في بيان صدر في 17 كانون الثاني/يناير 2018، دعت وزارة الخارجية الروسية إلى إجراء محادثات عاجلة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان. وأشار البيان إلى أن موسكو تؤيد بشدة المحادثات المباشرة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان لإنهاء الحرب في أفغانستان و"مستعدة لتوفير منصة ملائمة".
وتشعر روسيا بالقلق لأن أفغانستان تتحول إلى موطئ قدم جديد لتنظيم الدولة لزعزعة استقرار دول آسيا الوسطى. وبالإضافة إلى ذلك، قامت روسيا بالمشاركة في النقاش المتعلق بالصراع الأفغاني مع حكومات أخرى مثل الصين وباكستان منذ عام 2016.
نظراً لموقعها الجيو استراتيجي، فأفغانستان هي المكان المناسب للسيطرة على المنطقة؛ لذلك أحد الأسباب الرئيسية الذي قاد أمريكا لغزو أفغانستان هو تحدي الهيمنة الإقليمية لروسيا والصين في مجالات نفوذهما. ولذلك، فإن وجودهم في أفغانستان يهدف أساساً إلى استخدامه كمشروع عسكري من أجل الوصول إلى الموارد الطبيعية في آسيا الوسطى وبحر قزوين.
على الرغم من ذلك، وبسبب غبائها السياسي - فقد شاركت روسيا سابقاً أمريكا في قيادة الغزو على أفغانستان، بحجة الحرب على (الإرهاب)، ومع ذلك، ففي الآونة الأخيرة أصبحت خطة أمريكا لاستغلال الموارد المذكورة أعلاه أكثر وضوحاً من أي وقت مضى. ولذلك، تتخذ روسيا تدابير لاحتواء الوضع.
وعلى الرغم من أن مشروع السلام الحقيقي في أفغانستان لم يكن أبداً جزءاً من الخطة، ومع ذلك، تم تنظيم بعض المحادثات الوهمية مرات عدة من أجل تشتيت الرأي العام وإعطاء أمل كاذب للشعب.
إن الهدف الأمريكي هو مواصلة هذه الحرب من خلال إجبار الأفغان على الانضمام إلى المعركة. ويحدث ذلك من خلال الإصابات بين المدنيين، وارتفاع معدل البطالة، والفقر المدقع. وفي الوقت نفسه، وضعت أمريكا أيضاً الشروط التالية لتحقيق السلام مع الطالبان:
- قبول وحماية الإنجازات الليبرالية في السنوات الـ16 الماضية بما في ذلك الدستور العلماني لأفغانستان وحرياتها وقيمها الديمقراطية؛
- الانضمام إلى ما يسمى بعملية السلام الغربية؛
- أولئك الذين يعارضون الخيارين المذكورين أعلاه سينضمون قسراً إلى تنظيم الدولة أو؛
- سوف يقتلون من قبل قوات الأمن الأمريكية والأفغانية في حال لم يختاروا الخيارات المذكورة أعلاه.
وعلى العكس من ذلك، فموسكو تعتقد أن جلب طالبان للانضمام إلى المحادثات المباشرة وعملية السلام الفعلية لن تتحدى فقط وجود أمريكا في المنطقة بل سيخفض أيضاً إنتاج الأفيون - كما فعلت قبل الغزو الأمريكي - وتمنع توسع تنظيم الدولة في المنطقة.في الواقع، فإن أمريكا واستخباراتها كانتا تشاركان في تجارة المخدرات العالمية وكانت أفغانستان أكبر منتج للأفيون. إن احتواء هذه التجارة ووضع حد لها سيضر بالتأكيد بالمصالح الأمريكية.
ومع ذلك، فإن روسيا لديها القيود والمعيقات التالية لتحقيق أهدافها:
ا. أمريكا لديها اليد العليا في أفغانستان وفي المنطقة، بسبب غزوها للبلاد بفعل قواتها العسكرية وشبكات الاستخبارات والمرتزقة وكذلك سيطرتها الشاملة على الحكومة الأفغانية العميلة. ونتيجة لذلك، فإنها يمكن أن تعرقل كل خطوة تقوم بها روسيا ولن تسمح بحدوث أية مفاوضات مثمرة.
ب. ستجرى مجموعة متنوعة من المحادثات الوهمية في جميع أنحاء المنطقة بين الحكومة وممثلي طالبان الذين رفضهم ونبذهم قادتهم كما شهدنا بالفعل مثل هذه المحادثات في تركيا الأسبوع الماضي وحالياً في إسلام أباد.
ج. لا يمكن للاقتصاد الروسي أن يدعم الجهود الرامية إلى تحدي الوجود الأمريكي في أفغانستان.
ونتيجة لذلك، علينا أن ندرك أن أياً من العمليات الخارجية لن تؤدي إلى أية نتائج مثمرة. ويرجع ذلك إلى حقيقة أن هذه العمليات ليست طبيعية ولا توافق فطرة المسلمين في أفغانستان، بسبب التاريخ الروسي في سفك الدماء في أفغانستان والشيشان وسوريا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن أي قوة أجنبية سوف تسعى فقط لتحقيق مصالحها الخاصة ولا تسعى لتلبية ما يحتاجه المسلمون في أفغانستان. ولذلك، فإن هذه الخطوة الجديدة لا تتماشى مع مصالحنا. ونتيجة لذلك، فإن مسلمي أفغانستان يقفون الآن على مفترق للطرق، أحدها يؤدي إلى تكرار الأخطاء في أخذ المساعدات من الأعداء، والآخر يؤدي إلى الحرية، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال قطع الأيدي الأجنبية التي تمتد لتتحكم في شؤوننا حيث نبني قوة سياسية خاصة بنا، وهذا لا يمكن أن يكون إلا من خلال إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة وتوحيد الأمة الإسلامية.
* رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية أفغانستان
رأيك في الموضوع