(مترجمة)
تدخل الحرب الأمريكية الشنيعة في أفغانستان عامها السادس عشر، ولكن هذه السيطرة تبدو بدون نهاية. لم تشنّ الولايات المتحدة هذه الحرب للأسباب التي ادّعتها. فبعد أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر قبل 15 عامًا، هاجمت أمريكا أفغانستان وأنهت حكم طالبان بذريعة السلام والأمن وحقوق الإنسان والازدهار. وفي العشرين من أيلول/سبتمبر 2001 طالب الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن من حركة طالبان الأمور التالية:
- يجب على طالبان تسليم قادة تنظيم القاعدة إلى الولايات المتحدة
- يجب على طالبان إطلاق سراح جميع الأسرى الأجانب وتسليمهم إلى الولايات المتحدة
- يجب إغلاق جميع معسكرات التدريب التابعة لتنظيم القاعدة
- يجب إعطاء الولايات المتحدة حرية الدّخول الكامل إلى معسكرات القاعدة لإجراء التحقيقات
وقال سفير طالبان في إسلام أباد، عبد السّلام ضعيف أنهم قاموا بجهود كبيرة في التحقيق في الحادث حتى إنهم طالبوا بمحاكمة أسامة بن لادن ثلاث مرّات ولكن الولايات المتحدة رفضت ذلك، وذلك بسبب أن الولايات المتحدة أرادت وجودًا طويل الأمد في أفغانستان من أجل تحقيق أهدافها الاستراتيجية والإقليمية بذريعة "محاربة الإرهاب"، وبالرغم من وعود كولن باول، إلاّ أن الولايات المتحدة لم تستطع تقديم أدلّة مقنعة وقوية على تورط أسامة بن لادن في أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر. من هنا يظهر للعيان أن الوجود الأمريكي في أفغانستان هو من أجل أهدافها الاستراتيجية والإقليمية الاستعمارية وليس من أجل أمن وازدهار الشعب الأفغاني.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف الاستعمارية فقد ضحّت أمريكا لغاية الآن بـ 3500 صليبي وآلاف الجنود التابعين للحكومة الأفغانية العميلة، بالإضافة إلى مئات الآلاف من المدنيين الذين سقطوا في هذه الحرب الدّامية، وبالإضافة إلى قتل الأفغان، فقد أهدت أمريكا إلى أفغانستان الفقر، حيث يعيش 36% من سكّانها تحت خط الفقر وبحسب الرئيس الأفغاني أشرف غاني، يذهب 15% من الأفغان إلى النوم بمعدة فارغة!
ومثل تجارة النفط والسّلاح، هناك تجارة المخدّرات التي تزداد كل سنة في أفغانستان بعد غزو أمريكا وحلف شمال الأطلسي. وبحسب إحصائية للأمم المتحدة، فإن أفغانستان تنتج سنويًا ما قيمته 70 مليار دولار من المخدرات، يذهب منها 2 مليار دولار للمزارعين الأفغان، والباقي يوزّع بين الغزاة ووكلائهم. أعداد رهيبة من البشر مدمنون على هذه الآفة المقيتة، منهم 5 ملايين في أفغانستان بما فيهم مليون امرأة.
بالإضافة إلى كل هذا، أجبرت الأوضاع الاقتصادية والأمنية المتدهورة 250.000 من الشباب الأفغان على الهروب إلى أوروبا عام 2015 فقط مارّين عبر طرق خطيرة، وهذا الوضع مستمر لغاية الآن. وقد نزح مئات الآلاف من السكّان داخل البلاد من جرّاء حروب الوكالة التي ينفّذها اللاعبون الإقليميون والدوليون. وقد تدهور الوضع الأمني إلى درجة أن 150 أفغانياً يُقتلون يوميًا. وتجلس أفغانستان بين الدّول الأولى عالميًا في مستوى الفساد.
ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة والناتو يحاولون باستمرار خلق انقسام عرقي خطير بين الأفغان، وسنّ قوانين مخالفة للإسلام أوجدت صراعا عميقا ونزاعات بين السلطات والترويج والدعم للثقافة الفاحشة والبذيئة من خلال الإعلام ومنظمات المجتمع مما يمكن وصفه "بالحرب الناعمة" للاستعماريين، حيث إنهم ينوون القضاء على الهويّة الإسلامية لهذه البلاد وأهلها.
إن هدف (الإرهاب)والسيطرة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي في المنطقة هو لتحجيم روسيا والصين، ومنع ظهور النظام الإسلامي الحقيقي الخلافة على منهاج النبوة، وكذلك استعمار ونهب الثروات الطبيعية لدول وسط آسيا. ومن أجل إبقاء وجود طويل المدى لها في المنطقة، وقّعت الولايات المتحدة اتفاقية استراتيجية مع كرازاي وبعدها اتفاقية استراتيجية مع حكومة جون كيري غير الشرعية المسمّاة بـ"حكومة الوحدة الوطنية". وطالما لم تستطع أمريكا تحقيق أهدافها الإقليمية فستُبقي على حكومة ضعيفة عميلة لها في أفغانستان للقيام بالشؤون واحتلالها غير الشرعي. وللاستمرار في تبرير وجودها يتم استغلال طالبان والقاعدة وتنظيم الدولة واحدًا بعد الآخر بينما يحترق الأفغان الأبرياء في جحيم الديمقراطية الأمريكية الوحشية منذ خمسة عشر عامًا.
ولذا، يجب على المسلمين في المنطقة أن يدركوا الحاجة الملحّة لإنهاء خلافاتهم الداخلية وفي المقابل العمل سويًا، اليوم قبل الغد، تحت قيادة حزب التحرير المخلصة والقادرة من أجل إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي ستدقّ المسمار الأخير في تابوت السيطرة الأمريكية.
رأيك في الموضوع