وقعت الإمارات مع اليمن الخميس 8 كانون الأول/ديسمبر 2022م اتفاقية تتعلق بالتعاون العسكري والأمني بين البلدين، وقعها عن الجانب الإماراتي وزير العدل عبد الله بن سلطان بن عواد النعيمي، وعن الجانب اليمني وزير الدفاع الفريق الركن محسن محمد الداعري، وأشارت الاتفاقية إلى الالتزام بمبادئ المساواة والسيادة، واهتمام الطرفين بالحفاظ على الأمن والسلم والاستقرار في اليمن، واتفق الطرفان على "التعاون العسكري والأمني ومحاربة الإرهاب؛ التزاماً منهما بمبادئ المساواة والسيادة"، كما أكدت الاتفاقية على "الأهمية التي يوليها الطرفان للحفاظ على الأمن والسلم والاستقرار في الجمهورية اليمنية وتوافقاً مع الاتفاقيات الدولية والأعراف والمبادئ وقرارات القانون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب" (وكالة أنباء الإمارات "وام")، وقد حضر التوقيع عدد من كبار الضباط والمسؤولين في وزارة الدفاع الإماراتية، وأعضاء الوفد المرافق لوزير الدفاع اليمني.
يتضح من هذه الاتفاقية أنها اتفاقية وصاية وحماية على اليمن، وهذا يعطي الوجود العسكري الإماراتي الكبير في اليمن صفة الشرعية، ويفصله عن تلازمه مع الوجود السعودي ضمن ما يسمى التحالف العربي لإنقاذ ودعم (الشرعية) في اليمن. إذ تمتلك الإمارات وفق هذه الاتفاقية حق الوجود والتدخل العسكري في اليمن بعيدا عن الالتزام بقرارات السعودية في الوجود أو الانسحاب من اليمن، وسواء استمرت العملية العسكرية للتحالف العربي بقيادة السعودية أم لم تستمر، فقد اكتسبت الإمارات بهذه الاتفاقية صفة الشرعية للأعمال العسكرية داخل اليمن منفردةً بعيدا عن الوصاية السعودية. وهذه خطوة متقدمة لعملاء بريطانيا في إحكام سيطرتهم على مناطق مهمة وواسعة في اليمن، واستباقاً للسعودية التي بدأت مباحثات علنية مع الحوثيين مباشرةً حول الحل السياسي في اليمن، دون إشراك الإمارات أو حتى الحكومة اليمنية في تلك المباحثات.
ورغم انتهاء الهدنة بين طرفي النزاع في اليمن منذ أكثر من شهرين، إلا أن السعودية لم تقم بأي عمل عسكري ضد الحوثيين، ولا بأي طلعات جوية رغم مهاجمتهم بالطائرات المسيرة المؤانئ اليمنية الواقعة تحت سيطرة حكومة العليمي! ما يكشف أن هناك تفاهما بين السعودية والحوثيين برعاية أمريكية، بعيدا عن الحليف الإماراتي وحكومة رشاد العليمي، للضغط على الحكومة للتوقيع على اتفاق تمديد الهدنة وفق الشروط الحوثية من فتح المؤانئ والمطارات ودفع مرتبات المقاتلين الحوثيين وغير ذلك مما يسند حكم الحوثيين وسيطرتهم وبالتالي يسندهم في الموقف التفاوضي حول الحل النهائي مع الحكومة.
إلا أن بريطانيا بهذه الاتفاقية بين عملائها الإقليميين (الإمارات) الواقعة أصلا تحت الحماية العسكرية البريطانية، وعملائها المحليين (حكومة العليمي والأحزاب المنضوية داخلها) قد ثبتوا وجودهم العسكري داخل البلاد بعيدا عن وجودهم ضمن التحالف العربي بقيادة السعودية، وبهذا سيكون للإمارات حق القيام بالأعمال العسكرية والأمنية منفردة عن السعودية!
وفي السياق ذاته رفع السفير البريطاني في اليمن مستوى الهجوم على الحوثيين ووصف مهاجمتهم للموانئ التابعة للحكومة الشرعية في شبوة وحضرموت أنها أعمال إرهابية، وأنها تشكل تهديدا للملاحة الدولية، وهذه التصريحات يمكن البناء عليها لاحقاً لأي عمل عسكري ضد الحوثيين.
وكان رئيس البرلمان اليمني سلطان البركاني قد صرح - لأول مرة منذ بدء الأزمة اليمنية - أن الحوثيين تدعمهم أمريكا، وأن أمريكا أوقفت الجيش الوطني عن التقدم نحو صنعاء لإسقاط الحوثيين.
وبهذا يتضح أن أمريكا في سباق محموم مع بريطانيا، من أجل السيطرة على النفوذ والثروة في اليمن، ولكن بخفاء عن طريق الأتباع الإقليميين (إيران والسعودية والإمارات) أو العملاء المحليين (الحوثي وحكومة رشاد العليمي والأحزاب المنضوية داخل المجلس الرئاسي).
يا أهلنا في اليمن: لقد بات الصراع الدولي على بلادكم واضحاً للعيان، ولم تعد الأطراف المحلية تستطيع إخفاء عمالتها، بل ينكشف فسادها ونهبها لثرواتكم وتمكين الغرب الكافر من بلادكم يوما بعد يوم.
يا أهل القوة والمنعة في اليمن: إن الوضع الدولي اليوم وانشغال دول الاستعمار بقضايا دولية وصراعهم الرأسمالي عليها، يجعل الفرصة مواتية لكم للقيام بخطوة مهمة باتجاه تصحيح أوضاع البلاد، وذلك بعدم موالاة الأطراف المحلية العميلة للغرب الكافر والتي تسومكم سوء العذاب يومياً في حياتكم رغم ما حباكم الله به من ثروات تغنيكم عن الفتات الذي يقدمه لكم الغرب بواسطة منظماته الدولية التي تحمل أهدافاً خبيثة، وإعطاء الولاء للعاملين المخلصين من إخوانكم وأبنائكم لإقامة شرع الله وتحكيم دينه عن طريق إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وستجدون الأمة الإسلامية مساندة لكم، فهي قد أصبحت في شوق لأيام مجدها وعزها وتمكينها وليس ذلك على الله بعزيز.
رأيك في الموضوع