يعتزم الحوثيون الاحتشاد يوم الاثنين 26/3/2018م فيما أسموه الذكرى الثالثة لعدوان التحالف على اليمن! وفي حقيقة الأمر فإن عاصفة الحزم التي انطلقت في 26/3/2015م كانت كارثة وأي كارثة، فقد قصفت المدارس والمنازل والأسواق والمشافي والتجمعات في أماكن العزاء. أما المواقع العسكرية للحوثيين فلم تقصفها إلا أحيانا!! ومن هنا يتبين بشكل واضح أن من أهداف عاصفة الحزم تقوية الحوثيين وتثبيتهم في الحكم، فهي لم تأت من أجل إزاحة الحوثيين كما يروج لذلك إعلام التحالف وإعلام المؤيدين للعاصفة الذين يوهمون أنفسهم أنها جاءت لإزاحة الحوثيين، وإن كان البعض منهم الآن يدرك حقيقتها خاصة بعد ضرب الطيران السعودي لما يسمى بالمقاومة عند تقدمها في نهم شرق صنعاء أو في الحديدة والتي توصف فيما بعد أنها بطريق الخطأ.
لقد اعتمدت أمريكا وعميلها سلمان خطة لتحقيق أهداف العاصفة تتمثل في ثلاثة مرتكزات؛ أولها: الإمساك بهادي وتحجيم دوره ومنعه من اقتحام صنعاء لكي تبقى بيد الحوثيين، وهذا ما تم بالفعل؛ فقوات هادي لم تقترب من العاصمة صنعاء رغم سيطرتها على نهم المطلة على صنعاء منذ أكثر من عامين مع أن القوات التي بحوزتها تمكنها من اقتحامها، بل إن تقدمها خارج الحدود المرسومة من السعودية يجعلها في مرمى قوات التحالف التي تضربها ضرباً لا هوادة فيه، ثم يعلن إعلامها أنها جاءت بطريق الخطأ، ونستطيع القول إن هادي أصبح مأسورا من قبل السعودية مما حدا بالإمارات التابعة لبريطانيا أن تتخلى عنه وتسلم المعسكرات التابعة له في الجنوب وخاصة التي في عدن لقوات الحزام الأمني في حرب صنعتها الإمارات قبل أكثر من شهر في عدن لهذا الهدف.
وثانيها: تدمير القوة الثقيلة التي بيد صالح بالكلية لإنهاء دوره السياسي وإخراجه نهائياً من السلطة أو من الحياة كلها. فقد أعلنت قيادة التحالف بقيادة السعودية بعد أكثر من أسبوع من حربها على اليمن أن عاصفتها دمرت 80% من قوات الانقلابيين ثم استمرت في خلال الثلاث سنين الماضية تلاحق القوة غير الظاهرة لعلي صالح حتى تم تدميرها. وقد تناغم ذلك مع تفكيك الحوثيين لمنظومة الحرس الجمهوري التي كان يتكئ عليها صالح ويعتمد عليها الإنجليز بشكل كبير، ثم قتلوا علي صالح فورث الحوثيون القوة والسلطة والثروة التي كانت بيده، وبهذا تكون العاصفة قد حققت بعض أهدافها.
ثالثها: قيام المبعوثين من قبل الأمم المتحدة بإجراء المفاوضات بين طرفي الصراع لإكساب الحوثيين صفة الشرعية ونزع صفة الانقلاب عنهم وتحجيم دور الإمارات في الضربات الجوية التي كانت تؤذي الحوثيين حتى أصبحت شبه معدومة. لكن الإمارات التي تعلمت الدهاء والمكر والخبث من أسيادها الإنجليز أدركت أن محاولة اقتحام صنعاء منفردة أو الاستمرار في ملاحقة الحوثيين لن يمر بسلام؛ فأمريكا لن تسمح لها بذلك، فقررت بتوجيه من بريطانيا اكتساح الجنوب والسعي إلى السيطرة على أجنحة الحراك الجنوبي، وبالفعل فقد سيطرت على الجنوب وأصبحت قوتها تمسك الأرض وتتمركز في المناطق التي تجعل عصب القوة للجنوب بيدها، كباب المندب الذي يعتبر أهم الممرات البحرية في العالم، كما أنشأت مليشيات جنوبية بيد عيدروس الزبيدي وأخرى بيد هاني بن بريك وهم من رجالها. كما أنشأت قريباً - بعد قتل الحوثيين لصالح - مليشيا عسكرية بقيادة طارق صالح تسمى جيش الشمال للعمل ضد الحوثيين بعد تخلي الإمارات عن دعم هادي الذي أصبح أسيراً من قبل السعودية. وهذا ما جعل تثبيت الحوثيين في الحكم أو إشراكهم في السلطة أمراً في غاية الصعوبة، أي أن أحد أهداف عاصفة الحزم لم يتحقق بل أصابه الفشل الذريع، وهذا ما دفع محمد بن سلمان لزيارة بريطانيا بإيعاز من أمريكا. لقد كان من أهداف زيارة محمد بن سلمان لبريطانيا طلب مساعدتها في إنهاء ورطتها في اليمن، فقد فشلت أمريكا والسعودية في حسم الأزمة في اليمن وأدركوا مؤخراً أن حلها لن يكون بمعزل عن بريطانيا صاحبة النفوذ العريق في اليمن وهي تمسك بالجنوب والتي تضاعفت قوتها فيه عن طريق الإمارات لتكون منطلقاً في المستقبل لحرب الحوثيين والقضاء عليهم مما جعل أمريكا والسعودية والحوثيين يبحثون عن مخرج من هذه الأزمة؛ فهم قد قبلوا بالمبعوث البريطاني مارتن غريفث مع تخوفهم أنه سيعمل لصالح الإنجليز وعملائهم، فهم يسعون لتحريك المفاوضات التي توقفت منذ أكثر من 17 شهراً ومحاولة إجرائها من جديد والسير بها نحو الحل السياسي بعد إدراك كل طرف أنه لن يستطيع أن يلوي ذراع الآخر. وقد تحرك المبعوث الأممي مارتن غريفث والتقى في الرياض بهادي ثم حط رحاله في اليمن لإجراء المفاوضات، وكان محمد علي الحوثي قد قدم مبادرة لمجلس الأمن يناشده فيها إيجاد حل سياسي عاجل في اليمن، وهذا يكشف المأزق الذي تمر به مليشيات الحوثي، فهم لا يطلقون تلك المناشدات إلا في وقت الخطر عليهم.
إن الحرب لا زالت مستعرة في مختلف الجبهات وخاصة في البيضاء والحديدة، وإن الصراع الإنجلو أمريكي مستمر ما دامت الدول الاستعمارية لم تصل إلى حل سياسي ينهي الحرب الدائرة في اليمن.
ستبقى أرض اليمن ساحة للمتصارعين، وثرواتهم نهباً للطامعين، وستظل دماؤهم الزكية تسفك إرضاءً لأعدائهم الكافرين... ولن يوقف ذلك كله إلا أن يعي أهل اليمن أن المخرج لهم من كل هذه المشاكل والأزمات هو بالعمل لإقامة شرع الله في حياتهم؛ وذلك بالعمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فهي الطريق إلى عزتهم ونهضتهم وامتلاك قرارهم وعودتهم مع بقية إخوانهم المسلمين خير أمة أخرجت للناس.
بقلم: الأستاذ شايف الشرادي – اليمن
رأيك في الموضوع