أعلنت مفوضية الانتخابات العراقية انتهاء فرز الأصوات يدوياً في 11/11/2021 وكانت النتائج مطابقة للتصويت الإلكتروني الذي جرى في 10/10/2021، وبذلك أسدل الستار على نتائج الانتخابات بفوز الكتلة الصدرية بأكبر عدد من المقاعد؛ 73 صوتاً، والأحزاب الكردية 65، وتكتل تقدم لمحمد الحلبوسي 38، ودولة القانون 37، فيما منيت بقية الكتل بخسارة مقاعد كثيرة قياساً لما حصلوا عليه في انتخابات 2018.
وخلال هذا الشهر أعلنت الكتل الخاسرة اعتراضها على نتائج الانتخابات وخاصة مليشيات الحشد الشعبي التي قامت بالتظاهر وحاولت اقتحام المنطقة الخضراء وقالت إن التزوير هو الذي سلبها الأصوات حيث أعلن هادي العامري رئيس تحالف الفتح رفضه لنتائج الانتخابات قائلاً: "لا نقبل بهذه النتائج المفبركة مهما كان الثمن". (شفق نيوز 12/10/2021)، فيما أعلن أبو علي العسكري المسؤول الأمني لكتائب حزب الله العراقي رفضه للنتائج أيضاً، وكذلك صرح قيس الخزعلي متهماً الأمم المتحدة بالتأثير على الانتخابات وخاصة في العد والفرز اليدوي وقال "إن ممثلة الأمم المتحدة ليست طرفاً حيادياً في الانتخابات وأنه ربما يقاطع العملية السياسية" رغم أنه قال "على الأغلب سيتم تشكيل حكومة توافق وليس أغلبية، من أجل إشراك جميع التيارات السياسية".
من جانب آخر قالت المتحدثة باسم الأمم المتحدة جين ساكي: "نهنئ الحكومة العراقية على إنجازها لوعدها بإجراء الانتخابات المبكرة".
إن رفض نتائج الانتخابات كان بالدرجة الأولى من الإطار التنسيقي الذي يضم الأحزاب الشيعية والحشد، معتبرين خسارتهم للكثير من الأصوات نتيجة التلاعب بأصوات الناخبين.
ويبدو أن رفض الحشد لنتائج الانتخابات ليس بسبب خسارته لمقاعد كثيرة، فإن تكتل عمار الحكيم حصل على 4 مقاعد فقط، بينما كانت حصته في انتخابات 2018 هي 40 مقعداً ومع ذلك لم يعترض على النتائج، أما الحشد فإنه أصيب بالصدمة نتيجة لتصريح أطلقه مقتدى الصدر يوم 11/10/2021 بعد إعلان نتائج التصويت الإلكتروني وفوز الكتلة الصدرية بأعلى الأصوات حيث قال: "يجب حصر السلاح بيد الدولة، ويمنع استعمال السلاح خارج هذا الإطار وإن كان ممن يدعون المقاومة، وآن للشعب أن يعيش بسلام بلا احتلال ولا إرهاب ولا مليشيات تخطف وتروع وتنتقص من هيبة الدولة". (الفضائية العراقية وقنوات أخرى في 11/10/2021).
إن تصريح مقتدى الصدر أصاب المليشيات المسلحة لأنه طالب بحلها، والمعلوم أن هذه المليشيات تضم العشرات من الفصائل المسلحة المدعومة من إيران بالمال والسلاح وكذلك لها مخصصات من الحكومة العراقية، وأصبحت هذه المليشيات قوة مقاتلة رسمية باسم الحشد الشعبي ومنتشرة في جميع أنحاء العراق (باستثناء المنطقة الكردية) وتتدخل في عمل دوائر الدولة والجمارك على الحدود مع الدول المجاورة وتقوم بالاعتقال والقتل والتهجير والاستيلاء على الأراضي والممتلكات وتسيطر على الكثير من مفاصل تجارة البلد.
لذلك كان رد فعل الحشد الشعبي قوياً بالتظاهر منذ إعلان النتائج ولحد كتابة هذه السطور.
وما استفزهم أكثر تصميم مقتدى الصدر على تقليل دورهم حيث صرح في تغريدة له على تويتر: "على مدعي التزوير الإذعان وعدم جر البلاد إلى الفوضى".
وشكل الصدر لجنة برئاسة حسين العذاري للتفاوض مع الكتل الأخرى لتكوين التحالفات البرلمانية والتمهيد لتشكيل الحكومة.
إن مقتدى الصدر بتصريحه جعل السلاح بيد الدولة يتوافق مع سياسة أمريكا الحالية في العراق والتي تريد تقليل دور الحشد وتقزيم المليشيات المسلحة، وهذا الأمر كان واضحاً منذ قيام أمريكا باغتيال سليماني والمهندس قبل أكثر من عام، ويبدو أن إيران موافقة على هذا الأمر، حيث قام رئيس الحرس الثوري الإيراني قاآني بزيارتين للعراق الأولى فور إعلان النتائج في 11/10/2021 والثانية بعد ساعات من محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في 7/11/2021، والتقى مع كبار المسؤولين ودعا إلى التهدئة.
إن الصراع على كراسي البرلمان يزداد حدة بعد كل انتخابات تجري في العراق بعد 2003 وذلك بسبب الفوضى التي تعم البلاد وانهيار كافة مؤسسات الدولة بسبب الفساد المالي والإداري حيث أصبحت المناصب في كافة دوائر الدولة وفي البرلمان وسيلة لسرقة المال العام وثروات البلاد، وأصبحت المليشيات المسلحة داعمة للطبقة الفاسدة التي تسيطر على مقدرات البلاد، لذلك نجد هذا الصراع والتكالب على المناصب بهذا الشكل الجنوني وعلى حساب الشعب المغلوب على أمره والذي يرى الخراب في كل مفاصل الدولة ولا يملك إلا أن يدعو الله العلي القدير أن ينقذه من هؤلاء الأشرار الذين تسلطوا على رقاب الناس بدعم من الكافر المحتل أمريكا ويدها الطولى إيران.
إن الأصل فيمن يتولى مصالح الناس وإدارة مؤسسات الدولة أن يعمل على رعاية المصالح وأن يستغل موارد الدولة للبناء والتعمير وتحقيق أفضل سبل العيش لكل أفراد المجتمع، وأن يتمثل قول رسول الله ﷺ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». ولكن كيف يتحقق ذلك وأحكام الكفر هي المطبقة في بلاد المسلمين؟! إن رعاية مصالح الأمة لا تتم إلا إذا تم تطبيق شرع الله من رجال يحكمون الناس بأحكام الإسلام المستنبطة من الكتاب والسنة وليس من الديمقراطية الفاسدة.
أيها المسلمون: إنه لا خلاص لكم إلا بنبذ هذه الفئة الفاسدة التي قبلت لنفسها أن تكون تابعة لدول الكفر وتحكم بأحكام الكفر، وعليكم العمل لإعادة مكانتكم بين الأمم أعزاء وفيكم مهابة، وليس أذلاء عبيداً تستجدون على أبواب السفارات الأجنبية عطف الكافر الذي أمرنا الله عز وجل بعدم الخضوع له وعدم اتباعه.
رأيك في الموضوع