قال ما يسمى برئيس المجلس الانتقالي في جنوب اليمن عيدروس الزبيدي التابع للإمارات "مستعدين للتطبيع مع (إسرائيل) حال انفصال الجنوب" (الخليج الجديد 6/2/2021م). كما تناقلت وسائل الإعلام ترويج الزبيدي للتطبيع مع كيان يهود أثناء لقائه عبر قناة روسيا اليوم، فقد قالها بوقاحة وسماجة وتحد لمشاعر المسلمين عامة وأهل اليمن في شماله وجنوبه خاصة، فما هو الدافع لهذا الترويج في هذا التوقيت بالذات؟
لم يعد خافيا على من يتتبع مجريات الأحداث في اليمن، وخاصة في الجنوب أن بريطانيا الداعمة للإمارات ومجلسها الانتقالي تتشبث بالجنوب بشدة فهو بالنسبة لها قضية حيوية لا يتخذ تجاهها إلا إجراء الحياة أو الموت، خاصة والتضحية في سبيل ذلك ستكون بالمسلمين من أهل اليمن ومن أهل الخليج. أما جنودها فهم في مأمن من الخطر ولن تسفك دماء أحد منهم، وقد ازداد تشبث الإنجليز بالجنوب بعد أن خسروا شمال اليمن وأصبح في قبضة الحوثيين الذين تدعمهم أمريكا بقوة مباشرة وغير مباشرة عن طريق حكام إيران الأنذال في الظاهر وأمراء آل سعود السفهاء من تحت الطاولة.
وأمريكا تلاحق الإمارات لإخراج قواتها من الجنوب، وفي المقابل نجد أن الإمارات تتظاهر بأنها ستخرج لاتقاء ضغوطها ثم تماطل وتحاول الالتصاق بأمريكا خبثا ودهاء كما علمها أسيادها الإنجليز؛ فقد استجابت لأمريكا في مكافحة الإرهاب، وأصبحت الإمارات تعج بالمعابد الهندوسية والنصرانية والوثنية، كما أنها كانت في طليعة المروجين للتطبيع مع كيان يهود. وها هو مجلسها الانتقالي بقيادة عيدروس الزبيدي يحذو حذوها ويخضع للضغوط الأمريكية ويروج للتطبيع مع كيان يهود بوقاحة قل نظيرها. فأمريكا تريد أن تحرق كرت الإمارات ومجلسها الانتقالي نهائيا لتقليل رصيدهم في الحل السياسي القادم الذي تطبخه مطابخ السياسة الأمريكية لإزاحة نفوذهم من الجنوب ليحل محلهم عملاؤها من الحراك الجنوبي وغيرهم.
كما أن إسقاطهم في مستنقع الخيانة لفلسطين وأهلها سيقوي الحوثيين ويساهم في بناء وسطهم السياسي وكسب المزيد من الأنصار ويؤدي إلى تقبل أهل اليمن لحكمهم وأنهم أجدر من غيرهم في حكم اليمن خاصة وهم يستغلون ترويج الإمارات ومجلسها الانتقالي للتطبيع مع يهود بالقيام بالخطابات والفعاليات المناهضة شكليا للتطبيع وإن كانوا مطبعين سرا كغيرهم من الأنظمة! فمن مظاهر التطبيع عدم مس يهود في فلسطين بسوء، وهذا هو حال جميع الحكام، ولكن هذه الفعاليات والخطب والكلمات واستغلال أتباعهم مواقع التواصل يساهم في تعديل النظرة السابقة عند البسطاء من الناس ويبدأ تقبلهم طواعية لحكم الحوثيين.
وأمريكا تعمل من أجل تحقيق هذا الهدف منذ دخول الحوثيين في 21/9/2014م بسلام وأمان تحت الضغط الأمريكي وانبطاح بريطانيا ورجالها الجبناء الأقزام، ولا تكاد مطابخ السياسة الأمريكية تتوقف عن إيجاد أفكار شيطانية لتمكين عملائها من السيطرة الكاملة على اليمن، ولتحقيق ذلك قامت بالتالي:
- توجيه الملك سلمان للقيام بعاصفة الحزم وقيادة التحالف في حرب اليمن لإظهار الحوثيين معتدى عليهم بعد أن استقر في أذهان الناس عدوانهم فتم في خلال ست سنوات بناء حاضنة شعبية لهم.
