي أنشأها، وهو يحتاج إلى إذن في نشر الأخبار ذات المساس بالدولة. وأما الأخبار الأخرى فينشرها دون إذن مسبق. في جميع الحالات يكون صاحب وسيلة الإعلام مسؤولاً عن كل مادة إعلامية ينشرها ويحاسب على أي مخالفة شرعية كأي فرد من أفراد الرعية. فلا إعلام يدعو إلى التفاهة والخلاعة في ظل الخلافة الراشدة.
يا أهل السودان الطيبين: اعملوا مع حزب التحرير لإقامتها خلافة راشدة على منهاج النبوة، ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.
* مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع