الاستاذ أحمد الخطواني
مفكر ومحلل سياسي - بيت المقدس
أعلنت فرنسا عن إرسال حاملة طائراتها شارل ديغول للمشاركة في قصف مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، وقالت بريطانيا بأنّها لا تقبل بأن يُدافع عنها الآخرون، وأفادت صحيفة صنداي تايمز البريطانية بأنّ رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يود أن يطلب من البرلمان البريطاني التصويت على الانضمام إلى الغارات الجوية ضد مقاتلي التنظيم في سوريا بعد رفض مجلس العموم الضربات العسكرية في سوريا عام 2013.
إنّ من أعظم ما ابتُليت به الأمة الإسلامية بعد سقوط الدولة الإسلامية، وتعطيل تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وتأثّرها بطريقة التفكير الرأسمالية، هو فقدانها لنهج التفكير العملي المنتِج في معالجة المشكلات التي تُواجهها، سواء أكانت تلك المشكلات سياسية أو عسكرية أو اقتصادية أو اجتماعية أو غير ذلك، فلم توجد أي حلول عملية أو منتِجة لمشاكل البلدان المحتلة مثل فلسطين وكشمير والقوقاز وغيرها طوال عشرات السنين، ولم يُتوصل إلى أي حلول شافية للمشاكل الناجمة عن الأنظمة الجبرية، والأنظمة التابعة للاستعمار، كما استمر التخبط في كيفية مواجهة أو مداراة الحكام الطواغيت.
لوحظ في الأيام الأخيرة حدوث تقدم عسكري محسوس على الأرض لصالح القوات العراقية المدعومة بميليشيات الحشد الطائفية على حساب تنظيم الدولة الإسلامية في محافظتي صلاح الدين والأنبار، فقد أعلنت قيادة العمليات
لروسيا مصالح حيوية ملحّة في أوكرانيا وفي سوريا، ففي أوكرانيا تُريد روسيا أن ترفع عنها أمريكا وأوروبا العقوبات التي فُرضت عليها بعد ضمّها لشبه جزيرة القرم، وبعد محاولاتها لضم شرق أوكرانيا إليها، تلك العقوبات التي شلّت اقتصادها، وأضعفت مكانتها الدولية خاصة بعد طردها من مجموعة الثماني الكبرى، وفي سوريا تُريد روسيا ضمان بقاء قاعدتها البحرية في طرطوس، وهي القاعدة الوحيدة التي تملكها في البحر المتوسط لا سيما إذا سقط نظام بشار الأسد.
يُخطئ من يظنّ أنّ أوروبا تستقبل اللاجئين المسلمين لدوافع إنسانية حسب ما يقول سياسيوها، أو أنّها تتعامل معهم على أسس تعددية ثقافية تتساوى فيها الحضارات والأديان حسب ما يزعم علمانيوها، فنصف الدول الأوروبية قد صرّح قادتها بأنّها تخشى من هجرة المسلمين إليها، وأنّ قدومهم سيشكّل تحدّياً جدياً على الهُوية (المسيحية) لأوروبا، وأمّا النصف الآخر
لروسيا مصالح استراتيجية واقتصادية كبيرة في سوريا، وما يحفظ لها هذه المصالح هو وجود قواعد ونفوذ محسوس لها فيها، وقاعدتها البحرية الموجودة في طرطوس منذ تأسيسها في العام 1971 تُعتبر بمثابة رئتها التي تتنفس بها عبر البحار الدافئة، وهي موطئ قدمها الوحيد والبالغ الأهمية في البحر المتوسط، ولا يوجد أصلاً لديها أية قواعد بديلة عنها تضمن لها النفاذ إلى المحيط الأطلسي وسائر المحيطات الأخرى، لذلك فهي تريد أن تكون قاعدتها هذه ثابتة ودائمة ومضمونة، ولا تتعرض لخطر الزوال بسبب الثورة وما قد ينتج عنها من سقوط النظام، فهي تريد ضمانات لبقاء وجود ثابت لها على الساحل السوري من خلال هذه القاعدة، لأنّ هذا الوجود بحد ذاته يُمكّنها من لعب دور سياسي مهم ليس في سوريا وحسب، وإنّما في منطقة الشرق الأوسط برمّتها، ومن هذا المنطلق يُمكن فهم سبب زيادة دعمها العسكري للنظام السوري الذي باتت ترى فيه ضمانتها الوحيدة للحفاظ على قاعدتها تلك، وعلى سائر نفوذها في سوريا والمنطقة.