- تعرية أمريكا لعميلها سلمان وابنه محمد بدفع المليارات من الدولارات مقابل ما تسميه بالحماية لتظهر أن الحوثيين مستقلون ولا يتبعون لأي جهة أجنبية، في حين إنهم عملاء لأمريكا عن طريق حكام إيران.
- تفعيل أمريكا لمنظماتها في اليمن بحجة حقوق المدنيين لتخفيف غضب الشعب ونقمته عليهم ولإيجاد مورد مالي لهم ولأتباعهم حتى لا يعاني أحد منهم من الوضع المزري فيستمروا مع الحوثي إلى النهاية، فلما سكن غضب الشعب وقلت حدته بدأت المنظمات تخفف من السلات الغذائية حتى اختفت تماما في بعض المناطق.
- محاولة إظهار التحالف عجزه وهزيمته أمام الحوثيين وأنهم أصبحوا قوة لا يمكن إزالتها كمنع خصومه من التقدم في الجبهات التي تؤدي إلى خنقه ففرضوا على الناس بذلك سلطة الأمر الواقع.
- تقليص نفوذ الإنجليز ودك معاقلهم عسكريا وسياسيا عن طريق مؤتمر الرياض الذي يهدف إلى دمج المجلس الانتقالي وحكومة هادي في كيان واحد وتشكيل حكومة واحدة تذوب فيها قوة الانتقالي. وكان المقرر أن تشكل الحكومة بعد فترة قصيرة من عقد مؤتمر الرياض إلا أن عرقلة بريطانيا لذلك أخذ أكثر من سنة حتى تم تشكيلها في الشهر الماضي وكان الانفجار في مطار عدن أثناء وصول الحكومة التي تم تشكيلها في الرياض رسالة من بريطانيا مفادها أن الانتقالي لا زال يسيطر على عدن ولغرض تعطيل عمل الحكومة التي ولدت ميتة.
إن أمريكا تعمل على نصب الفخاخ السياسية لبريطانيا وعملائها لتذويب نفوذهم وإضعاف قوتهم لإظهار عدم قدرتهم على حكم اليمن وأن الحوثيين والمجلس الأعلى للحراك الثوري مجلس باعوم هم الأجدر بحكمها.
ومهما يكن فإن سقوط الإمارات ومجلسها الانتقالي في مستنقع الخيانة لفلسطين وأهلها لهو جرم كبير وشر مستطير وخيانة لله ورسوله والمؤمنين وتفريط بالأرض المباركة وخنوع للأعداء وتبجح بالعمالة والانبطاح والتبعية للكافر المستعمر.
ليس مستغربا من حكام الإمارات والزبيدي أن يروجوا للتطبيع مع كيان يهود ويتنازلوا عن فلسطين، فهم من رضعوا العمالة في حضن الكافر المستعمر وعلى موائده وسقطوا في مستنقع الخيانة. إنما المستغرب هو من أهل اليمن! فكيف لا تغلي الدماء في عروقهم فيسقطوا حكم هؤلاء الخونة في الجنوب والشمال ويعملوا لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة مع حزب التحرير؟! فهي التي تحقق نهضتهم وتعيد سلطانهم المغصوب وتحرر فلسطين وأخواتها وتبرهن للمسلمين أن أمريكا التي عبدها الحكام العملاء ليست إلا نمرا من ورق، وإن الخلافة لقادرة بإذن الله أن تزيلها من الموقف الدولي نهائيا، وإنها لقادرة بإذن الله أن تعيد مجد المسلمين التليد وتتسلم زمام المبادرة من جديد.
أيها المسلمون! اعملوا معنا لإقامتها، أفلا تكفي مئة عام بلا دولة وبلا عزة وبلا كرامة وبلا حام للمسلمين من الظلم والظلام لكي تسارعوا إلى إقامة شرع ربكم وإعادتها راشدة على منهاج نبيكم ﷺ؟!
إن الذكرى المئوية لهدم دولة الخلافة لهي حافز لنا أن نشد العزم ونسارع إلى إقامتها مع العاملين المخلصين وفي طليعتهم أمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة فنفوز بالسعادة في الدنيا والفلاح في الآخرة، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
رأيك في الموضوع