منذ بدء القوات الإماراتية بمحاصرة مدينة الحديدة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وأمريكا تحاول أن تمنع الإمارات من دخولها بحجة (القلق) على المدنيين تارةً والحفاظ على ميناء المدينة لإدخال المساعدات تارةً أخرى، إلاأن الإمارات تجاهلت الوعيد الأمريكي وتقدمت قواتها صوب مطار المدينة وأوثقت خناقها عليها وقامت بإنزال بحري وجوي لقوات ضخمة، ولم تكترث لاجتماع مجلس الأمن الذي حاولت فيه أمريكا إيقاف الحرب على المدينة. ما كانت الإمارات لتفعل ذلك دون أنتساندها دولة عظمى، وهكذا كان فقد صرحت بريطانيا أن معركة الحديدة معركة (شرعية) جاءت بطلب من الحكومة الشرعية، وإحكاما للدور قامت الإمارات باستدعاء الرئيس اليمني عبد ربه هادي والذي أعلن من هناك البدء في معركة (تحرير) الحديدة، وخلال يومين قام مجلس الأمن الدولي بعقد جلسة طارئة ثانية له معلنا بذله جهودا دبلوماسية لإيقاف معركة الحديدة (حرصا على حياة الأبرياء)!!
وجاء في وكالات الأنباء الجمعة غرة شوال الجاري، الموافق 15 حزيران/يونيو الإعلان عن زيارة جديدة للمبعوث الأمميإلى اليمن مارتن جريفيث، إلى صنعاء يبدو أنها لمحاولة الأخذ بيد الحوثيين نحو المفاوضات السياسية وهم - لا يزالون أحياء - قبل سقوط كامل مدينة الحديدة من أيديهم.
وذكرت رويترز عن مسئول إماراتي أن أمريكا رفضت طلبا إماراتيا منأمريكا للمشاركة في (تحرير) الحديدة، فيما وافقت فرنسا شريطة أن تكون مشاركتها محصورة في عملية إزالة الألغام التي زرعها الحوثيون حول المدينة، وبهذا حصلت الإمارات على دعم أوروبي واضح في تقدمها العسكري صوب الحديدة، بينما لم تستطع أمريكا إخفاء قلقها على عملائها الحوثيين، الذين تراجع دورهم بتراجع الدور الإيراني في المنطقة، فقد صرح ترامب أنه بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، قامت الأخيرة بسحب رجالها من سوريا واليمن، وأضحت أمريكا تعتمد في المنطقة على عميلها الجديد محمد بن سلمان، ولهذا لا زالت العمليات في اليمن تتم باسم التحالف العربي الذي تقوده السعودية، وإن كانت الإمارات تستغل مشاركتها فيه لفرض تقدمها العسكري على طول السواحل اليمنية، ويبدو أن أمريكا بعد أن استبدلت عميلا بعميل آخر، ستجعل من السعودية وابن سلمان تحديدا، مهندسا للمفاوضات السياسية القادمة في اليمن، وستفرض الحوثيين حزبا سياسيا بالإضافةإلى رجال آخرين تحاول أن تكسبهم في معركة العمالة التي تنافسها فيها العريقة بريطانيا، فقد جمعت مصر الموالية لأمريكا، قيادات في المؤتمر الشعبي العام، وقالت دورية إنتلجنس الاستخباراتية الأمريكية إن السيسي التقى في القاهرة بالشيخ ناجي الشايف، شيخ قبيلة بكيل، كما التقى اللواء عباس كامل في القاهرة بعدد من القيادات المناصرة للرئيس السابق علي صالح.
والخلاصة أن بريطانيا تعتمد في سياستها في اليمن على الوسط السياسي المزروع منذ استعمارها لعدن والمتمثل في عبد ربه هادي والأحزاب السياسية هناك، بالإضافةإلى الدور الإماراتي العسكري وسيطرته على السواحل والمؤانئ اليمنية، بينما تعتمد أمريكا على عميلتها السعودية في قيادة نصر عسكري لابن سلمان يعزز الدور المستقبلي المنوط به لخدمة المصالح الأمريكية في المنطقة بديلا عن إيران التي لم تفلح في خدمة أمريكا خصوصا في اليمن، وستكتفي من الحوثيين بدور سياسي يجعلهم داخل السلطة القادمة في البلاد.
وحتى لو اتفقت الأطراف الدولية على حل سياسي ينهي أكثر من ثلاث سنوات من حرب الأشقاء، فإن معاناة أهل اليمن لن تنتهِي، طالما تنافس الاستعمار الغربي على ثروات البلاد الواعدة بينما يصطلي أهلها بنيران أسلحته المصدرة إلينا!! علاوة على اتفاق الغرب في حربه الحضارية على الإسلام.
إن الحل الصحيح والوحيد للأزمة اليمنية هو حلها من منظور شرعي إسلامي، وهو ما يجمع حوله كل أهل اليمن، وهذا المنظور يقضي بإيقاف الحرب وحقن الدماء، وطرد الكافر المستعمر وعملائه من البلاد، وإنزال أحكام الشرع منزل التطبيق والتنفيذ في توزيع الثروات والحقوق، ورفع راية الإسلام في دولة تجعل أنظمة الحياة تسير وفق أحكام الشرع في الحكم والاقتصاد والتعليم والسياسة الخارجية، اسمها دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي بشرنا رسول الأمة بدخول زمانها، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «...ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ» رواه أحمد.
رأيك في الموضوع