بعد إعلان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بيرناردينو ليون، الخميس 08/10/2015، مقترح حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، أعلن عدد من أعضاء مجلس النواب الليبي (برلمان طبرق)، الثلاثاء 13/10/2015، رفضهم للتشكيلة المقترحة بشأن حكومة الوفاق الوطني، التي انبثقت عن جولات الحوار بين الفرقاء الليبيين، فيما أجل المجلس إبداء رأيه في المقترح الأممي، إلى الأسبوع المقبل. هذا وقد قال رئيس فريق حوار المؤتمر الوطني «المنتهية ولايته» عوض المجبري إن المبعوث الأممي برناردينو ليون رفض التعديلات التي طالب بها المؤتمر وحتى مجرد التباحث حولها، وهو ما جعلنا لا نشارك في تقديم أسماء مرشحينا لحكومة الوفاق الوطني. وأضاف المجبري، في مؤتمر صحفي عقده الأربعاء 14/10/2015، أن المؤتمر الوطني لاحظ عدم وجود أي نوع من التوازن في مقترحات ليون يمكن أن يحفظ الاستقرار في ليبيا. وأكد المجبري أن ليون أجرى تعديلات على المسودة الأخيرة دون الرجوع لأطراف الحوار، معتبرًا أن حكومة الوفاق الوطني التي اقترحها ليون تمثل طرفًا سياسيًا واحدًا.
هذا الرفض وعدم القبول الصريح لمقترح حكومة الوحدة العملية، نتج عنه وجود تحرك دولي للضغط على الأطراف بالقبول بالمقترح الأممي، فقد عقد ليون مؤتمرا صحفيا مشتركا، الخميس 15/10/2015، مع وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني، قال فيه: "إن المجتمع الدولي لن يكتفي بعقاب الأطراف الليبية الرافضة لمقترح حكومة الوحدة الوطنية". وأضاف "أن مقترح حكومة الوحدة الوطنية غير قابل للتفاوض، والذين لا يقبلون به لن يحظوا بالاعتراف القانوني من قبل المجتمع الدولي"، محذراً من أنه "سيذهب التعامل معهم إلى ما هو أبعد من العقوبات". ثم انتقل ليون إلى زيارة لمصر، يبحث خلالها سبل دعم وتفعيل الاتفاق السياسي لحل الأزمة في ليبيا، وتشكيل المجلس الرئاسي لحكومة التوافق الوطني. ونقلت وسائل إعلام مصرية عن أحد أعضاء الوفد المرافق للمبعوث الأممي لدى وصوله، أن ليون سيلتقي خلال زيارته عددا من كبار المسؤولين المصريين وجامعة الدول العربية، كما يلتقي «بشكل غير رسمي» مع شخصيات ليبية مقيمة في مصر ضمن جهود تنفيذ اتفاق الصخيرات وتشكيل حكومة التوافق الوطني.
ومن جهتها شددت فيديريكا موغيريني المسؤولة الأوروبية في تصريح صحفي نشر الجمعة 16/10/2015، على أنه حان الوقت لفرقاء الأزمة في ليبيا ليرفعوا آخر تحفظاتهم، ويقبلوا بتشكيل حكومة الوفاق الوطني. وأشارت موغيريني إلى وجود حزمة إجراءات أعدها الاتحاد الأوروبي لمواكبة حكومة الوفاق.
أما مجلس الأمن الدولي فقد هدد بفرض عقوبات على الأطراف التي قال إنها تهدد السلام والاستقرار في ليبيا وتعيق استكمال تنفيذ الاتفاق السياسي الذي توصل له المبعوث الأممي برناردينو ليون لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وفي بيان صحفي، صدر يوم السبت 17/10/2015، ورد فيه أن مجلس الأمن «حث كل الأطراف الليبية على دعم الاتفاق السياسي الذي تم الإعلان عنه يوم 8 تشرين الأول/أكتوبر، والتوقيع عليه والعمل بشكل سريع على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية». وأضاف البيان أن «الاتفاق يوفر فرصة حقيقية لحل أزمات ليبيا السياسية والأمنية والمؤسساتية».
كل هذه المحاولات دلت على أن مبادرة ليون لم تكن مسنودة، وإنما كان عرضها واقتراحها نتيجة لضغوطات أخرى، فإدارك أن مصالح أوروبا في ليبيا مهددة كلما طالت الأزمة جعل ليون يسارع لفرض البدائل ما دام الحوار لم يوصل إلى النتائج المقبولة. ولهذا فإنه يستبعد أن يمرر مقترح الحكومة هذا دون إجراء تعديلات عليه. ومن جهة أخرى نتبين أن الغرب لم يكن وسيطا حقيقيا في حل الأزمة بين الأطراف الليبية المتنازعة وإنما هو صاحب الأمر وهو يتعامل وكأن البلد تحت وصايته ولهذا بدأ يكشر عن أنيابه حينما أحس بفشل محاولاته الدبلوماسية.
رأيك في الموضوع