من المصطلحات التي ألصقت بثورة الشام المباركة وتم التركيز عليها في كل مؤتمر بل مؤامرة لاحقة مصطلح الحل السياسي الذي طرح أوائل الثورة في مؤتمر جنيف بإيعاز أمريكي ومكر كبّار يقضي بانتقال (سلمي) للسلطة من إحدى ذراعي أمريكا إلى الذراع الثانية بالمحافظة على النظام بمؤسستيه الأمنية والعسكرية، وبهذا تكون قد ضمنت أمريكا بقاء نفوذها وتنهي أحلام ثورة قامت على المنظومة الدولية بأكملها.
إن من أبجديات الحروب أنك إن أردت أن تهزم عدوك، فقط خفض له سقف تطلعاته وقزّم له هدفه فيصبح بلغة التجارة يفاوضك على رأس المال بدل أن يكون التفاوض على هامش الربح!
هكذا تتعامل الأنظمة مع شعوبها وخاصة بعد ثورات ما سمي بالربيع العربي؛ فقد أجلبت الأنظمة على أدواتها بخيلها ورجلها، ومكرت مكر الليل والنهار حتى تمتطي الثورات وتحرف مسارها وتوصلها إلى نقطة الصفر، وقد برز ذلك جليا في ثورة أهل الشام، فبعد أن كان السقف عاليا فحواه إسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام، تم العمل على تقزيم الهدف من خلال قيادات فصائل مأجورين يروجون عن طريق المشرعنين مصطلحات ظاهرها فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب من مثل: إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وحقن الدماء، وأهون الشرين، وأخف الضررين؛ بمقاسات المصلحة العقلية المرتبطة ارتباطا عضويا بسوق النخاسة الدولاري، فتحول القتال من الهجوم إلى الصد، وانتقل المحرر الذي أصبح مكبلا بأموال الداعمين من خروج على النظام إلى سطوة الفصائل التي شابهت النظام واشتغلت بعقليته وبدأت ممارسات التضييق الممنهج وخاصة من هيئة تحرير الشام وذراعها السياسي (حكومة الإنقاذ).
فقد بات المحرر في كل يوم ينام على قرار ويصحو على آخر والهم الوحيد هو ملء الجيوب من أناس احترفوا الإفقار وسحب الأموال من الناس من غير رعاية أو قضاء مصالح، إلا بالقدر الذي لا يسمن ولا يغني من الجوع، فتجدك تعيش بين مطرقة شظف العيش وسندان رعب الأمنيات في منهجية لم تترك قوت يوم أو مورد دخل إلا وأجهزت عليه أو تكاد؛ فلم يسلم الوقود ولا الغاز ولا شيء، بل حتى الخبز، من إجحاف قرارات وتضييق في مشهد يعيد للذاكرة حكومات الجباية لا الرعاية والترحم على أيام الأنظمة المجرمة، فيستوي في أذهان الناس ظلم الفصائل وحكوماتها الكرتونية مع ظلم النظام وأجهزته بل يفوقها، فترى الناس يرضون بأي حل يرسم لهم مقابل الخلاص من الواقع المأساوي ويعيشون في ظله بنوع من الاستقرار، وبالتالي تهيئة الأجواء لعودة النظام بأثواب الحل السياسي الأمريكي، فتضيع التضحيات وتباع في سوق النخاسة الدولي ويقطع الطريق على مشروع خلاص الأمة ولات ساعة مندم.
فيا أهل الشام الصابرين المحتسبين، خذوا على يد الظالم وأوقفوا هذه المهازل واستعيدوا سلطانكم المسلوب وأتموا طريقكم الذي رسمتموه بالدماء، فقد اقترب الحبل كثيرا من الأعناق والمرحلة حرجة والوضع جد خطير، فالنجاء النجاء وفروا إلى الله إنا لكم منه نذير مبين.
﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾
بقلم: الأستاذ عامر سالم أبو عبيدة
رأيك في الموضوع