اعتبر رئيس الحكومة المكلف يوسف الشاهد خلال الجلسة العامة للمصادقة على الحكومة بمجلس نواب الشعب يوم الجمعة 26 آب/أغسطس 2016 أن الوضع الاقتصادي في تونس سيئ جدا، وأن هناك تفاقماً في حجم المديونية ويوجد عجز للصناديق الاقتصادية مقارنة بما كان متوقعا، مقدما بعض الأرقام التي قال إنه إن لم يتم العمل على تطويرها في ما تبقى من هذه السنة فإن الوضع سيكون أصعب خلال سنة 2017. وقال إن الدولة قد تكون مجبرة على اتباع سياسة التقشف في حال لم يتحرك الجميع لتغيير وضعية الركود التي تعيشها.
وأوضح في هذا الإطار أنه في حال انتهجت الدولة سياسة التقشف فإنها ستكون مجبرة على التقليص في المصاريف وستكون مجبرة أيضا على تسريح آلاف الموظفين ورفع الضرائب وإيقاف الاستثمار في التنمية والبنية التحتية.
ويشار إلى أنه يُتداول في الوسط السياسي أن برنامج حكومة يوسف الشاهد تمت كتابته من قبل المكلفين بملفتونسفي صندوق النقد الدولي؛ فقد صرح القيادي في حراكتونسالإرادة طارق الكحلاوي يوم الجمعة 26 آب/أغسطس 2016 في مقال نشره موقع عربي 21 أن برنامج حكومة الشاهد موجود في إطار وثيقة لصندوق النقد الدولي مصنفة "Strictly Confidential" تمت كتابتها آخر شهر تموز/يوليو بعنوان "الخلاصات الأولية لمهمة زيارة 12-19 تموز/يوليو 2016" وفق تعبيره. وأكد أن الوثيقة تضمّنت 15 صفحة تتكون من ثلاثة محاور، أولها تشخيص الوضع الاقتصادي والمالي، والثاني "الآفاق والمخاطر"، والثالث وهو الذي يهيمن على الوثيقة عنوانه "السياسات الاقتصادية الكبرى" (الميزانية، والسياسة المالية ومعدلات الصرف، وإصلاح المؤسسات والحوكمة). وتنتهي الوثيقة بملحق عنوانه "استراتيجيا إصلاح الوظيفة العمومية".
وهكذا فإنه من المنتظر أن تقوم حكومة يوسف الشاهد بإجراءات لا تصب في صالح أهل البلد بل تخدم المنظمات الدولية والدول الغربية وتتمثل أساسا في:المحافظة على التوازنات الماليّة للدّولة حسب أوامر صندوق النقد الدولي بما يعنيه من تخلّي الدّولة عن رعاية شؤون النّاس في حاجاتهم الأساسيّة من تعليم وصحة ونقل و... بذريعة عدم قدرة ميزانيّة الدّولة على الدّعم.
وكذلك ستقوم الحكومة بـ"إنقاذ" شركات النّفط الاستعماريّة واستئناف نهب فوسفات الحوض المنجمي وقمع كلّ محتجّ يُطالب بحقّه في ثروة بلده. مسامحة الفاسدين والسّرّاق بعنوان المصالحة الاقتصادية، لدفع عجلة الاقتصاد بزعمهم. وينتظر إكمال الاتّفاق الكارثة "اتّفاق الشراكة المعمّق مع الاتحاد الأوروبي" الذي سيُمكّن الأوروبيين من الهيمنة على القطاع الفلاحي وقطاع الخدمات بشكل كامل مع التّعجيل بالمصادقة على مجلّة الاستثمار التي ستجعل شباب تونس عبيدا للشركات الأوروبيّة.
وهذا ما يفسر دعم الاتحاد الأوروبي لهذه الحكومة، إذ أصدر مكتب العمل الخارجي للاتحاد الأوروبي بيانا قال فيه إن "تونس تمر بعد خمس سنوات من الثورة بمرحلة حاسمة من تاريخها، بما أن الشعب التونسي اختار نموذج مجتمع منفتح وتقدمي، ما يمثل مصدراً للأمل في المنطقة".
وجدد الاتحاد في البيان ذاته، عزمه على الاستمرار في تعاون وثيق مع حكومة الشاهد وإشراك كافة قوى المجتمع المدني من أجل تحسين حياة أهل تونس.
وهذا البرنامج المتوقع اتباعه من طرف الحكومة، يفسر تركيبة الحكومة التي تكونت على أمرين أساسيين: أولا اختيار موظفين "وزراء" مطيعين لما سيملى لهم من سياسات، ثانيا تشريك أكثر الأطراف في الوسط السياسي حتى يشارك الجميع في الجرائم التي ستقترفها هذه الحكومة في حق الناس.
فما ظنّكم بحكومة رئيسها موظّف سابق لدى الحكومة الأمريكيّة وكان يمثّلها في منظّمة الأغذية والزراعة، وزراء السيادة فيها بلا سيادة بل سلّموا السيادة والقيادة لبريطانيا والحلف الأطلسي. أمّا الوزراء المعنيّون بالاقتصاد فلا يرون إلا ما يراه صندوق النّقد الدّولي.
إنّ المقدّمات دليلة على النّتائج؛ هذه حكومة ائتلاف استعماريّ يستعدّ للإجهاز على تونس وجعلها بوّابة الاستعمار إلى شمال أفريقيا ومن ثمّ كلّ أفريقيا.
ولذلك يبدو أنّه آن الأوان لأهل تونس أن يستفيقوا ويعلموا أنّ الدّيمقراطية لم تجلب لهم إلا الوبال ولم تأتهم إلا بحكومات كذب وخيانة.
ويبدو أنّه آن الأوان أن يسحب أهل تونس الثقة من نوّاب البرلمان لأنّه ثبت وعدهم الزّائف وثبت تقلّبهم حسب مصالحهم الشخصيّة والحزبيّة وثبت بالقطع أنّهم لا يرون شعب تونس إلا أرقاما وأصواتا في صندوق يتسلّقون به إلى المناصب.
فنحن أمام شرذمة يسيرون بتونس إلى الهاوية فإن نحن تركناهم هلكنا جميعا. هل تتركونهم يضيّعون تونس ويسلّمونها للمستعمر وأنتم تنظرون؟!
رأيك في الموضوع