منذ عام 2013م؛ أي بعد حوالي سنتين من انطلاقة ثورة الشام المباركة، تنعقد المؤتمرات والاجتماعات الدولية الدورية للدول المانحة بغية "دعم" سوريا وتوفير المساعدات الإنسانية للمتضررين والمحتاجين، حيث انطلق الاجتماع التنسيقي الثامن لمجموعة كبار المانحين لدعم سوريا، يوم الخميس 1/9/2016، في الكويت، بمشاركة ممثلين عن دول الجوار السوري، والبنك الدولي، ومنسقي الأمم المتحدة.
إن المتتبع لهذه المؤتمرات يرى بوضوح الغاية من عقدها وذلك استنادا إلى أمور عدة.
الأمر الأول: أن المشارك في هكذا مؤتمرات والتي هي أنظمة مصر والعراق ولبنان والأردن وتركيا والبنك الدولي ومنسقو الأمم المتحدة، هذه الجهات ليست فاعل خير إنما هي إما أنظمة عميلة للغرب الكافر تنفذ مخططاته وتسير وفق سياساته، وإما هيئات دولية أنشأها الغرب الكافر على عينه، وفي كلا الحالتين هم أدوات يستخدمها الغرب الكافر لاحتواء الشعوب وقمعها، أو كديكور يجمل بها صورته البشعة أو يستر بها عورة مبدئه القائم على استعمار الشعوب كطريقة للسيطرة عليها ونهب ثرواتها، فهل يهم هذه الأنظمة والهيئات معاناة أهل الشام وهل تريد الخير لهم؟! لو كانت صادقة في ادعائها لرأينا لها مواقف تختلف عن هذه المواقف؛ كتحريك الجيوش وإنقاذ أهل الشام بدل التباكي عليهم والتصدق عليهم للتغطية على تخاذلهم عن نصرة أهل الشام وذلك من بعض أموالهم المسروقة من عائدات النفط والضرائب، أو على الأقل دعمهم بأسلحة نوعية تمنع عنهم جحيم البراميل المتفجرة والصواريخ بكافة أنواعها، ولكن أي خير سيأتي من هذه الأنظمة التي ما سُلِّطت على المسلمين إلا لإذلالهم وسرقتهم وتجويعهم وهي مستعدة لممارسة القمع بحق شعوبها كما يمارسه سفاح الشام، وليست مجزرة رابعة عنا ببعيدة، وما يحدث في العراق أيضا ماثل أمامنا، والإذلال الذي يتعرض له نازحو أهل الشام في الأردن ولبنان أيضا مشاهد محسوس، على أن المشاركين في المؤتمر هم المشاركون في مذبحة أهل الشام إما مباشرة أو من وراء ستار، كما هي الحال في البنك الدولي وهيئة الأمم المتحدة التي كانت شاهدة على تهجير أهلنا في داريا وغيرها من المناطق مخالفة بذلك القوانين التي سنتها والتي تجرم التهجير القسري لأهل البلاد.
الأمر الثاني: أن تلك الاجتماعات لم تستطع أن تحول دون تفاقم المشكلة فضلا عن حلها فالمدن يزداد وضعها المعيشي سوءًا، والمحاصرون والنازحون يفتقدون أدنى سبل الحياة، في ظل الدعم الدولي الذي يتلقاه طاغية الشام من المجتمع الدولي ومن الأمم المتحدة إحدى الهيئات المشاركة في المؤتمر؛ فقد نشرت صحيفة الغارديان تحقيقا بتاريخ 29/8/2016م يكشف عن صفقات بالملايين أبرمتها بعثة المساعدات الأممية مع مقربين من الرئيس السوري بشار الأسد، وتقول الصحيفة إن الأمم المتحدة منحت صفقات بعشرات الملايين من الدولارات لمقربين من الرئيس السوري بشار الأسد، في إطار برنامج مساعدات إنسانية، واستفادت من هذه الصفقات، حسب الغارديان، شركات تخضع لعقوبات الأمم المتحدة والولايات المتحدة، وكذا وزارات ومنظمات خيرية، بما فيها منظمة أنشأتها أسماء الأسد، زوجة سفاح الشام، وأخرى أنشأها قريبه وصديقه رامي مخلوف، بالإضافة إلى استلام المواد الإغاثية (الممنوحة لأهل الشام) عن طريق مرفأي اللاذقية وطرطوس؛ وهذا ما يفسر وصولها إلى معسكرات النظام ومليشياته، موثقة بالفيديو والصور، بينما تعاني مناطق عديدة في سوريا من التجويع والحصار الممنهج المطبق من قبل النظام السوري لوأد الثورة وإعادة المناطق الخارجة عن سيطرته لنفوذه.
الأمر الثالث: أن هذه المؤتمرات كانت ولا زالت واحدة من القضايا التي يتم التلاعب بها لخدمة أهداف سياسية وللمتاجرة بمعاناة الشعوب ومنهم أهل الشام، وتسوق للحل السياسي الأمريكي في مساومة واضحة على مستقبل ثورة الشام المباركة ودماء مئات الآلاف من شهدائها وتضحيات أبنائها، حيث شدد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الكويت، عبد الله المعتوق، في كلمة له خلال حفل الافتتاح على أهمية الإسراع في استئناف العملية السياسية، وإيجاد حل سياسي ينهي معاناة الشعب السوري ويحقق مطالبه المشروعة والعادلة ويعيد اللاجئين والنازحين إلى ديارهم على حد زعمه.
الأمر الرابع: أن حل المشكلة وإزالة الضرر عن أهل الشام لا يكون بتلك الاجتماعات، فمثل تلك الاجتماعات حصلت تجاه العديد من القضايا: فلسطين والعراق والبوسنة وأفغانستان وغيرها ولم تعالج أي مشكلة منها، وذلك أن تلك الاجتماعات تنطلق من أساس خاطئ وهو التسليم بالمشكلة بل والمساهمة فيها؛ باعتبار تلك الدول أدوات بيد المستعمر أو أنه المستعمر بنفسه. ولا تنطلق من مبدأ الإسلام الذي يعالج المشكلة علاجا جذريا يبدأ بإسقاط النظام الرأسمالي الفاسد والقائمين عليه فهم أس الداء وسبب الشقاء، وإقامة حكم الله على أنقاضه، وقطع كل يد وشريان متصل بالغرب الكافر باعتباره عدواً لله ولرسوله وللمؤمنين. وفي الختام نقول: إن الغاية من هكذا مؤتمرات هي دعم سفاح الشام ومدِّه بشرايين الحياة للإطالة في عمره ريثما ترتب أمريكا أوراقها والمتاجرة بمعاناة أهل الشام، وإن دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة القادمة قريبا بإذن الله هي من ستعيد إعمار بلاد المسلمين وإزالة الضرر الذي لحق بهم ورفع معاناتهم بعد إسقاط طاغية الشام بإذن الله وبأموال نظيفة ليست مشبوهة ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
بقلم: أحمد عبد الوهاب
رأيك في الموضوع