أعلنت الهيئة الانتخابية المصرية يوم 23/4/2019 أن نسبة المشاركة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية بلغت 44,33%. صوّت 88,83% منهم بنعم على هذه التعديلات التي تمنح السيسي البقاء في الحكم إلى عام 2030م، ورغم أنها نسبة مشكوك في صحتها، غير أنها تفضح هذا النظام وواقع الناس الرافض لوجوده. فرغم كل الإغراءات التي منحها النظام لمن يخرج للتصويت ولو بالرفض كانت نسبة المقاطعين 56.67% ونسبة الرافضين 12.17% بما يعني أن نسبة الرافضين للنظام ورأسه 68.84% أي ما يقارب الـ70% ممن لهم حق التصويت، رغم الحشد والرشوة والترغيب والترهيب واستغلال الإعلام وشيوخ الأزهر والأوقاف ورجال الإعلام والفن والسياسة وغيرهم لدفع الناس للخروج والمشاركة وإعطاء شرعية للنظام ورأسه، وانتشرت على مواقع التواصل صور وفيديوهات "للكراتين" وقسائم الشراء والنقود العينية التي توزع أمام اللجان على مدار ثلاثة أيام، حتى أسماها البعض بغزوة الكراتين! الأمر الذي بين صراحة ووضوح موقف أهل مصر الرافض للسيسي ونظامه بالكلية، ولولا أن الناس لا يدركون البديل الحقيقي أو لا يرونه رأي العين في ظل حالة انعدام الثقة التي تسبب فيها صعود الإخوان وقبولهم لسلطة منقوصة، واستدراج النظام لهم ثم الإطاحة بهم وتحميلهم والإسلام أوزار النظام كلها، لولا ذلك لرأينا للناس الآن شأنا آخر، فما تمر به البلاد أسوأ من حالها أيام حكم مبارك، والأوضاع متردية بشكل أسوأ مما كانت عليه عندما ثار الناس على مبارك وأسوأ مما انتفضوا لتغييره وتحسينه على كل الأصعدة سواء الأمنية أو السياسية أو الاقتصادية وحتى في جوانب التعليم والصحة والحريات، وأصبح النظام لا يوجه اهتمامه ورعايته إلا لفئات معينة هي قواعد حكمه وصمام أمانه في الجيش والشرطة والقضاء.
أثناء كلمته في احتفال المولد النبوي في كانون الأول/ديسمبر 2015م، قال السيسي: "لو عايزيني أمشي هأمشي، من غير ما تنزلوا، بشرط أن تكونوا كلكوا عايزين كدا"، فرد عليه أهل مصر بهاشتاج "ارحل يا سيسي"، وردوا عليه عمليا في هذا الاستفتاء بنسبة عدم الحضور مع الرافضين لتعديلاته بما يزيد عن 40 مليوناً ممن لهم حق التصويت فقط، الأمر الذي يعكس وجهة نظر أهل مصر في هذا النظام وأسه ورغبتهم في تغيير حقيقي شامل في ظل الوضع المتردي بشكل متنام خضوعا وامتثالا لقرارات صندوق النقد الدولي الذي أغرق الدولة في ديون يلتهم رباها غالبَ ميزانيتها، بل وأصبحت الدولة تقترض من أجل سداد ربا تلك الديون وهو ما أعلنه وزير مالية السيسي في لقاء على فضائية TEN في آذار/مارس الماضي قائلا لمذيع برنامج بالورقة والقلم (إن هذا العام يتم دفع 541 مليار جنيه فوائد، و276 مليار أقساط ديون، ومجموعهما 817 مليار جنيه فوائد وأقساط، والموازنة 989 مليار جنيه أي يتبقى حوالي 100 مليار، مردفاً: "بنستلف تاني"). (اليوم السابع 11/3/2019م)
يا أهل مصر الكرام! إنكم أقوى من هذا النظام مهما تطاول عليكم وحاول إرهابكم برصاصاته ومعتقلاته وأحكام إعدامه لشبابكم الموضوعة في الأدراج، إنكم أقوى برفضكم له ومقاطعتكم لانتخاباته واستفتاءاته، التي جعلته يجبر بلطجيته على تحصيل إتاوات من التجار ليوزعوها في صورة كراتين وغيرها على من يذهب للصناديق بعد أن جوعوا الناس وأفقروهم وألجأوهم لهذا وما هو أسوأ وأشد إذلالا، فأكملوا مسيرتكم رافضين لكل ما ينتجه هذا النظام من قرارات ودساتير وقوانين، وطالبوا أبناءكم وإخوانكم المخلصين في الجيوش باقتلاع هذا النظام من جذوره مع كل أدواته الخبيثة التي تنخر في جسد أمتنا كالسرطان، وعلاجها الوحيد هو بترها من جسد الأمة لتعود لها عافيتها، فطالبوهم بقطع دابرها وتبني مشروع جديد أساسه دينكم وعقيدتكم التي تدينون لله بها، خلافة على منهاج النبوة ودستورها الذي يحمله لكم حزب التحرير ويدعوكم لحمله وتطبيقه، وأنتم أهل الإسلام وخاصته ودرع الأمة وطوق نجاتها الذي رد كيد الصليبيين والتتار من قبل، فها هو الغرب أعاد الكرة وتمكن من الأمة ليس عسكريا فحسب بل عسكريا وفكريا واقتصاديا واجتماعيا فملك زمامها! كل ذلك بعد أن هدم دولة عزنا (الخلافة) ومزق بلادنا حتى صارت دولتنا أكثر من خمسين دولة! ووضع لكل رقعة منها خرقة أسماها علما وناطورا أوكل إليه أمر مجموعة من المسلمين وجعله حارسا على مصالحه في بلادكم يسلمه ثرواتها وخيراتها دون تلكؤ، فإذا قصر أو انتهى دوره ألقاه في قارعة الطريق والأمثلة كثيرة، فلا تكونوا يا أبناء الكنانة مفعولا بكم؛ أدوات في يد الغرب وعملائه الخونة، بل كونوا فاعلين كما كان أجدادكم الكرام... عودوا لأمتكم ودينكم وراية نبيكم التي أورثها لكم، وأزيلوا حدود سايكس بيكو من عقولكم واجعلوا خرقها المهلهلة المسماة أعلاما تحت أقدامكم، ولا تكن لكم راية غير راية نبيكم التي تعبر عن هويتكم وعقيدتكم وحضارتكم، ولا تكن لكم غاية إلا الغاية التي ترضي ربكم عنكم؛ نصرة صادقة لشباب حزب التحرير المخلصين العاملين لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، نصرة كنصرة أنصار الأمس تعيد الأمة كما كانت سيدة للدنيا وتنهي عقود نهب الغرب لثرواتها وخيراتها وهيمنته على مقدراتها، وتعيد هذه الثروات لأبناء الأمة وتنهي فقرهم الذي صنعته الرأسمالية بنفعيتها وجشعها وتوحشها، ويعم خيرها البشر والشجر والطير والحجر... فيا سعدكم إن فعلتم وكان هذا الخير بكم أنتم قبل غيركم، فمن للإسلام إن لم يكن أنتم، ومن أولى بنصره منكم يا جند الكنانة؟ فاحرصوا على الخير الذي أنتم أهله عسى الله أن يثبت أجركم ويفتح على أيديكم فتفوزوا فوزا عظيما، اللهم عجل بها واجعل جند مصر أهل نصرتها واجعلنا من جنودها وشهودها.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
بقلم: الأستاذ سعيد فضل
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع