الاستاذ أحمد الخطواني
مفكر ومحلل سياسي - بيت المقدس
انعقدت يوم الخميس 30/5/2019 قمتان عربيتان طارئتان في مدينة مكة المكرمة بدعوة من مملكة آل سعود، وهما قمة التعاون الخليجي وقمة الدول العربية، وذلك لبحث ما وُصف بالتصعيد الإيراني في المنطقة، وتبعتها في اليوم التالي الجمعة 31/5/2019 قمة ثالثة وهي القمة الدورية لمنظمة مؤتمر التعاون الإسلامي، وأريد لهذه القمم أنْ تكون بمثابة حشد عربي وخليجي و(إسلامي) في مُواجهة إيران.
أرسلت أمريكا مؤخراً تعزيزات عسكرية لافتة للنظر إلى منطقة الخليج تضمّنت حاملة طائرات وقاذفات من طراز (بي-52) وصواريخ باتريوت، وطائرات وأسلحة مختلفة، في استعراض واضح للقوة
بخلاف ما جرى في السودان حيث تمكّنت ما تُسمّى بقوى إعلان الحريّة والتغيير من فرض نفسها على الحراك السوداني، وركوب موجة الانتفاضة، وهو ما أهّلها للتحدث باسمه، والتفاوض مع قيادة الجيش السوداني على تقاسم السلطة
تُعرّف العلمانية بأنّها فصل الدين عن الدولة، أي فصله عن السياسة وعن الحياة، فهي لا دينية المنشأ والتوجّه، فتُنكر أي دور للدين في القوانين العامة، وفي الأحكام التشريعية التي تُنظّم شؤون المجتمع، ويُفسّرون تطورها اعتماداً على ما ينسبونه لقول المسيح عليه السلام: "أعطِ ما لقيصر لقيصر وما لله لله".
لكنّ هذا الفصل الصارم للدين عن الحياة هو فصل يتعلّق بالأنظمة والقوانين والتشريعات فقط، ولا يتعلّق بالثقافة والموروثات الفلسفية، فالروح الصليبية الحاقدة في الثقافة والحضارة الغربية للشعوب النصرانية مُتغلغلة في أعماق ثقافتهم تماماً
إنّ ممّا يلفت النظر في حراك الشارع الجزائري هذه الأيام، والذي انطلق كالطوفان الهادر، مُعبراً عن رغبةٍ صادقةٍ وجادّة في التغيير، هو تغييب دور التيّار الإسلامي فيه، فلا تسمع له ركزاً، ذلك التيار الذي كان له الدور الأساس في مُحاولة التغيير الأولى التي تمّ وأدها بجبروت العسكر، وبتواطؤ مع القوى الاستعمارية في مطلع تسعينات القرن الميلادي المُنصرم.
مُخطئ من يظن أنّ الحكام العملاء سينجحون في إجهاض ثورات شعوبهم عبر استخدام شتى أساليب الخداع والمُراوغة للالتفاف حول إرادة التغيير لدى الجماهير، فلم تعد هذه الأساليب القذرة بقادرة على وقف طوفان الشارع العارم الذي أدرك حجم تآمر الزُمَر الحاكمة، واكتشف ألاعيبها، وفقد ثقته تماماً بوعودها البرّاقة الكاذبة.
وعلى سبيل المثال كانت أساليب الالتفاف تلك مفضوحة ومكشوفة في كلٍّ من السودان والجزائر حيث تندلع فيهما آخر الثورات، ولم يستطع مُدبرّوها إخفاء أهدافهم الخبيثة من ورائها، فأساليبهم المُبتذلة
الأمّة الإسلامية أمّةٌ حيّةٌ بإيمانها وإسلامها، وهي في مُجملها تُحبّ الإسلام، وتُحبّ تطبيق أحكام الشريعة الإسلاميّة، وتكره الكفر وأهله، وتنبذ أحكامه الوضعية، وتمقت من يدعو إلى إقصاء الدين عن الحكم، وعن السياسة، وعن الحياة، وهي في أغلبيتها الساحقة لا تثق بحكامها، ولا تحترمهم، وتعتبرهم مجرد أدوات رخيصة بيد الكافر المستعمر، وتتربص بهم الدوائر، وهي لا تثق أيضاً بعلماء بلاطهم، وتعتبرهم مجرد أبواق ذات خوار للحكام الطغاة.
انعقدت قمة عربية أوروبية يومي الأحد والاثنين 24-25 شباط/فبراير بشرم الشيخ في مصر كانت الأولى من نوعها على هذا المستوى، ورفعت شعار (الاستثمار في الاستقرار)، وشارك فيها رؤساء وملوك وأمراء دول عربية وأوروبية من 50 دولة، وكان حضور الأوروبيين فيها لافتاً وكثيفاً، إذ حضر القمة 25 مسؤولا أوروبيا، وترأس المؤتمر كل من دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي، وجان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية عن الاتحاد الأوروبي إلى جانب عبد الفتاح السيسي الذي تستضيف دولته القمة، وتمّ الاتفاق علىعقد مؤتمرات
تفتقر الأمّة اليوم إلى وجود السياسيين المُبدعين الذين يملكون القدرة على القيادة والرعاية، كما تفتقر لوجود السياسة بمعناها الرعوي الحقيقي، وسبب هذا الافتقار يعود إلى انعدام الفهم السياسي المبني على أسس وقواعد متينة يفتقدها غالبية الناس، وسبب هذا الانعدام يعود إلى غياب تطبيق أحكام الشرع الإسلامي
إنّ التعامل مع الخُطط الدولية ينبغي أنْ يكون هو الشغل الشاغل للقيادات السياسية الحقيقية التي تتولّى شؤون الأمّة، فلا قيمة لأعمال السياسيين إنْ لمْ تُعنَ بكشف الخطط التي تضعها الدُول المُعادية لهم، ولا مُستقبل للدول إنْ لمْ تُعطِ لهذا الكشف الأهمّية اللازمة.
للاطلاع على احدث ما ينشر من الاخبار والمقالات، اشترك في خدمة موقع جريدة الراية للبريد الالكتروني، وستصلك آخر الاخبار والمقالات بدون ازعاج بإذن الله على بريدك الالكتروني