قال المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، السبت 11 آب/أغسطس 2018م، إن "وحدة اليمن مهمة وإذا انفصل اليمن سيكون ذلك كارثياً". وفي حوار معه أجرته "الشرق الأوسط"، أكد غريفيث على "ضرورة أن يدرك الجنوبيون ما سيحدث في مشاورات جنيف، ولاحقاً في المفاوضات لأنها ستؤثر فيهم". وقال: "إن مسألة مستقبل الجنوب لن يتمّ التفاوض بشأنها في هذه المشاورات، بل ستكون جزءاً من نقاش يمني في المرحلة الانتقالية". وأردف: "بصفتي مبعوث الأمم المتحدة أؤمن بسيادة ووحدة وأمن أي دولة، التي هي قيم الأمم المتحدة، فإننا لا ندعم الانفصال، نحن لا ندعم أي انفصال ما لم يكن نتيجة عملية توافقية داخل تلك الدولة العضو". وقال: "نعلم أنّ الواقع قد تغيّر في الجنوب، يحتاج أبناء الجنوب أن يكونوا جزءاً من هذه العملية بطريقة أو بأخرى نعمل على تحديدها معهم، لأنه يجب أن يكونوا جزءاً من مستقبل اليمن ولا يمكن تجاهلهم".
وكان المبعوث الأممي غريفيث، دعا الأطراف اليمنية إلى مشاورات في جنيف في السادس من أيلول/سبتمبر القادم.
(وقال جريفيث لصحيفة الشرق الأوسط، "نحن نحاول أن نتوصل إلى أن تتفق حكومة اليمن وأنصار الله (الحوثيون) على القضايا الضرورية لوقف الحرب والاتفاق على حكومة وحدة وطنية بمشاركة الجميع". وأضاف "سيتطلب ذلك اتفاقاً موقعاً من قبل الجميع يتضمن أولا خلق عملية انتقالية سياسية مع حكومة وحدة وطنية... وثانياً سيتطلب وضع ترتيبات أمنية لانسحاب جميع المجموعات المسلحة من اليمن ونزع سلاحها"، وبحسب رويترز: نجحت جهود غريفيث حتى الآن في تفادي هجوم شامل للتحالف العسكري على مدينة الحديدة الساحلية الرئيسية في غرب اليمن التي يسيطر عليها الحوثيون، لكن المعارك والهجمات استمرت في البلد الفقير الذي يسيطر الحوثيون على أكثر مناطقهسكانا بما في ذلك العاصمة صنعاء. وأخفقت محادثات سابقة رعتها الأمم المتحدة في إنهاء الصراع الذي يعتبر إلى حد كبير حربا بالوكالة بين السعودية وإيران. وانتهت آخر جولة من المحادثات عام 2016 بانسحاب حكومة هادي بعدما رفض الحوثيون اقتراحا من الأمم المتحدة يدعو الجماعة لترك ثلاث مدن رئيسية بينها صنعاء تمهيدا لإجراء محادثات لتشكيل حكومة). رويترز
وقال غريفيث إنه ينبغي أن يشارك في مباحثات الحكومة الجديدة ممثلون عن المؤتمر الشعبي العام، الذي كان يقوده الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي قتل العام الماضي.
من الواضح أن المبعوث الأممي إلى اليمن البريطاني غريفيث قد تلقف الملف اليمني بعد فشل سلفيه السابقَين اللذين زادا من حدة الصراع وعملا على تمكين الحوثيين خدمة لأمريكا التي كانت في عهد أوباما تطلق يد إيران وأحزابها في المنطقة لإفشال الثورات والبقاء كشرطي تعتمد أمريكا عليه في محاربة الإسلام، ومع تغير الإدارة الأمريكية بمجيء ترامب بدأت أمريكا في الركون إلى السعودية عميلتها لتقوم بهذا الدور وفي المقابل لا بد من أن تحدد الأدوار لعملائها فهي تسعى لتحجيم إيران وبالتالي أحزابها في المنطقة وإن كانت ستشرك الحوثيين في الحكم في ظل أن يكون ملف اليمن بيد السعودية وهكذا.
