"تشهد العلاقات بين كيان يهود ومصر في عهد السيسي، "دفئاً" غير مسبوق على الصعيد الأمني والسياسي والاقتصادي أيضاً، وذلك بعد سنوات من الانقطاع التام أو تقليل مستوى التعاون للحد الأدنى. هذه المرة، لا ينبع التعاون من رغبة الاحتلال اليهودي في تحسين العلاقات مع الجارة مصر، بل أصبح ضرورة قصوى بعد أن أشارت التقديرات في كيان يهود إلى وجود خطر انهيار نظام السيسي بشكل كامل خلال فترة محدودة، فبعد سنوات طويلة من توقف التعاون الاقتصادي، تستعد دولة الاحتلال لتنفيذ سلسلة من المشاريع الكبيرة مع مصر. مشاريع تهدف لإنقاذ البنية التحتية المصرية وحل المشاكل الأساسية؛ لتقوية نظام السيسي والحفاظ على الاستقرار السياسي. وفي هذا السياق، جاء في ملحق صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن النقاشات حول هذه المشاريع الكبيرة بدأت، ولا تمثّل فقط تقارباً سياسياً بل حاجة ماسّة لدفع مصر إلى تخطي الأزمة الاقتصادية التي تهدد النظام" "الخليج أون لاين"
فما الذي يدفع كيان يهود للسعي إلى استقرار نظام السيسي، ومنعه من الانهيار؟ وماذا يستفيد كيان يهود من نظام السيسي؟ وما الدور الذي يلعبه السيسي في خدمة وحماية كيان يهود؟
إن المتابع لموقف النظام المصري وخاصة رأسه يرى حجم التكالب والتسارع في تقديم الخدمات لكيان يهود وحماية أمنه وتحقيق مصالحه ومصالح أمريكا في المنطقة، وما حدث ويحدث في سيناء خير شاهد ودليل على ذلك، فحاكم يقتل شعبه ويهجرهم ويضيق عليهم عيشهم حتى يأمن يهود في بيوتهم، بينما هتف هذا الشعب قبل سنوات وفي قلب ميدان التحرير (على القدس رايحين شهداء بالملايين) وإن كان من أطلقوا هذا الهتاف دون مستواه ومستوى تنفيذه إلا أنه لاقي صدى داخل نفوس الناس أقلق يهود خاصة مع حصار الناس وبشكل عفوي لسفارتهم في القاهرة واقتحامهم لها، فلم يشعروا بالأمان الذي كفله وهيأه لهم مبارك، خاصة مع اشتعال ثورة الأمة في الشام إلا في ظلهم، فكان هذا النظام ورأسه لهم طوق نجاة، ولأنهم أدركوا حاجتهم إليه ليسير معهم كما فعل مبارك بل وأكثر، ومع ما تمر به الكنانة من نقص حاد في سلع رئيسية وارتفاع الأسعار الفاحش والأزمات الاقتصادية المتلاحقة، يدرك كل ذي عين أن هذا النظام فاقد لكل مقومات الحياة إلا أنه في نظر يهود يبقى النظام الذي يعطيهم الأمان ويمنحهم الدفء وهو الذي عرض عليهم وعلى سلطة عباس إرسال الجيش المصري لحماية كيان يهود وطمأنته من مقاومة أهل فلسطين وقمعهم واغتصاب نسائهم كما يفعل اليوم بأهل مصر، بخلاف قتله وتهجيره لأهل سيناء لتأمين حدودهم الجنوبية وتجفيف كل منابع إمداد أهل فلسطين بالسلاح الذي يدفعون ويدافعون به عن أنفسهم غدر يهود، كل هذا يدفع كيان يهود للسعي لاستقرار السيسي ونظامه لأطول فترة ممكنة، فهو فوق تأمينه حدود الكيان وحفظه لأمنه الذي عبر عنه التنسيق الأمني المشترك في سيناء وربما في مصر كلها، ثم منحه لهم حقول الغاز في البحر المتوسط وتأمين مرورهم عبر خليج العقبة بعد التنازل عن ملكية جزيرتي تيران وصنافير للدولة السعودية حتى يخرج هذا الممر المائي الذي يتحكم في كيان يهود وما يصل إليه فيصبح مياهاً دولية لا تتحكم فيه مصر ولا آل سعود بالكلية، والآن ومع تلك المشاريع الاقتصادية المعلن عنها وغير المعلن، يسعى كيان يهود لتأمين هذا النظام الذي يمنحهم قُبلة الحياة، فهم بغيره وبغير تأمينه يدركون أنهم لا عيش لهم على أرض فلسطين، وسيظل لهم ولأمريكا خادما مطيعا ينفذ كل ما يملى عليه دون مراجعة أو مناقشة، فهذا دأب كل خائن لدينه وأمته بائع نفسه لعدوه.
