ورد في تفسير البغوي: ﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ قيل: أي كما خذلنا عصاة الجن والإنس حتى استمتع بعضهم ببعض نولي بعض الظالمين بعضا، أي: نسلط بعضهم على بعض، فنأخذ من الظالم بالظالم، كما جاء: «مَنْ أَعَانَ ظَالِماً سَلَّطَهُ اللهُ عَلَيْهِ».
وقد ورد في التاريخ الكثير من القصص التي تبين ليس فقط مصير الظالمين بل أيضا مصير من أعانهم ولو بشطر كلمة بل حتى من كانت نيته حسنة في خدمة الظالم فسنمار مثلا كان مهندسا معماريا بارعا استجلبه النعمان بن المنذر والذي كان ملكا للعرب قاسيا حازما يرجع في ولائه للساسانيين الفرس كحال حكامنا اليوم أتباع الغرب الكافر حماة مصالحهم، استجلبه فبنى له قصرا من عجائب الزمان وحين أطلعه على سر في القصر لا يعرفه غيره رماه من أعلى القصر فكان المثل السائر في العرب "جزاء سنمار".
وهذا تيمورلنك حين خدع ابن مفلح في حصار دمشق وأوقع بين المرابطين في الحصون وجعل القابلين بالصلح يقاتلون إخوانهم الرافضين له وبعد أن أنهوهم قتلهم تيمورلنك عن بكرة أبيهم وقال لو كان فيهم خير ما ساعدونا على قتال إخوانهم.
وممن يضرب مثلا بالخيانة أيضاً ابن العلقمي وزير الخليفة العباسي المستعصم، الذي رتبَ مع هولاكو قتل الخليفة واحتلال بغداد، على أمل أن يسلمه هولاكو إمارة المدينة، إلا أن هولاكو قام بإهانته وقتله بعد تدمير بغداد. ويقول الزركلي عن مقتله: "وهناك روايات بأن مؤيد الدين - يعني ابن العلقمي - أهين على أيدي التتار، بعد دخولهم، ومات غما في قلة وذلة".
ومنذ ما قبل الميلاد حين بويع فلارس ملكا مطلقا لصقلية وعاث فيها فسادا طلب من نحاس من أثينا اسمه بيريلّوس أن يصنع له ثوراً للتعذيب لم يسبق له مثيل، حتى يتلذذ بشواء الناس فيه فكان أول من جرب فيه هذا الثور هو صانعه.
وقد سألوا هتلر ذات مرة: من أحقر الناس في حياتك؟ قال: الذين ساعدوني على احتلال أوطانهم.
وهكذا فهذا بعض ما قص لنا التاريخ عن نهايات أعوان الظلمة ومن يؤيدهم أو ينصرهم على ظلم الناس بقصد أم بغير قصد.
ومنذ أن قامت ثورات الربيع العربي على الحكام المجرمين عملاء الغرب الكافر رأينا أن بعض هؤلاء قد قُتل حتى بمساعدة أسياده فقد احترقت ورقتهم وحان استبدالهم.
ثم لتكبير المشهد أكثر وتوضيح الصورة كانت ثورة الشام حتى اللحظة تزخر بمشاهد تفصيلية من هذا القبيل فتجد أن الثورة حين قامت على طاغية الشام استخدمت أمريكا سيدته كل ما من شأنه أن يهزم الثورة ويحافظ على النظام فأدخلت أدواتها على خط الثورة والذين عملوا على ربط قادة الفصائل بدعمهم المشروط والمال السياسي القذر واصطناع اقتتالات فصائلية تنهك المجاهدين وتضعف الثورة وتريح نظام الإجرام وتستشف من خلالها أيهم أشد على الرحمن عتيا لتسير معه لتصفية الثورة وتسليمها لجلاديها.
وبعد أن ينهوا مهمتهم سيكونون إما في المقابر أو في الذلة والمهانة أو في المعتقلات والتعذيب إذ أنهم خونة ولا يأمن أسيادهم جانبهم.
فإلى أهل الشام الصابرين الصادقين المخلصين وبعد أن تبين لكم واقع هؤلاء العملاء وخطرهم على ثورة قدمت الغالي والنفيس لإسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام ألم يأن لكم أن تتحركوا لإنقاذ أنفسكم وأعراضكم ودينكم وتفوا لشهدائكم ومعتقليكم فتنقلبوا على قادة العار وعلى قيادتهم السياسية النظام العلماني التركي وتسيروا خلف حزب التحرير قيادة سياسية تملك الرؤية الصحيحة والمشروع الواضح المستنبط من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وتختاروا من أبنائكم قيادة عسكرية مخلصة من المجاهدين الصادقين الذين خبرتموهم فتسيروا نحو إسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾.
فبعد كل نهاية عميل يدفع الساكتون عنه فاتورة كبيرة، فإلى سعادة الدارين ندعوكم.
رأيك في الموضوع