ليتك تدري أيها الجندي أنك منذ لبست ثياب النمور وتقلدت نجوم القيادة على جنبيك ثم توليت قيادة الجيش فإن عمرك الحقيقي وحياتك الحقيقية في هذا المنصب يُحدده لك شرف حمل رسالة الإسلام إن كنت ممن يعقلون قضية وجودهم في الحياة، ومعنى الجندية في قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾، فإن كنت قد أدركت حقيقة من أوجدك، ولماذا، وإلى أين مصيرك بعد الموت... إن كنت قد أدركت ذلك عندما أطلقت العنان لعقلك أن يتفكر في حقيقة وجود هذا الكون والإنسان والحياة، هذه هي حقيقة حياتك؛ عمل في الدنيا ثم انتقال من الحياة الفانية إلى هناك حيث الحساب على كل قطمير عملته في الدنيا من خير أو شر.
أولاً: معنى الحياة:
كم قادة قد أغفلوا تلك الحقيقة؛ فعاشوا من دونها أمواتاً، وماتوا وهم أموات؟ وكم غيرك فطنوا تلك الحقيقة؛ فعاشوا بها أحياءً وماتوا عليها، وكُّنا - على غفلة منها - نَعُدّهم أمواتا وهم عند الله أحياء يُرزقون؟! ذلك لأنهم كانوا آذانا صاغية لنداء ذي الجلال والإكرام: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.
هل جاءك نداء يدعوك لتحكيم شرع الله؟ هل سمعت صرخات الثكالى في بلاد الإسلام؟ أم أصمَّك عنها إعلام الذين يشترون لهو الحديث ليضلوك عن سبيل الله؟!
أيها القائد البطل، أبعد عن أذنيك وقراً حجب عنك صوت منادٍ ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم، يقول لك: تحرر من هوان أفكار الاستعمار الأجنبي التي ساقتنا وإياك إلى الأطماع والصراع، والعصبيات الضيقة والهوان والدمار...
اخلع عنك أفكار الوطنية النتنة التي مزقتنا من بعد أن ألَّف الله بين قلوبنا، اخلع عن أمتك لباس فوضى الحريات القذرة الذي ألبسته لها أيادي الكفر زوراً وبهتاناً وأصبحت حامياً له.
أنت أهل أيها القائد الشهم النبيل لرفع راية الإسلام الواحدة، ونصرة الإسلام بنصرة العاملين المخلصين له بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، ونظام الإسلام العظيم.
واعلم أيها القائد النبيل أنك إن قرنت شجاعتك بمعنى الذل لمولاك العظيم؛ فقد يجري الله على يديك الفتح المبين، وتنال شرف لقب قائد الأنصار الجدد وفاتح روما فتفوز ببشرى رسول رب العالمين بإذن الله.
تأمل حين تأتي إليك جموع المسلمين مهاجرين من أصقاع الأرض أفواجاً ليكون عقر سلطانك هو دار الإسلام وتمكين خليفة المسلمين.
كلهم سيهتفون معك، لبيك يا أقصى لقد طال الحنين، وقد حَقَّت كلمات الله في كتابه العظيم ﴿فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا﴾.
إن بيت المقدس والخلافة توأمان يستمِدَّان عِزَّتهما من مشكاة واحدة ﴿فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا﴾.
أيها القائد الهُمام: إن الحياة بدون الإسلام ممات، وكلماتك الشُّجاعة بدون حروف العزة هي مجرد طيش وجنون... فاستيقظ لدعوة ساقها الله إليك نعمة منه أراد بها هُداك ﴿أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا﴾.
إننا الغرباء قد حملنا إليك دعوة الحق التي أحجم عن مخاطبتك بها الكثيرون؛ خشية بطشك بهم إن لم تتدبر عندها مأساة المستكبرين: ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾.
إننا من رجال الدعوة التي يحملها إليكم حزب التحرير يطلب منك النصرة لدين أراد الله أن نظهره على كل دين، جئناك ندعوك، وأنت بإذن الله قائد الأنصار الذي كتب الله على يديك قيام دولة الخلافة الراشدة الثانية التي وعد بها الرسول الكريم e «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»!!
ألا يا ليت شعري من ذا الذي له حظ عظيم يفصح عن معنى مقالي عند سلطان مكين!!
ولا أدري.. أأسْمعناك أيها الجندي حَيَّاً أم لا حياة لمن ننادي!! ولكننا بإذن الله لن نيأس وسنظل شوكة في حلوق الظالمين ندعو بالحق وننادي حتى يعلم الغافلون ﴿أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ﴾.
وإن غداً بإذن الله لناظره قريب.
بقلم: الأستاذ رمزي راجح – اليمن
رأيك في الموضوع