مساء الاثنين 6 تموز أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن عن مقتل الخبير الأمني هشام الهاشمي وذلك بعد عودته إلى بيته، حيث كان ينتظره عدد من المسلحين يستقلون دراجات نارية، وعند توقف سيارته أمام منزله تقدم إليه أحد المسلحين وأطلق عليه النار، في مشهد وثقته كاميرا مراقبة وشاهده الناس في الفضائيات المختلفة.
والهاشمي كاتب وصحفي متخصص في الكتابة عن الجماعات المسلحة المختلفة مثل القاعدة وتنظيم الدولة والمليشيات العراقية المختلفة والتي نشأت بعد الاحتلال في 2003.
ويعمل الهاشمي مستشاراً أمنياً في عدد من المواقع مثل رئاسة الوزراء ونقابة الصحفيين، ويحاضر في مادة مكافحة الإرهاب في عدد من مراكز الدراسات المهتمة بشؤون الإرهاب.
ويبدو أن كتاباته أصبحت مصدر قلق للمليشيات المسلحة لأنه بدأ يتحدث عن خطر هذه المليشيات على الدولة وكونها أصبحت أقوى من الجيش ولا أحد يستطيع كبح جماحها، وهذه المليشيات أصبحت تتحكم حتى في اقتصاد البلد مثل سيطرتها على المنافذ الحدودية وفرض الإتاوات على التجار وأصحاب المصالح وغيرها.
وقد زار مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء عائلة هشام الهاشمي وتعهد بمحاسبة القتلة، وتم تشكيل لجنة برئاسة وزير الداخلية لمتابعة الموضوع.
والناس تتندر من إجراءات الحكومة، والجميع يعلم أنه لن يحدث شيء ولن يتم إلقاء القبض على القتلة حتى وإن خرجوا على الإعلام وأصدروا بياناً بقيامهم بقتل الهاشمي!
فقبل عشرة أيام، بعد منتصف ليلة الجمعة 26/6/2020م، داهمت قوة من جهاز مكافحة الإرهاب مقراً تابعاً لحزب الله واعتقلت 14 عنصراً مع مبرزات جريمة متمثلة بقاعدتي إطلاق صواريخ كانت معدة لقصف المنطقة الخضراء حسب المتحدث باسم العمليات المشتركة (الفرات نيوز)، وذكر بيان مكافحة الإرهاب أن المتهمين سيحالون إلى القضاء.
وعلى إثر ذلك انتشرت عناصر مسلحة قرب المنطقة الخضراء ثم قام رتل كبير من أكثر من 300 عنصر مسلح يستخدمون سيارات حكومية باقتحام المنطقة ومحاصرة دوائر حكومية منها مقر لمكافحة الإرهاب. وفي اليوم التالي تم إطلاق سراح المعتقلين الـ14 وأغلقت القضية! فهذه القضية رغم الجرم المشهود تم غلقها، وكذلك ستغلق قضية الهاشمي.
وقال غيث التميمي إن الهاشمي تلقى تهديدات بالتصفية من كتائب حزب الله (في لقاء مع قناة الحرة). ويبدو أن سبب التهديدات التي تلقاها الهاشمي هو مقالاته التي يتحدث فيها عن المليشيات ومدى سيطرتها على مفاصل الدولة، ومن أقواله بعد تولي الكاظمي لرئاسة الوزراء: "إن القدرة العسكرية والقانونية والمالية متوفرة للكاظمي إذا أراد، لكنه لا يملك إرادة سياسية كافية لإنهاء تمرد تحدي الفصائل"، وبعد تحرك الكاظمي ضد الفصائل قال الهاشمي: "إن المواجهة مؤقتة ومحدودة وجاءت فقط لإرجاع خلايا الكاتيوشا إلى تفاهمات تمت مع قيادات سياسية وفصائلية من تحالف الفتح تقتضي بالتوقف عن أعمال التمرد والتحدي". وقال: "إن الخطة الأمنية لعودة سيادة القانون على جميع المنافذ الحدودية وطرد المكاتب الاقتصادية السياسية والفصائلية منها قد اكتملت، وهذه مواجهة أخرى تضر باقتصادهم ولوبيات الفساد التي تحميها قيادات من خلال الكاتيوشا".
ويبدو أن هذه التصريحات وغيرها قد أزعجت الفصائل المسلحة، وأن هذه الفصائل استطاعت أن تطلق سراح جماعة مسلحة كانت على وشك قصف المنطقة الخضراء فازدادت عنجهيتها وارتكبت جريمة اغتيال الهاشمي لأنها على ثقة أن لا أحد سيقوم بمحاسبتها مهما فعلت.
إن نفوذ الفصائل المسلحة في العراق ظاهرة يلمسها كل الناس، فهذه الفصائل أقوى من الحكومة وجيشها، ولا يجرؤ أحد على التقرب منها أو تقليص نفوذها رغم محاولات الكاظمي أخيراً بالتحرك للسيطرة على بعض المنافذ الحدودية.
وحتى أمريكا تدرك ذلك؛ إذ سبق وأن صرح وزير الخارجية الأمريكي بومبيو بقوله: "إن وجود هؤلاء الفاعلين الخارجين عن القانون لا يزال يشكل عقبة أمام المساعدة الإضافية أو الاستثمار الاقتصادي".
وفي 8/7/2020م قال الجنرال كينيت ماكنزي بعد لقائه بالكاظمي في بغداد: "إن الكاظمي يسير في حقل ألغام وأرى أنه يتوجب علينا مساعدته وأن الكاظمي لا يزال يحاول العثور على الطريق الأنسب".
من كل ما تقدم فإن العراق بلد تحكمه عصابات مسلحة تدعمها أحزاب سياسية فاسدة دمرت البلاد وسرقت أمواله وقتلت وهجرت الملايين من أجل مصالح دنيوية ومن أجل تثبيت نفوذ أمريكا التي احتلت البلاد، وإطلاق يد إيران التي تعمل باتفاق مع المحتل لاقتسام الغنائم وإبقاء البلاد بيد أعداء الأمة، ومنع أي محاولة لانتشال البلاد من الخراب الذي حل به بسبب الاحتلال وبسبب تطبيق النظام الرأسمالي الفاسد الذي يسمح للفاسدين والمجرمين بالسيطرة على خيرات البلاد والتحكم فيه، والاستمرار بإفقار الناس وإيذائهم من عصابات وأحزاب لا يهمها سوى جمع السحت الحرام على حساب دماء الناس، وهؤلاء المجرمون حجزوا لهم مقاعد في جهنم زينها لهم الشيطان بأفعالهم المنكرة ولا يريدون التخلي عنها فبئس القرار!
إن حال العراق كغيره من بلاد المسلمين، لا صلاح له إلا بالتخلص من الفئة العميلة المجرمة التي تسلطت على العباد والبلاد وبمساعدة من أعداء الإسلام والمسلمين أمريكا وأوروبا، والأمر ليس تغيير أشخاص بآخرين ولكن تغيير آخرين بهم؛ يطبقون شرع الله الذي فيه صلاح العباد والبلاد، فتعود بلاد المسلمين وأهلها في نعمة وخير كما كانت عندما رفرفت عليها راية الإسلام وحكمها الإسلام فكانت كما قال عنها رب العباد سبحانه ﴿خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾.
رأيك في الموضوع