أنهت قمة العشرين أعمالها في هامبورغ/ ألمانيا - والتي عقدت يومي الجمعة والسبت الماضيين - بالتوصل إلى بيان ختامي مشترك، فقد رحبت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل يوم السبت (الثامن من تموز/يوليو 2017) في ختام قمة مجموعة العشرين في هامبورغ، بتوصل دول المجموعة إلى حل توافقي فيما يتعلق بسياسة التجارة. وقالت ميركل: "أنا مسرورة الآن بنجاحنا في أن نقول بوضوح: يجب الإبقاء على الأسواق مفتوحة".
كما أظهر البيان الختامي، الذي وافق عليه زعماء دول مجموعة العشرين، خلافا بين أمريكا وباقي الأعضاء على اتفاقية باريس الخاصة بمكافحة آثار تغير المناخ. وذكر البيان "علمنا بقرار الولايات المتحدة الأمريكية بالانسحاب من اتفاقية باريس". وأضاف "زعماء الدول الأعضاء في مجموعة العشرين يعلنون أن اتفاقية باريس لا رجعة فيها". ومع ذلك فقد تنازلوا في جزئية متعلقة باستخدام الغاز الأمريكي من الصخر الزيتي حيث جاء في البيان الختامي: أن مجموعة العشرين ستساعد دولا أخرى في العالم "في الوصول إلى الطاقات الأحفورية واستخدامها"، ما يتنافى وسعي الأمم المتحدة إلى اقتصاد يكون أقل استهلاكًا للكربون، رغم أن المجموعة حرصت على التوضيح أن هذه الطاقات الأحفورية ستستخدم في شكل "أكثر نظافة".
وبشأن التجارة، وهي إحدى النقاط التي كانت شائكة خلال قمة هامبورغ على مدى يومين، اتفق الزعماء على مكافحة (السياسات) الحمائية بما في ذلك كل الممارسات التجارية غير العادلة مع الإقرار بدور الأدوات المشروعة للدفاع عن التجارة في هذا الصدد مراضاة لأمريكا كحل توافقي.
وبحثت القمة في وضع القارة الإفريقية إذ قدمت المستشارة الألمانية ميركل، مبادرة "اتفاقية أفريقيا" التي تهدف إلى تعزيز الاستثمارات الخاصة في أفريقيا خاصة في مجال البنية التحتية، الأمر الذي سيدعم نموا متوازنا ومستداما - من وجهة نظر الدول والشركات الرأسمالية - بينما لا تقتنع منظمات الإغاثة بهذا؛ إذ ترى هذه المنظمات أن محاربة الفقر وعدم المساواة المجتمعية سيجدي أكثر.
فدول قمة العشرين لم تفعل ما هو كاف من أجل القضاء على كوارث الجوع في نيجيريا وجنوب السودان والصومال واليمن؛ حيث تحتاج الأمم المتحدة 4,3 مليار يورو، كمساعدة لها في هذا الأمر وإلى الآن تمت الموافقة على منح أقل من نصف المبلغ، علما أن 20 مليون شخص ما زالوا مهدَّدين بالموت.
كما ناقشت القمة موضوع اللاجئين دون طرح حلول جدية تسهم في إنهاء معاناتهم ودار الحديث حول مكافحة منظمات تهريب اللاجئين وملاحقتها.
وعلى هامش القمة تم لقاء بين الرئيسين الأمريكي ترامب والروسي بوتين دام لما يزيد على الساعتين، وصرحا بأنهما يأملان في تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين، كما أنهما تفاهما من أجل هدنة في جنوب غرب سوريا، فقد صرح وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون: أنه من المفترض أن تبدأ الهدنة، التي تشارك فيها الأردن يوم الأحد القادم.
