أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن يوم الاثنين 25 كانون الأول/ديسمبر 2023م، عن إطلاق عملية متعددة الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر في أعقاب سلسلة من الهجمات الصاروخية وبطائرات مسيرة شنها الحوثيون المتحالفون مع إيران في اليمن. وقال أوستن، الذي يقوم بزيارة إلى البحرين، التي تستضيف الأسطول الأمريكي في الشرق الأوسط، إن الدول المشاركة تشمل بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا. وأضاف أنهم سيقومون بدوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. وقال أوستن في بيان "هذا تحد دولي يتطلب عملا جماعيا.. ولذلك أعلن اليوم عن إطلاق (عملية حارس الازدهار)، وهي مبادرة أمنية مهمة جديدة متعددة الجنسيات".
وعند تدقيق النظر نجد أن هناك دعماً محدوداً لتلك الدول المشاركة في عملية حارس الازدهار، فقد سبق وصرحت وزارة الدفاع الإيطالية أنها سترسل الفرقاطة فيرجينو فاسان إلى البحر الأحمر استجابة لمطالب السفن الإيطالية. كذلك فرنسا أعلنت أن سفنها ستبقى تحت القيادة الفرنسية. وأعلنت وزارة الدفاع الإسبانية أنها لن تشارك إلا في مهام يقودها حلف الناتو أو الاتحاد الأوروبي. هذا إلى جانب المشاركات المحدودة من بعض الأعضاء مثل هولندا التي سترسل ضابطين، والنرويج التي سترسل عشرة ضباط بحرية إلى البحرين. وباستثناء بريطانيا التي أعلنت أن سفنها ستعمل في ضوء عملية حارس الازدهار، فإن هذا يعكس عدم التوافق أو الالتفاف الغربي حول الموقف الأمريكي، وأن انضمام بعض الدول جاء إما بناءً على ضغوط أمريكية أو لحماية مصالحها أو لمجرد البقاء في الصورة وحجز مقعد في الحسابات الدولية.
ولا بد من الإشارة هنا أن هناك قوة دولية موجودة بالفعل وتعمل للغرض نفسه، وهي قوة "المهام المشتركة 153" التي شكلت في نيسان/أبريل 2022، وضمت 39 دولة، ومنها الولايات المتحدة والسعودية ومصر والأردن والإمارات وكيان يهود... وغيرها، وذلك بهدف مكافحة "الأنشطة الإرهابية والتهريب" في البحر الأحمر وخليج عدن، كما تم الإعلان عنه رسميا. وهنا يثور التساؤل المهم: لماذا أعلنت أمريكا عن إنشاء هذا التحالف الدولي؟ وهل هي في حاجة لهذا التحالف لردع الحوثيين؟ والإجابة المباشرة هي لا، لا تحتاج أمريكا إقامة تحالف لحماية الملاحة في البحر الأحمر، فسفنها تمخر فيه وسفن التحالف "المهام المشتركة 153" كذلك والذي أُسس أساساً لحماية الملاحة الدولية هناك.
وللإجابة على السؤال الأول: لماذا أعلنت أمريكا عن هذا التحالف الجديد (حارس الازدهار)؟ من المفيد العلم أن المبعوث الدولي إلى اليمن هانس غروندبرغ قد أعلن عن قبول الأطراف اليمنية المتنازعة للتوقيع على خارطة طريق للتوصل إلى سلام دائم في اليمن، وقال إنه من المتوقع التوقيع عليها مطلع العام القادم، وكانت الأطراف المحلية والإقليمية والدولية قد رحبت بتلك الخارطة. وإنشاء تحالف دولي ضد الحوثيين، واستعراض الحوثي لقواته في الحديدة في وقت مواز، يرفع أسهم الحوثيين في المفاوضات المزمع عقدها ضمن خارطة الطريق الأممية، أمام الحكومة اليمنية المسنودة من بريطانيا، ولهذا أرادت أمريكا تعزيز موقف الحوثيين وقدراتهم العسكرية أمام الحكومة (الشرعية) لإشراكهم في السلطة السياسية في اليمن، وهذا يخدم المصالح الأمريكية في البلاد التي تنافسها فيها بريطانيا عن طريق عملائها في حكومة رشاد العليمي، وعن طريق الإمارات والأحزاب الملتفة حولها.
إن نصرة أهلنا في غزة لا تكون بتحريك الوكلاء في البحر الأحمر وجنوب لبنان، بل شعار (وحدة الساحات) يوجب تحريك الجيوش لنصرة المستغيثين في غزة وتحرير المسجد الأقصى بل كل فلسطين، أما السير مع مخطط أمريكا في إجبار الكيان على حل الدولتين فهذا يخدم الغرب عامة وأمريكا خاصة في حربها الحضارية على الإسلام والمسلمين، وليس هناك فرق بين خدمة أمريكا علناً كما يفعل عملاؤها في بلاد الحرمين أو في أرض الكنانة، وبين من يخدم أمريكا خلف شعارات "الشيطان الأكبر" و"الموت لأمريكا"، فنتيجة الصمت تجاه جرائم الكيان لأكثر من ثمانين يوما في الوقت الذي تمتلك الجيوش ما يمكن أن تقضي به على يهود وتشرد بهم في الأرض، واحدة. وهنا لم يبق لدى الأمة الإسلامية بجماهيرها وجيوشها إلا خيار واحد، هو الإطاحة بالأنظمة العميلة القائمة في المنطقة سواء التي ترفع شعار الموت لأمريكا، أو التي تتحالف علنا معها، ثم التوجه نحو إقامة المشروع الذي يرفع راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلياً بتطبيق أحكام الله في الحكم والاقتصاد والتعليم والسياسة الخارجية وكافة الأنظمة، ويحمل الإسلام بالدعوة والجهاد إلى العالم، وذلك عن طريق دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تؤكد حرب غزة ظهور تباشيرها قريبا بإذن الله.
رأيك في الموضوع