وقع الاتحاد الأوروبي مع تركيا خلال قمة في بروكسل الأحد 29 تشرين الثاني/نوفمبر، اتفاقا يعرض على أنقرة أموالا وعلاقات أوثق مع الاتحاد مقابل مساعدتها في وقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا.
ومن أبرز النقاط التي تم الاتفاق عليها بين الطرفين وفي مقدمتها منح «الاتحاد الأوروبي مساعدة إنسانية فورية ومستمرة إلى تركيا، والتعهد بتوفير مبلغ أولي بقيمة 3 مليارات يورو على أن يُعاد النظر في مدى الحاجة إلى هذه الأموال وطبيعتها في ضوء تطور الوضع».
كذلك «قررت تركيا والاتحاد الأوروبي تفعيل خطة العمل المشتركة» التي تفاوضت عليها أنقرة مع المفوضية الأوروبية في 15 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، والرامية إلى إدارة تدفق المهاجرين على نحو أفضل. وبموجب هذه الخطة، سيعزز الجانبان تعاونهما لحماية اللاجئين الفارين من الحرب وفي الوقت ذاته منع دخول بقية فئات المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي والعمل على إعادة هؤلاء «على وجه السرعة» إلى بلدانهم الأصلية. واتفقت تركيا والاتحاد الأوروبي على «وجوب إحياء عملية الانضمام»، وهما «يرحبان بالإعلان عن مؤتمر حكومي مشترك في 14 كانون الأول (ديسمبر) الجاري لفتح الفصل 17 حول السياسات الاقتصادية» من مفاوضات الانضمام التي تتضمن 35 فصلاً.
كما أن تركيا والاتحاد الأوروبي «أخذا علماً بالتزام المفوضية الأوروبية أن يتم خلال الربع الأول من عام 2016 الانتهاء من العمل التحضيري لفتح عدد من الفصول من دون الإضرار بمواقف الدول الأعضاء وبعدها يمكن البدء بالعمل التحضيري لفصول أخرى».
كما ستقوم تركيا بتسريع جهودها لتلبية المعايير الواردة في خريطة الطريق التي وضِعت منذ سنوات عدة، لإتاحة منح الرعايا الأتراك الراغبين في السفر إلى الاتحاد الأوروبي تأشيرات دخول بصورة أسهل.
ويأمل الطرفان بـ «الانتهاء من عملية تحرير التأشيرات» بحلول تشرين الأول (أكتوبر) 2016 «حالما تتحقق شروط خريطة الطريق».
واتفق الطرفان على «عقد قمم دورية مرتين سنوياً وفق شكل مناسب. وستشكل هذه القمم منصة لتقييم مدى تطور العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي والتباحث في ملفات دولية. كما يجب إجراء محادثات منتظمة وتعزيز التعاون في مجال السياسة الخارجية والأمن بما في ذلك مسألة مكافحة الإرهاب».
كان هناك استنتاج أوروبي بأن تركيا بتغاضيها سمحت للمهربين ولمافيا الاتجار بالبشر بتنظيم هذا التدفق الهائل للاجئين نحو أوروبا، إلى درجة أن الاتحاد الأوروبي أصبح بدوره يعاني من أزمة اللاجئين التي جعلت سبع دول أعضاء تعيد فرض الرقابة على حدودها، وخمساً منها تبني حواجز وجدراناً بينها وبين الدول غير الأعضاء، مما هدد نظام شنغن وأوشك على هز المنظومة الأوروبية برمتها. فالاتحاد الذي عقد خلال هذا العام سبع قمم لحل أزمة لاجئي سوريا قال إنه يؤمن أن حل هذه الأزمة سيتم من خلال أردوغان.
وعند النظر إلى القمة التي عقدت يوم الأحد 29 تشرين الثاني فيما يتعلق بمطالب تركيا الأربعة فمن الواضح أن مفاوضات رفع تأشيرة أوروبا عن الأتراك هو أهم ما تم تناوله.
وكان من المتوقع إلغاء التأشيرة في عام 2018 في حالة تطبيق جميع الشروط وفقا لخارطة الطريق لاتفاقية التحرر من التأشيرات التي تم قبولها في عام 2013. وبسبب قرارات القمة يوم الأحد تم تقديم ميعاد الإلغاء ليصبح 2016 بدلا من 2018. الأهمية الحقيقية في هذا الأمر تكمن فيما إن كانت تركيا ستنفذ الشروط الـ 72 التي فرضها الاتحاد أم لا؟ حيث إن هناك 72 شرطا لسفر الأتراك إلى أوروبا بدون تأشيرة!
وكانت تركيا قد طالبت في بداية المفاوضات بفتح فصل من ثلاث مباحثات، وعندما لم يحدث تجاوز عقبة يونانيي قبرص قبلت بفتح الفصل السابع عشر الذي أعدته قبل نحو سنة. ولم تذكر العناوين الأخرى في نتائج القمة. فلو حدث تجاوز أزمة اليونانيين، أي لو تم توقيع اتفاقية واحدة مفادها أن مباحثات قبرص صارت على ما يرام فستبدأ مسيرة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، فالجانب اليوناني حتى هذه اللحظة يمنع فتح 14 فصلا.
كما أن الثلاثة مليارات يورو ليست لدعم تركيا؛ فالأوروبيون هم من سيتخذون القرار لكنها ستنفق على لاجئي سوريا من خلال استشارة الجانب التركي. أما فيما يتعلق بدعوة تركيا إلى اجتماعات القمم الأوروبية، فقد كانت تركيا تشارك فعلا في القمم حتى عام 2006.
ومن الواضح أن كل هذه الهدايا المقدمة لأردوغان هي مقابل إيقافه تدفق اللاجئين إلى أوروبا، ولا بد من توقع أن ميركل ستتراجع عن جميع وعودها في حال استمر اللاجئون في التوافد إلى ألمانيا.
عقب إبرام تركيا مع الاتحاد الأوروبي اتفاقاً بشأن إعادة قبول اللاجئين مقابل الحصول على ثلاثة مليارات يورو لإيوائهم في أراضيها كثفت السلطات التركية من الإجراءات الرقابية على اللاجئين الهاربين.
وخلال الأيام الأربعة التالية للاتفاق تم القبض على 3 آلاف و449 مهاجراً، فيما تم القبض على 53 ألف مهاجر خلال الثلاثة أشهر الماضية في بلدة "أيواجيك" بمدينة جناق قلعة شمال غرب البلاد.
هذا هو الوجه الحقيقي لتركيا أردوغان؛ فبدل رفع الظلم عن مسلمي الشام بنصرتهم، وإيوائهم على الأقل حتى ينزاح عنهم إجرام بشار والغرب من ورائه، ها هو يتاجر بدمائهم، ويستغل التنظيمات المقاتلة التي ترتبط بتركيا لتحريكها خدمة لمصالح دول الغرب التي يخدمها أردوغان، ويلعب بورقة اللاجئين منهم للضغط على أوروبا لتحقيق مصالح سياسية يظن بها أنه سيصبح عضوا في الاتحاد الأوروبي وهو يعلم يقينا أن أوروبا لن تقبل بدولة يدين أهلها بدين غير دينها كما أعلنها قادتها صراحة مثل مستشارة ألمانيا - ميركل ولن يكون آخرهم خيرت فيلدرز رئيس حزب الحرية الهولندي المعروف بعدائه للمسلمين، الذي صرح أنه لا يرغب في رؤية تركيا بين دول الاتحاد الأوروبي، وأنه يعارض دخول الأتراك إلى الأراضي الأوروبية من دون الحصول على تأشيرات الدخول.
رأيك في الموضوع