لقي أكثر من 85 شخصاً حتفهم وأصيب أكثر من 300 في حادث تدافع في صنعاء الخميس 29 رمضان 1444ه الموافق 20 نيسان/أبريل 2023م، وكان أولئك الضحايا يتدافعون من أجل الحصول على الزكاة التي كان يقوم بتوزيعها أحد التجار في صنعاء، وكان كل فرد يتحصل على خمسة آلاف ريال يمني أي ما يعادل 9 دولارات! ما يدل على حجم المعاناة التي وصل إليها أهل اليمن للحصول على لقمة العيش!
فمن الذي أوصل أهل اليمن إلى هذه الحال؟
واليمن يحتل موقعاً استراتيجيا في غاية الأهمية عالمياً وهو يسيطر على أهم ممرات التجارة العالمية.
واليمن يمتلك قاعدة مثلث الثروة في الجزيرة العربية من نفط وغاز وذهب ومعادن.
واليمن يمتلك سواحل بحرية طويلة في المحيط الهندي والبحر الأحمر ويزخر بثروة سمكية لا تضاهى.
واليمن يمتلك تعدادا سكانيا كبيرا مقارنةً بدويلات الجوار يتجاوز 30 مليون نسمة وتنوعاً جغرافياً نادراً في العالم.
واليمن يمتلك تاريخاً عريقاً وتراثا عالمياً يسيل له لعاب أهل الاختصاص...
هذا اليمن الذي كان يسمى (اليمن السعيد) أضحى اليوم رمزاً للجوع والعوز والمهانة والابتذال، وصار أهله يموتون جوعا أو مرضا أو برصاص بعضهم بعضا، ضحايا المليشيات المسلحة التي أنشأها الغرب الكافر بمساعدة دول الجوار، كي تكون بديلاً عنه في صراعها على النفوذ والثروة في البلاد.
إن المسؤول عن ذلك ولا شك هم حكام اليمن في الشمال والجنوب، الذين ينفذون مشروع إيران الطائفي التوسعي لمصلحة أمريكا، فلطالما كانت إيران ذراع أمريكا في المنطقة بدءاً من أفغانستان والعراق مروراً بالشام ولبنان ووصولاً إلى اليمن، في الوقت الذي يرفعون فيه شعار "الموت لأمريكا"، تجد أمريكا تهرّب لهم الأسلحة بطائرات الأمم المتحدة، وتعترف بهم حكومة (أمر واقع) في صنعاء بل تجعلهم نداً للحكومة الأصلية في أي مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة التي تسيطر عليها أمريكا.
وها هي ذراع أمريكا الثاني في المنطقة مملكة آل سعود تتفاوض معهم مباشرةً وتساندهم سياسياً وتضغط على حكومة اليمن للتفاوض معهم على اقتسام السلطة من أجل استنساخ تجربة لبنان في البلاد.
لم يعد ذلك سراً، لقد دعمت أمريكا الحوثيين مباشرةً وعن طريق إيران والسعودية سياسياً وعسكرياً وأمنياً وسلحتهم من أجل قتل اليمنيين إن لم يكن بالرصاص الغاشم فبالجوع والعوز والقهر والمرض والإذلال.
لكن لماذا تفعل أمريكا ذلك؟
تفعل ذلك لطرد النفوذ البريطاني العريق في عدن الذي زرع قبل خروجه الشكلي حكاماً وأحزاباً تحافظ على نفوذه ومصالحه أبرزهم الهالك علي صالح وأبناؤه وأبناء أشقائه الذين يتم تجهيزهم اليوم لإعادة تدويرهم ليحكموا اليمن، وعبد ربه هادي ورشاد العليمي وزعامات حزب المؤتمر والاشتراكي والإصلاح وشلة الأحزاب الملتفة حول مائدة حكومة اليمن كي تلقط الفتات المتساقط منها، النفوذ البريطاني الذي أدخل محميته الإمارات إلى عدن كي تسند ما يسمى حكومة اليمن التابعة لها وتحميها من فكي كماشة أمريكا؛ إيران والسعودية. وقامت الإمارات بالتقاط الزبيدي وأعوانه وأنشأت لهم مليشيات أخرى تقاتل أهل اليمن خدمةً لبريطانيا.
هذا ما يجري في بلادكم يا أهل اليمن، وهذا هو ما أوصلكم اليوم إلى الموت برصاص رخيص غادر أو الموت على أرصفة الجوع في حواضر البلاد! وحكامكم يتسولون المساعدات باسمكم، وبلادكم ينهبها العدو تحت حماية بنادقهم.
لا خلاص لكم إلا أن تنفضّوا عنهم ولا تساندوهم، وعلى أهل القوة والمنعة منكم أن لا يطيعوهم فيما يريدون، وأن تؤيدوا يا أهل اليمن، العاملين بينكم لإقامة شرع الله فيكم، في ظل دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وطرد الكافر المستعمر ونفوذه وأعوانه من بلادكم، واستمعوا لتحذير نبيكم عليه أفضل الصلاة والسلام، حين قال لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: «أَعَاذَكَ اللهُ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ». قَالَ: وَمَا إِمَارَةُ السُّفَهَاءِ؟ قَالَ: «أُمَرَاءُ يَكُونُونَ بَعْدِي لَا يَقْتَدُونَ بِهَدْيِي، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَأُولَئِكَ لَيْسُوا مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُمْ، وَلَا يَرِدُون عَلَيَّ حَوْضِي، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَأُولَئِكَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ وَسَيَرِدُون عَلَيَّ حَوْضِي» رواه أحمد.
رأيك في الموضوع