عقد في لندن يوم الخميس الماضي 28 شباط مؤتمر دولي كان متفقا عليه سابقا لمساعدة الأردن في مواجهة تبعات وأزمة اللاجئين السوريين كما يدعي الأردن، لكنه هذه المرة أصبح تحت عنوان جذب الاستثمار لدعم الاقتصاد الأردني (مبادرة لندن 2019: الأردن نمو وفرص)، وقد أعلنت بريطانيا واليابان وبنك الاستثمار الأوروبي عن حزمة مساعدات للأردن تبلغ قيمتها 2.6 مليار دولار لدعم الاقتصاد الأردني.
المؤتمر انعقد بالشراكة مع الحكومة البريطانية ومشاركة 450 من قادة القطاعات المختلفة من 60 دولة ومنظمة دولية، وقد أسفر المؤتمر عن إعلان الحكومة البريطانية عن دعمها بقرض للأردن من مؤسسة النقد الدولي بمبلغ 250 مليون دولار، كما أعلنت بريطانيا عن منحة بمبلغ 14 مليون جنيه إسترليني لصندوق يديره البنك الدولي وتموله الدول المانحة ويستخدم لتحديث الأنظمة الحكومية الأردنية ودعم الصادرات الأردنية وتسهيل عمليات الاستثمار والأعمال. كما أعلنت عن منحة جديدة بمبلغ 50 مليون جنيه إسترليني لصندوق خاص من الدول المانحة من أجل تقديم القروض بفائدة منخفضة لدعم الإصلاحات، وبرامج الشباب وخلق فرص العمل لهم مع التركيز على اللاجئين السوريين.
وترأس الملك عبد الله الثاني الوفد المشارك في المؤتمر، والذي ضم حوالي 270 شخصية من الحكومة والقطاع الخاص من بينهم رئيس الوزراء ووزراء المالية والتخطيط والصناعة والتجارة والطاقة والاستثمار. وقد قال الملك أمام المؤتمر: إن بلاده واجهت تحديات كبيرة في السنوات الأخيرة تضمنت تدفق حوالي 1.3 مليون لاجئ سوري إلى الأردن وعدم كفاية الدعم الدولي للتعامل مع تبعات ذلك، وأضاف أن النمو الاقتصادي البطيء للأردن "لن يؤدي بنا نحو المستقبل المطلوب".
وأضاف أن الأردن يغير من استراتيجيته الاقتصادية بحيث يركز على ميزاته التنافسية المتمثلة في ثروته البشرية ذات الكفاءة العالية والتي تهيئ الفرص لاستقطاب الاستثمارات التي تخلق الوظائف التي تدر دخولاً عالية. كما نوه إلى أن بلاده تتجه نحو زيادة الاعتماد على الطاقات المتجددة، بحيث من المتوقع أن تسهم بحوالي 20 في المئة من مزيج الطاقة بحلول عام 2020. لكنه أضاف بأن "إمكانية الحصول على التمويل ضروري جداً". كما قال إن هناك فرصاً جاهزة للاستثمار في الأردن، وأن المؤتمر يمثل بداية لبرنامج عملية التحول الاقتصادي في الأردن.
يذكر أن هذا المؤتمر نسخة ثانية لمؤتمر لندن الذي عقد عام 2016 لمواجهة الأزمة السورية والذي حصل فيه الأردن على منحة مالية قدرها 2.1 مليار دولار، وتمكن من رفع سقف الاقتراض إلى 5.7 مليارات دولار بنسبة ربا ضئیلة، ولمدة سداد 25 عاماً بضمانة الحكومة البریطانیة، كما تمكن الأردن من الحصول على ملیار دولار لتمويل بناء مدارس لمواجهة مشكلة لاجئین سوریا، ومنحة مالية بمقدار 300 ملیون دولار لدعم الموازنة العامة.
