وقعت مدينة قندوز إحدى أهم المدن الاستراتيجية في شمال أفغانستان، والتي تربط البلاد بآسيا الوسطى، وقعت في أيدي قوات طالبان بشكل دراماتيكي في الثامن والعشرين من أيلول/سبتمبر الماضي، فقط من أجل تهيئة الرأي العام في الولايات المتحدة، لدعم بقاء القوات الأمريكية في أفغانستان لما بعد المدة المحددة لها. وعليه، وبعد أسبوع من ذلك، في 06/10/2015م قدم الجنرال كامبيل قائد القوات المحتلة الأمريكية والناتو في أفغانستان، تقريرا إلى لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الأمريكي مفاده أن بقاء قواتهم داخل أفغانستان يعتبر أمراً ضروريا لا غنى عنه. وفي الأسبوع نفسه، في 08/10/2015م شدد اجتماع وزراء الدفاع في حلف الناتو على بقاء القوات الأمريكية في أفغانستان، وتبع ذلك إعلان الرئيس الأمريكي أوباما في 15/10/2015م إبقاء 9800 من القوات المحتلة خلال العام 2016، فيما سيبقى 5500 في أفغانستان إلى ما بعد 2016. وفي اليوم التالي بارك الرئيس الأفغاني المعيَّن من قبل جون كيري قرارَ أوباما، إلى جانب زيارة رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف المرتقبة إلى أمريكا في 20/10/2015، كل تلك الجهود اليائسة تهدف إلى تعزيز وتقوية الخطط الأمريكية بعيدة المدى في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن حزب التحرير لطالما قام بفضح خيانة حكام المسلمين، وكشف للأمة خططهم الخبيثة والشريرة، ووسائلهم وأساليبهم وأدواتهم. بعد أن قام الرئيس غاني بتوقيع الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة و"أفغنة" الحرب الاستعمارية، ها هو الآن يقوم بدفع الرأي العام الأفغاني لتأييدها. ومن أجل تحقيق ذلك يردد كالببغاء العبارات التي تمليها أمريكا عليه، مثل: "إن الولايات المتحدة وأفغانستان لديهما مصالح إقليمية مشتركة"، و"إن كابول مركزية بالنسبة للحرب الأمريكية ضد "الإرهاب" طويلة المدى، ولذلك فإن الولايات المتحدة تدعم كابول". وهو في الحقيقة يقود الحرب الأمريكية على حساب الدماء الزكية للمسلمين الأبرياء.
وعلاوة على ذلك قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال خطابه في قمة دول الكومنويلث المستقلة التي انعقدت في كازاخستان في 17/10/2015 "إن الأوضاع في أفغانستان على وشك أن تصبح في فوضى عارمة"، وأضاف "هناك منظمات متطرفة مختلفة يتزايد نفوذها وهم يقومون بذلك بشكل علني". وبحسب بوتين فإن هدف المنظمات المتطرفة هو الوصول إلى آسيا الوسطى. ومن ناحية أخرى فإن الجمهوريات التي كانت جزءا من الاتحاد السوفيتي قد قررت إنشاء مركز دفاع مشترك بقيادة روسيا، من أجل السيطرة على أية أزمات يمكن أن تظهر في المنطقة.
وأيضا فإن المؤسسة السياسية والعسكرية الباكستانية حريصة كذلك على الحد من النمو المتصاعد لدعوة الخلافة. فقد قال الناطق باسم وزارة الخارجية الباكستانية حول زيارة نواز شريف المرتقبة إلى الولايات المتحدة بأن نواز شريف سيطلع الرئيس الأمريكي باراك أوباما على جهود باكستان في الحد من الإرهاب والتطرف، وجلب السلام إلى أفغانستان، وكذلك المخاوف حول البرنامج النووي في باكستان. كل هذا يحدث بسبب وعي الأمة الإسلامية غير المسبوق وتصاعد الدعوة لإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة. لقد أوجد حزب التحرير بحمد الله رأياً عاما عالميا مؤيدا للخلافة، وهو الآن يتوجه إلى القوات المسلحة في البلاد الإسلامية بقلب مخلص طالباً النصرة منهم، وهو الأمر الذي يثير مخاوف أمريكا والغرب عموماً من أن يستجيب بعض ضباط جيوش الأمة الإسلامية لدعوة الخلافة الراشدة التي ستحول القوة النووية في باكستان إلى قوة لدولة الخلافة الراشدة القادمة. وهو ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز الخميس الماضي في أحد تقاريرها بأن الرئيس الأمريكي أوباما يقوم بالتفكير في سياسة وآلية من شأنها الحد من قدرة باكستان النووية.
وأخيراً، فإن الولايات المتحدة من خلال وجودها العسكري، وأدواتها من الحكام الدمى والأنظمة الفاسدة، تريد الاستمرار في سفك دماء المسلمين الزكية لتحقيق مصالحها الاستعمارية. إن الولايات المتحدة تريد تدمير كافة القدرات السياسية والاقتصادية والعسكرية في العالم الإسلامي، وبخاصة في البلاد التي تملك مقومات لأن تصبح نقطة انطلاق لهذا التغيير العالمي. وبالتالي فقد جعلوا بلادنا ساحة لحروبهم، وهم يثيرون الاضطرابات فيها الواحدة بعد الأخرى، من خلال وحشيتهم العسكرية ورأسماليتهم الاستعمارية، والتي من شأنها أن تحرق الناس في أفغانستان وغيرها من بلاد المسلمين. وإذا تماشت الأنظمة العميلة مع تلك السياسات فإن أفغانستان ستبقى مركزا لجرائم أمريكا وإرهابها ووحشيتها، والتي ستزداد أكثر بسبب الاتفاقات الاستراتيجية والأمنية التي وفرت لأمريكا أقصى ما تريد من "الشرعية".
رأيك في الموضوع