أكثر من ثمانية أشهر ويهود يعيثون في الأرض إجراما؛ يضربون عرض الحائط بأكذوبة "القرارات والقوانين الدولية"، حتى إن مندوب كيان يهود في الأمم المتحدة جلعاد إردان، قام بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة بعد تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح اعتماد قرار ينص على أحقية فلسطين في العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وفي المقابل، يذهب وفد نيابي من لبنان إلى العاصمة واشنطن ويجتمع مع مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكستين وذلك لبحث تطبيق قرار ١٧٠١ الذي صدر عن مجلس الأمن سنة ٢٠٠٦، والذي نص على إنهاء حالة الحرب بين لبنان وكيان يهود! كما طالب الوفد النيابي بفصل لبنان عن مسار الحرب الدائرة في غزة! وكرر نائب أمين عام حزب إيران اللبناني نعيم قاسم تصريحاته بأن حزبه سيطرح رؤيته بخصوص الجنوب اللبناني بعد وقف إطلاق النار الكامل في غزة.
إن حزب إيران اللبناني والسلطة اللبنانية ككل كانت تلهث وراء ترسيم الحدود البرية، ووصلت النقاشات بين السلطة اللبنانية وكيان يهود عبر الوسيط الأمريكي إلى بحث نقاط محددة عالقة.
ومسعى ترسيم الحدود البرية كان بمبادرة أمريكية؛ إذ إنه بعد نجاح ترسيم الحدود البحرية والذي أعطت فيه السلطة اللبنانية ليهود حقلا كاملا للغاز، وذلك قبل أسبوع من الانتخابات النصفية للكونغرس في أمريكا، رأت الإدارة الأمريكية الحالية إمكانية إنجاح ملف ترسيم الحدود البرية قبل الانتخابات الرئاسية في آخر سنة ٢٠٢٤ وذلك لتحقيق بعض النقاط في الملفات الخارجية. إلا أن حرب غزة أوقفت تلك المفاوضات وباتت الجهود الدولية منصبة حول منع توسع تلك الحرب.
وهكذا كان موقف المرشد الإيراني علي خامنئي بما سماه "الصبر الاستراتيجي" والتزم حزبه في لبنان بذلك، حيث إن آلة القتل لدى يهود لم تتوقف عن قصف المدنيين في جنوب لبنان، ومع ذلك يقوم حزب إيران بالرد المحدود ضمن قواعد يفهمها الطرفان، وإن تجاوزت حدود قواعد الاشتباك!
وكذلك، كعادتها، تحركت فرنسا بهدف إيجاد موطئ قدم لها في هذه الأزمة، ولكي تظهر بمظهر الدولة الفاعلة على الصعيد الدولي، فكان مجيء وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه إلى لبنان بهدف خفض التوتر بين لبنان وكيان يهود، وكان رد رئيس مجلس النواب نبيه بري عليه بأن لبنان ما زال متمسكاً بتطبيق قرار ١٧٠١، ما أضعف التدخل الفرنسي في لبنان لصالح قوة أمريكا، ونفوذه في مواقع السلطة الأساسية في البلد.
إن ترسيم الحدود البرية إذا تم سيمهد للبنان أن يدخل في مسار التطبيع الذي تروج له أمريكا في المنطقة، وسيتحول حزب إيران إلى حزب لبناني معني بالشؤون الداخلية فقط، وواضح حرص الحزب على عدم تدمير مكتسباته في لبنان خلال الفترة الماضية، والذي انعكس في عدم الرغبة عنده وعند إيران بدخول حرب واسعة! وهكذا يتم إخراج لبنان كليا من دائرة الصراع مع كيان يهود.
إن الذي يرسم الخطط في المنطقة هي أمريكا، وهي تحدد مسار كل دولة وعلاقتها مع الأخرى بما يخدم مصالحها، وأهمها أمن كيان يهود! وهذا لا يمكن أن يتحقق دون وجود من يسمع وينفذ تلك المخططات من بني جلدتنا إن كان المخطط يتعلق بمصر أو سوريا أو لبنان! وهكذا ينفذ العملاء في بلادنا تلك المخططات تبعا لمصالح الدولة التي يخدمونها. ولو أن هناك دولة مستقلة ترعى شؤون الناس بحق وعدل لما رأينا لهؤلاء أي شأن ولتم كنسهم من الأوساط السياسية وتم استرجاع الأراضي المحتلة.
رأيك في الموضوع