منذ أن تدخلت الإمارات منفردة عن بقية دول التحالف العربي، ودخلت بقواتها العسكرية إلى مدينة عدن قبل نحو عامين، أصبحت عدن تحت السيطرة الإماراتية شأنها شأن مدينة المكلا التي دخلتها الإمارات منذ نحو العام، وبهذا تمت عمليا السيطرة على أهم وأكبر مدينتين في جنوب اليمن الواقع ضمن سيادة الحكومة اليمنية (شرعية عبد ربه هادي).
وبهذا التدخل العسكري الحاسم تراجع المشروع الأمريكي، الذي سار خلف مغامرة الحوثيين في التمدد إلى جنوب اليمن. وأصبح جنوب اليمن اليوم خاليا من الوجود الحوثي فيه، وأصبحت جبهات القتال اليوم على حدود المدن في شمال اليمن.
وصار لا بد لعبد ربه هادي، المسنود من بريطانيا وحليفتها الإمارات، أن يمضي نحو مشروع اليمن الفدرالي على الأقل في المناطق التي يسيطر عليها، وحتى يتم ذلك كان لا بد من تنقية الأجواء في جنوب البلاد من أي أطراف مرتبطة بالمشروع الأمريكي.
وبما أن الحوثي لا يملك وجودا يذكر في الجنوب، فقد أصبح من السهل على بريطانيا التفرغ للحراك الجنوبي وكسبه نحو مشروعها الفدرالي، الذي جاءت به فيما سمي المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.
فكان ذلك عن طريق إدراج قيادات الحراك الجنوبي في مؤسسات الدولة واحتوائهم من قبل الإمارات، وكان من أبرز تلك القيادات عيدروس الزبيدي وشلال شائع، اللذان عينهما عبد ربه هادي محافظا ومديرا لأمن مدينة عدن، ولم تشهد عدن في وقتهما إلا تدهورا خدميا وأمنيا، قال عنه الزبيدي إنه مقصود، وقال: إن الحكومة تعرقل خططه في عدن. وعندما وصل انقطاع الكهرباء في المدينة إلى أقصاه، حان الوقت المناسب لهادي لأن يعلن إقالته، وتعيين المفلحي بديلا عنه مع الإعلان عن تشغيل محطة الكهرباء الجديدة للمدينة، وعندما قام الحراك الجنوبي بفعالية كبيرة في عدن كردة فعل على تلك الإقالة، كان عيدروس الزبيدي قد وقع مع الحكومة اليمنية وممثلين عن الإمارات والسعودية عشية تلك الفعالية اتفاقا يقضي بحماية (شرعية) عبد ربه ومؤسساتها ومنع أية مظاهر مسلحة في المدينة، جاء ذلك في شبكة نخبة حضرموت 3 أيار/مايو، وغيرها من مواقع الإنترنت.
وفِي لقاء مع سكاي نيوز العربية صرح الزبيدي أنه مع شرعية عبد ربه وأنه مع التحالف العربي، وأن فعاليتهم الجماهيرية تهدف إلى تكوين كيان سياسي يتبنى القضية الجنوبية محليا ودوليا. ولم يشر الزبيدي إلى أية دعوة لانفصال الجنوب أو استعادة الدولة الجنوبية، ما يعني نجاح الإنجليز عن طريق الإمارات في استمالته نحو مشروع الفدرالية الذي يتبناه عبد ربه هادي.
وكان قد سبق ذلك بأسبوع واحد إعلان محافظ حضرموت وحاضرتها المكلا، أن حضرموت ستكون إقليما ضمن مشروع عبد ربه الفدرالي.
وما يؤكد ذلك رفض فصائل الحراك الجنوبي المسمى جناح إيران التابع لأمريكا، رفضهم للكيان السياسي الذي أعلن الزبيدي عن تكوينه ليمثل الحراك الجنوبي، وقال فؤاد راشد، أمين سر المجلس الأعلى للحراك الجنوبي لصحيفة عدن الغد (إن هذا الإعلان سيصيب الحراك الجنوبي في مقتل) وأن هذا الكيان سيزيد القضية الجنوبية تمزقا!. وكان القيادي الحراكي فادي باعوم المقيم في بيروت قد عبر أيضا عن عدم رضاه، ونشرت عدن الغد بيانا يعبر عن رفضهم للكيان السياسي المعلن، وتتهم من قاموا بتشكيله أنهم دخلوا في عباءة الحكومة الشرعية!
إلا أن تلك الأصوات الرافضة لا تشكل نسبة كبيرة من الحراك الجنوبي، الذي نستطيع أن نقول إنه أصبح اليوم ضمن المشروع البريطاني الداعم للتقسيم الفدرالي الذي يتبناه عبد ربه منصور هادي.
وقد أعلن راجح بادي المتحدث باسم حكومة عبد ربه هادي أن حكومته تبارك إعلان نظام الأقاليم في حضرموت، وأن تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم بات أمرا مجمعا عليه ولا تراجع عنه، على حد قوله لقناة الجزيرة الفضائية.
وبهذا ترفع حكومة هادي جزءا مهما من الضغوط الأمريكية التي تُمارس ضدها في (مناطقها المحررة) وستنتظر ما ستسفر عنه مفاوضات ولد الشيخ أحمد التي ترعاها الأمم المتحدة، والتي تعمل أمريكا من خلالها على إدراج الحوثيين ضمن السلطة القادمة في اليمن.
هذه هي المشاريع التي يسوقها لنا الغرب الكافر للحفاظ على نفوذه ومصالحه في بلادنا، ولا يعنيه البتة سيل الدماء المسفوك في سبيل تنفيذ تلك المشاريع، ولا المعاناة العصيبة التي يعانيها أهل اليمن تحت نير هذا النفوذ الغربي ومشاريعه. ويساعدهم في ذلك حكام خونة ووسط سياسي عفن لا يهمه إلا فتات من مائدة الأسياد مما سيُرمى لهم تحت الطاولة!
أما الأمة الإسلامية ومنها أحفاد الأنصار أهلنا في اليمن، فإنهم يتوقون لحكم الإسلام وعدالة دولته التي ستحقن دماءهم وتحفظ أموالهم وأعراضهم، وتحقق لهم العزة والكرامة والرفاه في ظل الخيرات الوفيرة التي حباها الله لأهل تلك البلاد والتي يتمتع بها اليوم الغرب المستعمر مستغلين خيانة حكامنا وابتعاد أبناء الأمة عن الالتفاف حول مشروع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي بشر بعودتها نبي هذه الأمة عليه أفضل الصلاة والتسليم، والتي أزف أوانها بإذن الله...
رأيك في الموضوع