وسجّلت القمة في دورتها حاليًا السّنة الأكثر عنفًا، حيث واصل نحو عشرين ألف شخص تظاهراتهم ضد زعماء العالم الذين اجتمعوا في ألمانيا، ما أوقع صدامات عنيفة بينهم وبين الشرطة. وأفادت "فرانس برس" نقلا عن قوات الأمن في ألمانيا، أن نحو مئتي شرطي أصيبوا بجروح.
وقد حضر زعماء الدول جميعا قمة العشرين في هامبورغ عدا السعودية، الدولة العربية الوحيدة التي أعلنت أنها ستوفد وزير ماليتها ولن يحضرها الملك سلمان ولا ابنه ولي العهد بعد الانقلاب الداخلي الذي أطاح بمحمد بن نايف، ويبدو أن أسباب الغياب متعلقة بالوضع الداخلي للعائلة المالكة والتغييرات القادمة المتوقعة، وبعض التقارير ربطت الغياب بالأزمة الخليجية مع قطر ودور ألمانيا الذي ظهر قريبا من موقف قطر لذلك اقتصرت المشاركة السعودية على وزير المالية فقط.
مجموعة العشرين ويرمز إليها بـG20)) هي المنتدى المركزي الخاص بالتعاون الدولي في القضايا المالية والاقتصادية. تمثل دول مجموعة العشرين نحو ثلثي سكان العالم، وما يزيد على أربعة أخماس صافي الناتج القومي على مستوى العالم وثلاثة أرباع التجارة العالمية. قرارات مجموعة العشرين لها أهمية سياسية عالية وتعطي دفعة للإصلاحات على المستوى الوطني والدولي.
تتبع 19 دولة مجموعة العشرين وكذلك دول الاتحاد الأوروبي. وهذه الدول هي: الأرجنتين - أستراليا - البرازيل - الصين - ألمانيا - فرنسا - بريطانيا - الهند - إندونيسيا - إيطاليا - اليابان - كندا - المكسيك - روسيا - السعودية - جنوب أفريقيا - كوريا الجنوبية - تركيا - أمريكا.
وتشارك في قمة العشرين بشكل دوري منظمات دولية أيضًا: صندوق النقد الدولي - البنك الدولي - مجلس الاستقرار المالي - منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية - منظمة التجارة العالمية - منظمة العمل الدولية - الأمم المتحدة. هذا علاوة على رئاسة الدول والمنظمات الدولية الأخرى التي تتم دعوتها.
وتبحث القمة السنوية بشكل أساسي السياسات المالية والاقتصادية، ولكنها كذلك فرصة لاجتماع قادة العالم ومعالجة القضايا الراهنة سواء الأزمات الجيوسياسية أو التغير المناخي.
ولدت مجموعة العشرين عام 1999 نتيجة الأزمات الاقتصادية آنذاك بقرار من مجموعة الدول السبع/ الثماني، وفي البداية عقدت اجتماعات فنية بين الوزراء، ولكن بعد الأزمة المالية في 2008 تم رفع القمة إلى مستوى القادة على أمل منع انهيار النظام المالي العالمي.
هذه القمم والمؤتمرات من الأساليب والوسائل التي تعتمدها الدول الرأسمالية للالتقاء والتفاهم حول مصالحها، وكانت أداة في يد هذه الدول وبالذات أمريكا لفرض رؤيتها ونفوذها وقيادتها للعالم، وبعد مجيء ترامب وإدارته للبيت الأبيض لوحظ أنها لا تهتم بالتفاهم والمشاركة كما كان سابقا وتركز على تحقيق المصالح الأمريكية "أمريكا أولا"، بالنهب والبلطجة، وفي هذه القمة تحديدا كان ملاحظا أن ترامب ركز على الاجتماعات الجانبية وترك ابنته لتحل محله في الجلسة الأخيرة مما أثار تساؤلات كثيرة حول دور أمريكا في قيادة العالم، وأن العالم لم يعد يتطلع للقيادة الأمريكية كما جاء في صحيفة الإندبندت البريطانية.
رأيك في الموضوع