في الوقت نفسه وكشيء من الخداع لأهل الكنانة ومحاولة نفخ للروح في النظام وتقويته، ولمسايرة النغمة التي يطلقها الإعلام المصري عن وجود مؤامرة كونية على النظام لخلع السيسي أعلنت أمريكا التي تشترط على أي نظام يسعى لحكم مصر أن تكون أهم أولوياته تأمين كيان يهود، أعلنت واشنطن أنها تلغي مساعدات لمصر بحجة "العوائق" وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، الأربعاء 19/10/2016م، إنها "أعادت توجيه" 108 ملايين دولار كانت مرصودة كدعم اقتصادي لمصر عام 2015 لكنها لم تنفق، بسبب "تأخير أعاق التنفيذ الفاعل للعديد من البرامج"، فالعوائق لا تمنعهم من دعمه مباشرة أو عن طريق غيرهم من حكام الخليج إلا أنهم ربما أرادوا منه مع كل هذا الدعم مزيداً من التنازلات والانبطاح رغم أنه يقدم لهم كل شيء طواعية طمعا في أن يبقوه على كرسيه ولا ينقلبوا عليه كما حدث مع سلفه.
إلا أن هذا كله لن يفلح في منع انهيار هذا النظام كما لا يفلح العلاج في بث الروح في جسد ميت، والثورة القادمة ستطيح بهم لا محالة وربما تحول الكنانة إلى ما هو أسوأ مما يحدث على أرض الشام وهذا ما يقلق الغرب الآن، فلا قدرة لهم على مواجهة شام أخرى في المنطقة إلا أنه حادث رغما عنهم ونسأل الله ألا يستطيعوا امتطاءها وسرقتها وأن يتمكن المخلصون من أبناء الأمة من قيادتها وتوجيهها بالشكل الذي يعيد الكنانة كما كانت درع الأمة وطوق نجاتها، ويعيد جيشها جيشا للأمة لا جيشا لأعدائها، وهذا يحتاج إلى قيادة واعية مخلصة تحمل مشروعا واضحا قادرا على علاج مشكلات الناس وقادرا أيضا على صراع أمريكا ويهود وكشف كل خططهم وأساليبهم في التآمر على أهل الكنانة والأمة، وليس أمام أهل الكنانة في هذا المضمار غير حزب التحرير فهو وحده الذي تكسرت على يديه كل خطط أمريكا فألجأها إلى استبدال الخطة تلو الخطة حتى اعترفت بفشلها وعجزها عن أي حلول تبقي نفوذها في الشام.
فيا أهل الكنانة! دونكم حزب التحرير، ضعوا أيديكم في يده واحملوا ما يحمل فهو لكم رائد لا ولن يكذبكم، بل يسعى إلى خيركم وعزكم في الدنيا فتنعمون فيها بحياة إسلامية رغيدة في ظل خلافة على منهاج النبوة، وكرامة عظمى في الآخرة برضا الله عز وجل ونيل الدرجات العليا في الجنة، فكونوا لها تفوزوا وتنعموا وتنعم الأمة كلها بكم.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾
بقلم: عبد الله عبد الرحمن
رأيك في الموضوع