لتنفيذ هذه الأدوار ورسم الحل التوافقي في اليمن أتت بريطانيا برجلها المبعوث الأممي غريفيث ويبدو أن ذلك بتوافق مع أمريكا كون ذلك الحل سيصب في مصلحتها ومصلحة عميلتها السعودية وسيتم إشراك الحوثيين.
إن المبعوث الأممي غريفيث حاله كحال رجال الإنجليز يمتاز بالإنصات والدهاء والحيلة، وقد كان يعمل علاقات طيبة مع الحوثيين ليعيدهم للمفاوضات، وقبل ذلك بدأ تحت شماعة الملف الإنساني يجرجر الحوثيين ويحذرهم بنوايا التحالف وخاصة دولة الإمارات أنها ستستأصلهم من الحديدة ويحذرهم من معارك شرسة فيها، فأعلى سقف مطالبه حتى إذا ما وافق الحوثيون على الأدنى قبل منهم، في المقابل كان عملاء الإنجليز الذين تدعمهم الإمارات يتقدمون باتجاه الحديدة بدعم إماراتي قوي جوي وبري وبحري، واستخدام سياسة العصا والجزرة أنجحت سياسة عملاء بريطانيا ليوافق الحوثيون على العودة للمفاوضات، التي بدورها إن أدت للحل السياسي الذي ينشده المبعوث الأممي فيسكون فيها أطراف الإنجليز لهم النصيب الأكبر؛ فهادي وشرعيته طرف، وجناح علي صالح طرف، وهناك أطراف أخرى جنوبية تدعمها الإمارات وهكذا... أما أمريكا فلن يكون لها إلا الحوثيين وأجنحة صغيرة انفصالية أو منظماتية.
لقد كان دخول الإمارات في عاصفة الحزم براً إلى عدن مخالفاً لما كانت تريده السعودية من خلال عاصفة الحزم بأن تكون ضربات جوية محدودة، لكن تدخل الإمارات بتلك الصورة حال دون انفصال الجنوب الذي كانت معظم قياداته الحراكية الانفصالية تدعمها إيران، لكن الإمارات بدهاء الإنجليز عملت لاحتواء معظم القيادات هناك عن طريق العلاقات والمال والسلاح وسايرت مطالبهم الانفصالية مسايرة لتقول لهم نحن أتينا للقضاء على الحوثيين، واستخدمت قوة كبيرة جنوبية في معاركها ضد الحوثيين في مناطق الساحل الغربي وغيره، ولم تفصح أنها تمنعهم من الانفصال وتقرير مصيرهم إلا مؤخراً بعد أن تمكنت في الجنوب ومفاصله، بينما لا زال هناك حراك انفصالي مدعوم من إيران بقيادة حسن باعوم يعمل لطرد الإمارات، معظم قياداته في الخارج ولا وجود قوياً له، إلا أن الحوثيين يتناغمون معه تماماً ويلمحون أنهم مع القضية الجنوبية ولو أدت إلى الانفصال.
لقد أجبرت الإمارات عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الذي تدعمه على الظهور على قناة أبو ظبي الإماراتية قبل أيام ليصرح أنه لا يقف وراء أحداث الفوضى والاحتجاجات والاغتيالات في عدن، وأجبرته على أن يمد يده للرئيس هادي الذي عاد هو وحكومته إلى عدن مؤخراً رغم الأوضاع الأمنية الصعبة فيها، وقد بدا الزبيدي مشتتاً غاضباً ومذهولاً من قوة الصفعة، ورغم تهديده بأنه إذا تم تجاوز القضية الجنوبية من قبل التحالف أو المبعوث الدولي فإنه سيفشل ذلك إلا أنه لن يستطيع بعد أن كبلته الإمارات تكبيلا.
التعويل على الأمم المتحدة لحل الأزمة في اليمن لن يؤدي إلى الحل المستدام الذي ينهي الشحناء والبغضاء ويحل الخلافات جذرياً خاصة بعد سيل الدماء وشغف الأطراف المتصارعة على السلطة في مناطق سيطرتها فهي لن تترك ذلك بسهولة.
إن الحل الصحيح الجذري لن يكون إلا في التحاكم إلى شرع الله وإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وهذا ما ندعو أهل اليمن إليه.
بقلم: الأستاذ عبد المؤمن الزيلعي
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية اليمن
رأيك في الموضوع