يراهن الحوثيون دائما في مراوغاتهم السياسية على الدعم الأمريكي لهم عبر هيئة الأمم المتحدة التي هي في أصل نشأتها منظمة نصرانية أسستها دول أوروبا النصرانية وأطلقوا عليها عصبة الأمم النصرانية ثم تحولت فيما بعد إلى هيئة الأمم المتحدة لاستيعاب جميع الدول ومنها الدول الرأسمالية التي تحكم المسلمين والتي تسمى زورا وبهتانا بالدول الإسلامية، وفي الحقيقة لا توجد للمسلمين إلا دولة إسلامية واحدة هي دولة الخلافة الراشدة لكنها غائبة عن معترك الحياة والواجب على المسلمين إعادتها من جديد وإقامتها على أنقاض الأنظمة الرأسمالية التي تحكم المسلمين.
ونظرا لأن أمريكا هي صاحبة النفوذ الأقوى في هيئة الأمم المتحدة فإن الحوثيين يراهنون عليها لإضفاء الشرعية عليهم وغض النظر عن مراوغاتهم السياسية وأعمالهم التي تخالف بنود خطة إعادة الانتشار في الحديدة.
وأمريكا تسعى دوما إلى إنقاذهم كلما وقعوا في فخاخ أو كادوا يسقطون. فعندما تقدمت قوات الإمارات وأتباعها والمدعومة من بريطانيا في العام الماضي وبالتحديد في شوال 1439 هجرية في مدينة الحديدة ودخلوها لأول مرة منذ احتدام صراعهم عليها وكادت تخنق الحوثيين أو تنهي دورهم فيها سارعت أمريكا بكل قوة لإنقاذهم وفاحت رائحة عنجهيتها المنتنة التي أجبرت الطرفين المتصارعين على الخضوع لاتفاقية السويد التي تمخض عنها بنود خطة إعادة الانتشار في الحديدة التي تنص على انسحاب الطرفين المتصارعين من الحديدة وتسليمها لقوات الأمن المحلية وإعطاء دور إداري لهيئة الأمم المتحدة في موانئها، إلا أن الدعم الأمريكي القوي للحوثيين جعلهم يماطلون في تسليمها ثم قاموا بتسليمها لخفر السواحل التابعة لهم حتى تندر البعض عليهم بقوله (مليشيات الحوثي تسلم الحديدة لأنصار الله) وها هم اليوم يكررون السيناريو نفسه رغم الضجيج الإعلامي عن انسحابهم من الحديدة.
والجدير بالذكر أن الحوثيين لن يسلموا ميناء الحديدة لأي طرف إلا إذا كان ذلك الطرف منهم، فالحديدة بالنسبة لهم هي الرئة التي يتنفسون بها ويجنون من ورائها أموالاً طائلة فإذا ذهبت من أيديهم توقف تنفسهم فيؤدي حتما إلى خنقهم واضمحلال قوتهم في اليمن وسقوطها أو ضعفها على أقل تقدير، وهذا لا يعني إلا شيئا واحدا ألا وهو تلاشي نفوذ أمريكا في اليمن وسقوط مخططاتها، وهذا الأمر لا يمكن أن تقبل به أمريكا مطلقا إلا إذا عصفت بها المشاكل والأزمات التي أنتجها نظامها الرأسمالي العفن فتخرجها عن صوابها فتفقد القدرة على دعم بعض عملائها أو كلهم فيستغل الإنجليز الفرصة ويقومون بتجميع قواهم المبعثرة ويوحدون صفوف عملائهم فيستعيدون نفوذهم العريق منها وذلك بإفشال مخططاتها وإسقاط عملائها وهذا مجرد احتمال.
إلا أن الحقيقة التي يجب أن يدركها أهل اليمن هي أن بقاء الحديدة مع الحوثيين أو تسليمها لقوات موالية لهم مدعومة من هيئة الأمم المتحدة أو تسليمها للإمارات الوقحة التي تسعى لإعادة الوثنية في جزيرة العرب إحياء لمشروع عمرو بن لحي الوثني لن يأتي بالخير أبدا على اليمن وأهلها ما دام أصحاب النفوذ الحقيقي فيها هي الدول الاستعمارية الكافرة سواء أكانت أمريكا أم بريطانيا أم غيرهما.
إن الطرفين المتصارعين في اليمن ليس فيهما خير لأهل اليمن فرغم اختلافهما على من تكون السلطة والثروة والنفوذ بيده إلا إنهما متفقان على شيئين أساسيين لا يفرط أحدهما فيهما مطلقا.
الأول: تنفيذ أجندة الدول الغربية الاستعمارية والاحتكام في جميع مفاصل الدولة والمجتمع إلى قوانينهم الغربية الرأسمالية الفاسدة.
الثاني: محاربة الإسلام السياسي حربا لا هوادة فيها تحت كذبتهم مكافحة (الإرهاب) والسعي الحثيث من الطرفين إلى منع عودة الخلافة الراشدة الثانية لإدراكهم أنها ستؤدي حتما إلى النهضة الصحيحة الكفيلة بإعزاز الإسلام والمسلمين ومنهم أهل اليمن، والقادرة على تدمير الحضارة الغربية الفاسدة التي جلبت الشرور لأهل الأرض واكتووا بنارها قرابة قرنين من الزمن.
وإننا في حزب التحرير نكرر دائما ونستمر في ذلك لقناعتنا التي لا تتزعزع بصحة ما نقول؛ إن المخرج للمسلمين جميعا ومنهم أهل اليمن هو بإزالة الأنظمة الرأسمالية التي تحكم المسلمين وإسقاطها وإقامة حكم الإسلام على أنقاضها، فالإسلام هو النظام الذي شرعه الله خالق الكون والإنسان والحياة والذي يعالج كل مشاكل الإنسان معالجة دقيقة تؤدي إلى سعادته وإشباع حاجاته إشباعا صحيحا يضمن له السعادة والهناء ويصرف عنه التعاسة والشقاء ودولة الخلافة الراشدة التي شرع الله أحكامها هي الطريقة العملية لإيجاد حكم الإسلام في معترك الحياة وفي كل شؤونها.
يا أهل اليمن لا تراهنوا على حلول أعدائكم الكافرين ولا تنقادوا لعملائهم المجرمين فيجب عليكم:
1- التسلح بالوعي السياسي الصحيح الذي يرسم معالمه حزب التحرير ليحصنكم من مؤامرات أعدائكم
2- أن تأخذوا الموقف الصحيح الذي يرضي ربكم ألا وهو التخلي عن دعم الطرفين المتصارعين
3- أن تعملوا مع إخوانكم في حزب التحرير وأن ترصوا صفوفكم خلفه فهو القيادة السياسية الواعية المخلصة التي تريد لكم ولأمتكم الخير الذي لا يتحقق إلا بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة فهي التي تحل مشاكلكم وتخرجكم من كل أزماتكم وتعيدكم خير أمة أخرجت للناس، فاسعوا إلى تحكيم شرع ربكم وارفضوا حكم الرأسمالية الجاهلية... قال الله تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾[المائدة: 50]
بقلم: الأستاذ شايف الشرادي – اليمن
رأيك في الموضوع