لا يمر يوم على العراق إلا وتتراكم فيه المشاكل السياسية والأمنية والإدارية، فهو ما زال يتخبط على كل المستويات، فالسياسيون الذين يقودون الحكومة عاجزون عن القيام بالأعمال الجادة لإنهاء مشاكل العراق حتى البسيطة منها، لأنّهم مرتهنون في قراراتهم للإدارة الأمريكية التي سلّمت الدولة العراقية
بدأ اللقاء بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما وبين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بهالة من الحركات والتصريحات البروتوكولية اللافتة التي تدل على مدى تميز العلاقات بين أمريكا والسعودية، فقد استقبل أوباما الملك سلمان في مدخل البيت الأبيض بينما هو في العادة يستقبل زعماء العالم في مكتبه، فيما أشار الملك سلمان في
تظهر بين الفيْنة والأخرى في أروقة صُنّاع القرار السياسي الإيرانية اختلافات سياسية يصعب جسرها، على مستوى القيادات العليا في إيران، بدأت تطفو على السطح، ويُظن بأنّها ستُحدث تأثيراً بيّناً في السياسة الإيرانية الداخلية والخارجية، ويبدو معها أنّها قد تؤثّر في صنع القرار الإيراني، أو أنّها قد تُغيّر في الاتفاقات الدولية التي أبرمتها إيران مع القوى العالمية كالاتفاق النووي الذي وقّعته إيران مع الدول العظمى الخمس زائد واحد، أو أنّها قد تؤدي إلى تغيير ملموس في بُنية النظام السياسي في داخل إيران نفسها، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل لهذه الاختلافات انعكاسات جدية على القرار السياسي الإيراني؟ وهل لها إسقاطات منظورة على الواقع؟
بعد توقيع الاتفاق النووي بين إيران والقوى العظمى نقلت القيادة الإيرانية جُل ثقلها السياسي والأمني باتجاه الصراع في سوريا والعراق ولبنان واليمن والكويت والبحرين، ومن أحدث الأمثلة على بروز ذلك الثقل وجود مخالب إيرانية جديدة تعبث باستقرار وأمن هذه الدول بشكل لا يخفى على أحد؛ ففي سوريا تُباشر إيران بنفسها المفاوضات حول مصير مدينة الزبداني منحيةً جانباً حكومة الطاغية بشار، وفي العراق تقوم بتوفير الملاذ الآمن لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي بعد افتضاح أمره فيما يتعلق بملف الفساد، وبعد انكشاف أوامره بانسحاب الجيش العراقي أمام تقدم ميليشيات تنظيم الدولة في الموصل والرمادي، وفي لبنان تتمادى إيران في التدخل المباشر من خلال سفيرها ودبلوماسييها، أو من خلال حزبها اللبناني حزب الله في كل شؤون الحكم فيه، بحيث تحولت الدولة اللبنانية إلى ما يُشبه الرهينة التي لا تقطع أمراً إلا بعد أخذ موافقة إيران عليه، وفي اليمن فقد وضعت إيران كل ثقلها لمنع هزيمة الحوثيين هزيمة ماحقة أمام ميليشات المقاومة الشعبية، ومحاولة إعادة تموضع قواتهم في مناطق نفوذهم التقليدية في شمال اليمن، وفي الكويت والبحرين حيث توجد فيهما أقليات شيعية تعمل إيران على تحريك خلايا نائمة تابعة لها تقوم بالعبث بأمنهما وإثارة الفوضى فيهما.
للاطلاع على احدث ما ينشر من الاخبار والمقالات، اشترك في خدمة موقع جريدة الراية للبريد الالكتروني، وستصلك آخر الاخبار والمقالات بدون ازعاج بإذن الله على بريدك الالكتروني