وألقت رئيسة الوزراء البريطانية بثقلها في هذا المؤتمر دعماً للجهود الرامية لدعم الأردن مشيرة في خطاب لها أن الأردن واجه مجموعة من التحديات الإقليمية والاقتصادية الصعبة في السنوات الأخيرة، مضيفة أنه يجب تمكين الأردن من أن يبقى منارة للاستقرار "لأنه يدافع عنا جميعاً ضد (الإرهاب)". ووصفت المؤتمر بأنه إعلان عن ائتلاف عالمي لدعم الأردن اقتصادياً.
وجاء انعقاد هذا المؤتمر وسط تحديات مالية واقتصادية كبيرة يكابدها الأردن، حيث بالكاد تستطيع الحكومة تأمين الإيرادات اللازمة لمصاريفها التشغيلية والاستثمارية كما تدعي بعد أن أرهق النظام جيوب أهل الأردن بالضرائب فهو لا يدخر تدبيراً ضريبياً إلا لجأ إليه لتأمين مزيد من الإيرادات لخزينة الدولة النهمة والتي يبدو أنها لا ولن تشبع.
طبعا هذه المؤتمرات ومثيلاتها لا يمكن أن تخلو من تبعات سياسية وأثمان تفرض على البلاد، فالأموال التي تحصل عليها في حقيقتها قروض طويلة الأجل وبربا أقل نسبيا من المعتاد مما يعني مفاقمة الديون وتبعاتها التي يتحملها أهل البلاد فقط ولسنوات عديدة قادمة، والأموال المقدمة لن يعرف ولن يرى لها أثر، فأموال مؤتمر 2016 لم تدخل الموازنة ولم يعرف أين صرفت على وجه الحقيقة كما صرح نقيب المهندسين السابق شبيلات، ويبدو أنها قد لحقت بسابقاتها من أموال وقروض في حسابات شخصية خارج البلاد، فالطغمة الحاكمة لا تلقي بالاً لنتائج أفعالها فهي في مأمن من المحاسبة كون النظام وأزلامه تحميهم القوانين التي صاغوها وعدلوها بأنفسهم.
ويأتي مؤتمر المانحين هذا في الوقت الذي يقف فيه مئات العاطلين عن العمل أمام الديوان الملكي، طلبا لفرصة عمل تنتشلهم من صفوف البطالة، فيما تغرق البلاد بأزمات اقتصادية أخرى عديدة، وتغرق أيضا على وجه الحقيقة بمياه الأمطار والخير لضعف البنية التحتية وفسادها وفساد القائمين عليها.
يبدو أن النظام وبعد أن ضيق على التجار والصناعيين وأرهقهم بالضرائب مما جعل قسما كبيرا منهم يغلق أبواب مصانعه ومحلاته ويهرب بماله لخارج البلاد مما يمهد للمستثمر (الأجنبي) الذي ستغير قوانين الاستثمار لصالحه فتمكنه من التملك التام كما صرحت الحكومة بذلك وسعى له النظام بهذا المؤتمر. فالأيدي العاملة والماهرة متوفرة وبكثرة ولن تكون تكلفتها على الأجنبي باهظة نسبيا، ولا أدري لماذا يذكرنا ذلك بمشروع بيريز للشرق الأوسط عام 1996 والذي ذكر فيه مشروع الشرق الأوسط الجديد، فالمال من الخليج والأيدي العاملة (العبيد) من العرب والمسلمين وصاحب العمل (الأجنبي)!!!
بريطانيا حريصة جدا على الحفاظ على هذا النظام كما صرحت رئيسة الوزراء البريطانية فهو يدافع عنهم أي عن الغرب ضد الإسلام!! ولا شك بذلك فهو لا يألو جهدا في محاربة حملة الدعوة وملاحقتهم وسجنهم وتقييد حريتهم. ونحن نعلم تماما وهم جميعا يعلمون أن أس الإرهاب والتآمر على بلاد المسلمين هي بريطانيا في الأصل وورثتها أمريكا في ذلك وكيان يهود.
رأيك في الموضوع