من المسلمات في الفهم السياسي من زاوية العقيدة الإسلامية أن الدول القائمة في العالم اليوم كلها عدوة للإسلام، ومن نافلة القول أيضاً أن ثورة الشام إنما خرجت وتبلورت شعاراتها حتى أصبح الإسلام مطلباً أساسياً ووحيداً لها، ما جعل فرائص دول الكفر ترتعد فتكيد وتمكر للإيقاع بها وحرفها عن مسارها، فأجلبت أمريكا رأس الكفر وصاحبة النفوذ الوحيد في سوريا، أجلبت خيلها ورجلها؛ من قوة ناعمة تدعي زوراً وبهتاناً رعاية الثورة ومد يد العون بمال سياسي قذر صادر قرارات مجاهديها وجعلهم ألعوبة في يد الداعمين هذا من جهة، ومن جهة أخرى بعصا غليظة تخوف أولياء الموك والموم. فتسوقهم أمريكا للذبح بين مطرقة هؤلاء وسندان أولئك، كل ذلك لفرض الحل السياسي الذي يفضي للحفاظ على النظام المجرم بمؤسستيه الأمنية والعسكرية بل وحتى برأسه الذي صارت المطالبة بخلعه ضرباً من الخيال، وليس أدل على ذلك من آخر اتفاق للأدوات: تركيا وروسيا وإيران بالإبقاء على أسد لأجل غير معلوم.
وبالعودة للكماشة الأمريكية وطرفيها نجد أن هناك إيقاعاً متناغماً بين الأعمال العسكرية والسياسية ممزوجة بالتضليل السياسي للتعمية على الهدف المنشود بسحق الثورة والعودة إلى سيطرة النظام ليعيث فساداً وإجراماً أكثر من ذي قبل.
من أمثلة التضليل ما يصدر من تصريحات ومواقف بين الفينة والأخرى من خلافات روسية أمريكية ومفاوضات لتقريب وجهات النظر، أو خلافات بين موسكو وأسد وإظهار روسيا بالحمل الوديع الذي ترك صورة الذئب الشرس، مع أن المسلَّم به أن روسيا ما دخلت سوريا إلا بضوء أخضر من أمريكا للحفاظ على أسد عميل أمريكا.
وفي النتيجة إنما تتلاطم الأمواج مركب الثورة وتأخذه يمنة ويسرة؛ مرة بهدن ومفاوضات، وأخرى باقتتال داخلي، وثالثة بمناطق خفض تصعيد وما رافقها من هدنة بدأت من درعا لإيقاف جذوة "معركة الموت ولا المذلة" التي أرعبت الدول كلها على الإطلاق ورجع صداها على الأدوات والأتباع لأنها أعادت الأمل للناس بالقضاء على النظام ولفت الحاضنة الشعبية حولها وكادت أن تهدم كل ما بناه الكفر وأضرابه.
أقول إن هذه الأمواج تتلاطم مركب الثورة لسبب واحد واضح وبيّن ألا وهو عدم الالتفاف حول الربان المخلص الذي يمتلك النظرة الثاقبة الواعية على الأحداث والمشروع السياسي الذي يمثل تطلعات ثورة خرجت تنادي هي لله وقائدنا للأبد سيدنا محمد، المشروع الذي به وحده تمتلك الثورة مقومات نجاحها وسيرها إلى بر الأمان، هذا الربان يعرفه أهل الشام ولمسوا صدقه فيما حذرهم منه ببيان حقيقة الصراع أنه بين الكفر والإيمان، وما نصبه الكفار وأدواتهم من شراك وفخاخ أولها المال السياسي القذر مروراً بالهدن والمفاوضات وليس آخرها خفض التصعيد. هذا الربان ألا وهو حزب التحرير كان بحق الرائد الذي لا يكذب أهله، فما على أهل الشام إلا التمسك به والالتفاف حول المشروع الذي يقدمه والسير خلفه كقيادة سياسية لهدم صنم الكفر وإقامة صرح الإسلام، الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وعد الله وبشرى رسوله e وما ذلك على الله بعزيز ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِيْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾.
بقلم: عامر السالم
رأيك في الموضوع