(مترجم)
ذكرت قناة (بي بي سي) في الثاني من آب/أغسطس عام 2017 أن وزير الخارجية الأمريكي (ريكس تيلرسون) أدلى ببيان حول السياسة الخارجية لطمأنة (كيم جونغ أون) بأن أمريكا لا تسعى لإسقاط القائد الأعلى لكوريا الشمالية أو نظامه، وأن واشنطن ترغب في "الجلوس" من أجل المحادثات.
يأتي هذا التصريح بعد سلسلة من التصريحات الاستفزازية والإجراءات التي اتخذتها أمريكا ضد كوريا الشمالية في الأشهر القليلة الماضية، منذ أن أخذ ترامب مركز الصدارة في المشهد السياسي الأمريكي. وقد ذكّرت أمريكا كوريا الشمالية مرارا وتكرارا خلال تهديداتها حول استخدام حاملات الطائرات والأسلحة النووية ضدها.
هذا بالإضافة إلى التدريب العسكري على نطاق واسع الذي أجراه الجيش الأمريكي في كوريا الجنوبية في آذار/مارس 2017 ردا على محاولة كوريا الشمالية إطلاق صاروخ (باليستي) في 12 شباط/فبراير. وأجرت أمريكا مناورات عسكرية متعددة، بما في ذلك تدريب عسكري قامت به في نيسان/أبريل، وتدريبات بالصواريخ الباليستية في تموز/يوليو 2017.
إن رد أمريكا على كل محاولة لإطلاق الصواريخ من قبل كوريا الشمالية يشكل تهديداً لكوريا وذلك إلى جانب التصريحات والاستفزازات التي استمرت حتى آخر اختبار لإطلاق صاروخ تم في 28 تموز/يوليو 2017. وذكر علماء الاقتصاد أن هذا الصاروخ الجديد يمكن أن يصل إلى 10.000كم، ما يعني أن مساحات واسعة من أمريكا باتت الآن في متناول صواريخ كوريا الشمالية. ويأتي هذا الاختبار بعد 24 يوما من الاختبار الصاروخي السابق الذي يمكن أن يصل إلى 7500كم. كان الاختبار الذي أجري في 28 تموز/يوليو مقارنة بالاختبارات السابقة تطورا كبيرا، فيبدو أنه قادر على الوصول إلى الساحل الغربي لأمريكا، ووفقا للخبراء فإن هذا يمثل حدثاً مهماً كما اعتبره رؤساءأمريكيون منذ فترة طويلة، بحيث إن أمريكا لا تستطيع تحمله.
إن التسليح المكثف لكوريا الشمالية وبرنامجها النووي المستمر إلى جانب اختبارات الصواريخ؛ كل ذلك يهدف إلى ضمان بقاء كيانها، والتمكن من تحسين المعايير الاقتصادية. وتحقيق هذه الأهداف يتطلب اتفاقا متبادلا مع أمريكا بشأن ذلك، ولكن هذا لم يحدث، حيث كلما حصل اتفاق تم نقضه في الغالب بسبب عدم وفاء أمريكا بشروط الاتفاق.
على مدى عقود، حاولت أمريكا حل قضيةكوريا الشمالية باستخدام تكتيكات مختلفة لكنها فشلت. وقالت (شينا غريتنس) وهي خبيرة في شؤون كوريا الشمالية في جامعة ميسوري، في مقابلة بأن "السياسة الأمريكية تجاه كوريا الشمالية لم تنجح منذ عقدين، ونحن نرى آثار ذلك".
ومع اختبار الصاروخ الأخير، تدركأمريكا أنه أصبح لديها خيارات محدودة للتعامل مع كوريا الشمالية. فقد استنفدت بعض الخيارات وبعضها بات غير واقعي، وهذا هو السبب في أن أمريكا قررت تحسين أسلوبها تجاه كوريا الشمالية.
