منذ أسبوع بدأت حملة عسكرية لإخراج تنظيم الدولة من مدن محافظة صلاح الدين وقراها ، ويقود الحملة رسمياً هادي العامري مسؤول الحشد الشعبي ويشترك فيها الجيش والشرطة والحشد الشعبي وعناصر من الحرس الثوري الإيراني بصفة مستشارين كما أعلن رسمياً، وقد ساهم قاسم سليماني في إدارة الحملة تخطيطا وتنفيذاً وتقدمت القوات من مناطق عدة شرق وجنوب وشمال تكريت، وبعد أسبوع من المعارك استطاعت السيطرة على قضاء الدور وحالياً تكثف عملياتها للسيطرة على ناحية العلم ومنطقة البوعجيل التي تقول الجهات الرسمية أنهم دخلوها يوم الأحد 8/3 وأن القوات الأمنية تطوق تكريت من مناطق عدة.
إن القوات المهاجمة أغلبها من الحشد الشعبي، والجيش له دور ثانوي ولا دور للعشائر، بل إن العشائر قد اتُّهمت بشكل صريح بأنها تعاونت مع التنظيم وخاصة عشيرة البوعجيل التي تدور المعارك هذا اليوم فيها.
وشهدت مدن محافظة صلاح الدين وقراها نزوحاً كبيراً للعوائل هرباً من المعارك وتجنباً للقصف المدفعي الشديد وكذلك قصف الطائرات.
من الملاحظ أن أمريكا غضت النظر عن الدور الإيراني في الحملة؛ حيث صرح الجنرال ديمبسي أن أمريكا تراقب وتقيم نتيجة التدخل الإيراني وأنه سيبحث مع رئيس الوزراء العبادي عن تفسير لكيفية موازنة الدور الإيراني مع شراكة العراق للتحالف الدولي... وهذا يبين أن أمريكا قد استخدمت عميلتها إيران التي لها نفوذ واسع في العراق بدلاً من أن تتدخل مباشرة لأن تدخلها يقتضي الحصول على موافقات من الكونغرس وترتيبات أخرى لا ترغب أمريكا بها في الوقت الحاضر، وبرر ديمبسي عدم مشاركة التحالف في هذه الحملة بقوله إن بإمكان القوات العراقية تحقيق نتيجة في صلاح الدين ودخول تكريت مركز المحافظة.
إن هذه الحملة جعلت أطرافاً عدة تأخذ موقف الحذر منها؛ حيث صرح رافع الرفاعي مفتي الديار العراقية بأن المليشيات إذا دخلت المدن فإنها سترتكب المجازر بحق المدنين وتدمر المساكن وتهدم المساجد، كما حصل في مناطق محافظة ديالى. كذلك فإن منظمة العفو الدولية حذرت من قيام الحشد الشعبي بأعمال انتقامية طائفية إذا دخل مدن محافظة صلاح الدين.
واللافت للنظر أن تنظيم الدولة قام بإطلاق سراح المعتقلين من أسرى القاعدة الجوية سبايكر بدون مقابل وأن الكثير من قيادات التنظيم من غير العراقيين قد غادروا العراق رغم أن التنظيم قام بحفر الخنادق والأنفاق حول الموصل استعداداً للمعركة القادمة والتي أعلن نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي أنه بحثها مع مسعود البرزاني ومع مجلس محافظة نينوى وبمعزل عن قادة العمليات الذين يهاجمون صلاح الدين حالياً والذين صرحوا بأن المعركة القادمة ستكون لتحرير الموصل. يذكر أن وزير الدفاع التركي قد قام بزيارة العراق قبل أسبوع وفي الوقت نفسه صدر تصريح رسمي تركي بأن تركيا مستعدة لاستقبال النازحين من الموصل في حال بدء المعارك مما يعني أن الوزير بحث هذه المسألة مع العراقيين، وأن لتركيا دوراً فيما سيجري من أحداث.
إن من المؤسف أن جميع هذه المعارك والتي قبلها يُقتل فيها مسلمون من طرفي الصراع، لا لشيء إلا لتحقيق أهداف الكفار المستعمرين الذين يريدون تفتيت البلاد وتدمير المدن وإلحاق أكبر أذى بالمسلمين من خلال قتلهم وتهجيرهم وتضييق وسائل عيشهم لكي تبقى هذه البلاد وغيرها من بلاد المسلمين بيد الكافر المستعمر وعملائه.
إن المسلم عندما يرى كل هذه المآسي يحزن لما آلت إليه أوضاع المسلمين ويتذكر كيف كان المسلمون يعيشون عندما كانت لهم دولة تحكم بما أنزل الله وخليفة يرعى شؤونهم ويحفظ أرواحهم وممتلكاتهم، بل ويحمل دعوة الإسلام إلى العالم ليخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. إن المسلمين يتطلعون إلى ذلك اليوم الذي تعود فيه الخلافة كما كانت على منهاج النبوة وهي قريبة بإذن الله ما دام هناك من يعمل لها ليل نهار ونذر نفسه لإقامتها.
﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور: 55]
رأيك في الموضوع