منذ أن أعلن أهل الشام ثورتهم ضد الظلم وأزلامه في الثامن عشر من آذار/مارس لعام 2011 وحين أعلنوا عصيانهم ورفضهم طاعة السفاح الذي ولغ في دماء أهل الشام، بدأ الغرب الكافر من حينها بالتحرك لشعوره بأن ناقوس الخطر قد دق وأن سيادته للعالم قد أصبحت على المحك، فهرولوا جيئة وذهابا وهددوا وأزبدوا لمنع المارد من أن يستيقظ، وسعوا جاهدين واصلين ليلهم بنهارهم لمنع الصحوة أن تكتمل ملامحها، باذلين في سبيل ذلك الكثير الكثير حتى شاب رؤساؤهم، وتعب وزراء خارجياتهم، وبان عليهم الإعياء.
كل ذلك في سبيل المحافظة على هيمنهتم الاستعمارية على المنطقة والحيلولة دون عودة الأمة إلى دينها وشريعة ربها في كنف دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي ستشكل سدا منيعا في وجه أطماعهم.
فقد سارعت دول الغرب الكافر منذ اندلاع الثورة في عقر دار الإسلام الشام لاحتوائها على الصعيدين العسكري والمدني، وإغراقها بالمال السياسي للتحكم بقراراتها وتوجيه دفة الثورة لما يخدم بقاءها في ريادة العالم.
بقيت حالة الصراع بين شعب أعزل ضعيف بإمكانياته، تبلور هدف ثورته في ذهنه وبدأ يسعى ليحقق هذا الهدف واقعا على الأرض، وبين منظومة عسكرية وسياسية تمتلك كل وسائل الضغط والخداع قرابة ست سنوات بذلت فيها دول الكفر (أمريكا وروسيا وأوروبا) كل إمكانياتها في سبيل حرف ثورة الشام عن مسارها ومنع هدفها من أن يتحقق.
فأعطت أمريكا الضوء الأخضر للسفاح ليمارس فنون تعذيبه البشعة، وفتح المجال أمامه ليستعين بمليشيات حاقدة لئيمة، واستعانت بالدب الروسي ليمارس شهوة القتل والتنكيل التي يبرع فيها، وكل ذلك ولله الحمد باء بالفشل الذريع فلم تستطع حرف أهل الشام عن هدفهم بإسقاط هذا النظام بكافة أركانه ورموزه.
وبعد ذلك بدأت مرحلة جديدة من الخداع والنفاق العالمي فبدأوا ببناء شخصيات هزلية ورقية وضيعة سموها "معارضة" لتمثل توجهات أهل الشام السياسية فكانت بدايتها مجالس اسطنبول، تمخض عنها ائتلاف عميل بكل صفاته تولى مهمة إضفاء الشرعية على صفقات الخيانة في الرياض وجنيف لبيع التضحيات ولقبض مناصب ومراكز على حساب جماجم أهل الشام.
وما إن تشكلت هذه الطغمة الفاسدة حتى بدأت أمريكا أم الكفر بإرسال مبعوثيها المسمومين فعقدوا اجتماعا أقروا فيه جنيف1 في 30 حزيران/يونيو 2012 والذي كان من مقرراته الأساسية تشكيل هيئة حكم انتقالية ورسم شكل الدولة السورية القادمة والذي كان لبنة لحرف بوصلة أهل الشام وحرف توجهاتهم لما يرسمه الغرب الكافر وأشياعه. وسرعان ما تسارعت خطى الغرب الكافر لحرق المسافات فعقد جنيف2 لتثبيت ما جاء في جنيف1.
ولأجل ألا يحدث ما لا يحمد عقباه بالنسبة لهم فقد أصبح الصراع جهاراً نهاراً؛ وذلك بأن صرح الغرب الكافر عن طريق رجالاته وعبيده بأن غايته هي منع إقامة خلافة "إرهابية" في سوريا، وذلك في مؤتمر فينّا الذي عقد في 30 تشرين أول 2015 والذي عبر فيه الغرب الكافر عما يعتمل في داخله من مخاوف.
وقد استخدم في سبيل فرض نظامه أساليب ضغط شتى من تجويع وهدن جزئية لعزل مناطق عن مناطق واستفراده فيها وذلك ليأكل من الغنم القاصية مستخدماً في سبيل ذلك كل أدواته ورجالاته التي صنعها على بصيرته فعقد مؤتمر الرياض في النصف الأول من شهر كانون الأول 2015 ليجمع بين عملائه العسكريين وعبيده السياسيين؛ الذين خانوا الأمانة وضيعوها ليخرج على إثر اجتماعهم مولود مشوه ألا وهو هيئة المفاوضات التي أخذت على عاتقها وبكل وقاحة بيع تضحيات الشعب المكلوم للغرب الكافر ضاربة عرض الحائط بمطالب ثورة الشام وأصبح جل همهم إرضاء أسيادهم.
وها نحن اليوم على موعد جديد من اجتماعات الدم والمتاجرة لتأكيد ما تم الاتفاق عليه في جنيف1 وما أكده جنيف2 وسار على نهجه مؤتمر فيينا وجنيف3 ليكون ربما جنيف4!!
فقد سربت وثيقة، منسوبة إلى دي ميستورا، يرسم فيها الخطوط العريضة للحل السياسي المزعوم، والذي يترجم اتفاق أوباما مع بوتين في المكسيك في حزيران 2012 والذي صدر في بيان جنيف الأول.
فمن الاتفاق لتشكيل حكومة انتقالية مشتركة من الخونة البائعين والسفاح، إلى علمانية الدولة السورية، والمحافظة على مؤسسات القتل والتدمير وتحديد آلية لمحاربة الفصائل المخلصة: هذا ما قرره الغرب الكافر في مؤتمراته وما وافق عليه سفهاء القوم مُدَّعو تمثيل الثورة الشامية، والتي وضعت مبادئ ثورتها بإسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه وقطع نفوذ الغرب الكافر وإقامة حكم الله فأين الثرى من الثريا؟!
فيا أهل الشام، أهل الثبات والرباط! لقد خبرتم كل أنواع الضغط، وقد أرتكم الثورة الكاشفة الفاضحة كل المتاجرين والبائعين ومايزت لكم كل أصحاب الخطابات الفارغة وبائعي الكلام المعسول، وأظهرت لكم مدى حقد الغرب الكافر على ثورتكم ومدى حرصه على إفشالها بشتى السبل والوسائل، وكشفت عملاءه ومن صنعوا على بصيرته لينفذوا مخططاته القذرة، كل ذلك لمنعكم من تحقيق أهداف ثورتكم التي ستغير وجه العالم أجمع.
فالثبات الثبات على أمر الله واقطعوا الطريق عن هؤلاء الخونة بتبنيكم مشروعا من صلب عقيدتكم يرسم لكم طريق نجاتكم فتعودوا أمة عزيزة مجيدة تسود الأمم بمبدئها وترد للمسلمين كرامتهم المسلوبة وحقوقهم المغصوبة وتعودوا خير أمة أخرجت للناس؛ تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وما ذلك على الله بعزيز، إنهم يرونه بعيدا ونراه قريباً والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
بقلم: عبدو الدلي – أبو المنذر
رأيك في الموضوع