ومن الخيارات المتاحة لأمريكا هو استخدام جيشها للقيام "بضربة حذرة" على المواقع النووية لكوريا الشمالية لإخراج صواريخ البلاد وكذلك إخراج القادة السياسيين من البلاد بما فيهم (كيم جونغ أون). والمشكلة هي أن كوريا الشمالية من المؤكد سترد بقوة، حيث ستستخدم مخزونها من الأسلحة المدفعية الكبيرة لضرب حلفاء أمريكا وكوريا الجنوبية واليابان. ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى مقتل عشرات أو حتى مئات الآلاف من الأشخاص - بمن فيهم الجنود الأمريكان الذين يقدر عددهم بـ 23500 والمتمركزين في كوريا الجنوبية، والآلاف من الجنود الآخرين في اليابان - وذلك قبل استخدام الأسلحة النووية.
لذلك على الرغم من أن أمريكاتميل دائما إلى استخدام الخيار العسكري لكنهاتدرك أن تكاليف الخيار العسكري في التعامل مع كوريا الشمالية طائلة وستكون عواقبه وخيمة.
والخيار الآخر هو فرض عقوبات اقتصادية على كوريا الشمالية حتى تدرك أن تكاليف مواصلة برامجها مرتفعة جدا، ولكن العديد من الأمور التي تحتاجها كوريا الشمالية، مثل الأسلحة والوقود، تفرض أمريكا عليها عقوبات اقتصادية،ومع ذلك فإن كوريا الشمالية ما زالت لم تغير نهجها.
وهذا هو السبب في أن أمريكا تدرك أن الحل الوحيد الذي تملكه هو التخفيف من غطرستها، وإجراء محادثات دبلوماسية بتواضع مع كورياالشمالية للتوصل إلى اتفاق إما بالتخلي عن برامجها أو على الأقل تجميد تطورها. وهذا يتطلب من أمريكا أن تضع شيئا على الطاولة تريده كوريا الشمالية كما كان الحال في المحاولات السابقة للتوصل إلى اتفاق متبادل.
ومن الجدير بالذكر خلال هذا الحدث؛ أن كوريا الشمالية تعتبر بلداً لا يستهان به، حيث تبلغ مساحتها 120.540 كلم2 ويبلغ عدد سكانها 25 مليون نسمة، وعدد كبير منهم يعيشون تحت وطأة الفقر، وعلى الرغم من هذا الوضع فقد تمكن قادتها من التعامل مع أنانية الأمريكيين المتعجرفين الذين يشكلون القوة العظمى في العالم. لقد تمكنت كورياالشمالية من الحد من غطرسةأمريكا، وجعلتها تجلس معها وجها لوجه بتواضع على الطاولة.
ما نحتاج للتفكير فيه، هو أنه إن كان الكوريون الشماليون الذين ليس لديهم قوة الإسلام قد تمكنوا من مواجهة أمريكا، فماذا عن البلاد الإسلامية؟
نأخذ مثالاً، باكستان البالغ عدد سكانها 220 مليون نسمة ومساحتها 796،095 كم2، وهي تمتلك واحدة من أكبر المحميات الطبيعية من الفحم والغاز الطبيعي، وهي مكتفية ذاتيا كدولة، وبالرغم من ذلك فإن أمريكا مستغلة حصانتها في الإفلات من العقاب استطاعت الوصول إلى باكستان وقصف المناطق القبلية مما أدى إلى مقتل الرجال والنساء والأطفال.
والسبب في ذلك هو حكام باكستان غير المخلصين، فهم ليسوا مخلصين لله ورسوله، بل هم فاسدون لأنهم يعطون ولاءهم لأعداء الإسلام والمسلمين. وهذا لا ينطبق على باكستان وحدها، بل إن الوضع كذلك في كل بلاد المسلمين اليوم، فالأمر الأكثر أهمية هو أن كوريا الشمالية مثل تركيا ومصر والأردن والسعودية.
الزعيم الصادق والخليفة الذي يخشى الله ويتقيه هو ما يحتاجه المسلمون اليوم، فهو يمتلك قوة الإيمان وفكر الإسلام، وهو لن يدافع عن الأمة من أعدائها فحسب؛ بل سيهزمهم ويوحد البلاد الإسلامية وينشر دعوة الإسلام في العالم أجمع.
بقلم: طلحة حسن – الهند
رأيك في الموضوع