من ثوابت السياسة الخارجية الأمريكية تقوية عملائها الضعفاء قبل وبعد إزاحة خصومهم من السلطة وذلك بالإيعاز لهم أن يقوموا بأعمال كبيرة تفوق حجمهم لبث الرعب في قلوب الناس الذين في مناطق سيطرتهم وخضوعهم مع الخصوم لسلطة الأمر الواقع... وتقوية الحوثيين بهذه الطريقة هي إحدى تلك النماذج.
ففي عام 2012م سيطر الحوثيون على صعدة كلها وهجروا طلاب المراكز العلمية التي يرونها دعائم للنظام السابق وأغلبهم من خارج صعدة إلى مناطق أخرى. وفي عام 2013م قاموا بالتمدد في محافظة عمران كلها باستثناء مدينة عمران. وفي عام 2014م سيطروا على مدينة عمران البوابة الشمالية لصنعاء وقتلوا قائد المعسكر حميد القشيبي الحاكم الفعلي لعمران آنذاك، فقد كان كاتماً على أنفاس الحوثيين قبل ذلك ومحاصرا لهم في صعدة. وفي العام نفسه وبعد عدة أشهر دخلوا صنعاء بتنسيق مع صالح كما سيطروا على ميناء الحديدة الذي أصبح الرئة التي يتنفسون بها. وفي عام 2015م انقلبوا على هادي الذي فر إلى عدن. وفي عام 2016م سيطروا على كثير من معسكرات صالح بمساندة الطيران السعودي الذي كان يضرب المعسكرات ليلا ثم يسيطر عليها الحوثيون نهارا. وفي نهاية عام 2017م قتلوا صالح وسيطروا على النفوذ والثروة التي كانت تحت سيطرته فخضع المؤتمر لهم وسار كثير من قياداته وأتباعه معهم. وفي عام 2018 سيطر الحوثيون على مناطق حجور في حجة التي كانت خارج نطاق سيطرتهم والتي استمرت مقاومتها للحوثيين بشراسة عدة أشهر ثم قاموا بتفجير المنازل لإلقاء الرعب في قلوب أهلها. وفي عام 2019م استعاد الحوثيون نهم شرق صنعاء ومحافظة الجوف كلها التي فقدوها قبل سنوات. وفي هذا العام 2020م كثف الحوثيون قتالهم في جبهة مأرب استعدادا لاقتحامها لتكتمل سيطرتهم على شمال اليمن كله.
والمعارك الدائرة في جبهة مأرب ورغم سقوط القتلى من الحوثيين بكثرة إلا أنهم في تقدم مستمر نحو مدينة مأرب النفطية لإسقاطها بإصرار شديد وتقديم تضحيات كبيرة من أجل اقتحامها، فقد أصبح ذلك الأمر قضيتهم المصيرية، كما شجعهم على اقتحامها تزايد عدد الضربات الخاطئة لطيران التحالف بقيادة السعودية لما تسمى بالشرعية، وهذه الضربات أدت إلى تقليم أظفار حكومة هادي لكي يصب ذلك في صالح الحوثيين مما ساعدهم على التقدم والسيطرة على معسكرات مهمة وتطويق أخرى حتى أصبح سقوط مدينة مأرب النفطية قاب قوسين أو أدنى.
وبعد سقوطها في قبضتهم فإن أمريكا ستفرض الحل السياسي الذي تريد على الطرفين المتصارعين وسيكون للحوثيين النصيب الأكبر فيه وتكون أمريكا عن طريق عاصفة الحزم قد نجحت في تثبيت الحوثيين في الحكم وتقويتهم وسحق قلاع الإنجليز كلها أو أغلبها وستستمر في سحق ما تبقى منها.
إن استمرار الصراع في اليمن بين أمريكا وبريطانيا عن طريق عملائهم لهو شر مستطير لن يوقفه إلا وعي أهل اليمن على حقيقة هذا الصراع والتخلي عن العملاء والالتحاق بقطار العمل لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة بقيادة حزب التحرير. فالخلافة هي التي ستقتلع النفوذ الغربي برمته من اليمن كله شماله وجنوبه ليعود كما كان من قبلُ قلعةً شامخةً من قلاع الإسلام لا تطؤه أقدام الكفار المستعمرين ولا يتسلل إلى حكمه عملاؤهم المجرمون.
رأيك في الموضوع