(مترجم)
تعاني الولايات المتحدة الإحراج خلال الانتخابات الحالية، ويشعر الأمريكيون على جميع مستويات المجتمع بأن ليس لديهم أي خيار حقيقي.
في صباح اليوم التالي لـ8 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، سيعرف العالم ما إذا كان شعب الولايات المتحدة قد اختار "الفساد" أو "عدم الكفاءة" كأهون الشرّين لقيادة القوة العظمى الوحيدة في العالم. وسوف تحدد النتائج إن كان الرئيس الـ45 للولايات المتحدة هو دونالد ترامب، الرجل الغارق في الفضائح الذي قال: "أنا لا أعرف لماذا يصنع بلدنا الأسلحة النووية إذا لم نستخدمها"، أو هيلاري كلينتون، المرأة التي ينظر إليها من قبل عشرات الملايين من الناخبين الأمريكيين بأنها فاسدة. صحيفة الجارديان نقلت عن مسؤول سابق في مكتب التحقيقات الفدرالي قوله: "هناك الكثير من الأشخاص الذين يعتقدون بأن ترامب غير كفؤ، ولكنهم يعتقدون أيضا أن كلينتون فاسدة. ما تسمعه كثيرا هو أن هذا اختيار سيئ، بين غير كفؤ وبين سياسيّة فاسدة".
تعرضت كلينتون لتحقيق مكتب التحقيقات الفدرالي بسبب سوء تعاملها مع المعلومات السرية في بريدها الإلكتروني أثناء توليها وزارة الخارجية، وفي تموز/يوليو وصفها مدير مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي بـ"المهملة للغاية." وقد أثار الأخير جدلا جديدا بعد كشفه في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2016، عن 650 ألف رسالة بريد إلكتروني تم العثور عليها على جهاز الكمبيوتر المحمول للزوج السابق لأحد كبار مساعدي كلينتون، وأن هذه الرسائل هي "شديدة الصلة" بجدل رسائل البريد الإلكتروني السابق وأنه قد تم فتح تحقيق جديد. ولكن مكتب التحقيقات الفيدرالي نفسه قد تم اتهامه بسوء التصرف من قبل وزارة العدل لمحاولته التأثير على نتيجة الانتخابات.
يشعر الأمريكيون بأنهم بيادق في لعبة بين وكالات خفية على السلطة. وقد ظهرت العديد من الكتب والمقالات التي كتبها أمريكيون خلال هذه الحملة الانتخابية تحمل عناوين مخيفة مثل: "حالة ذهنية عميقة: حكومة الظل في أمريكا وانقلابها الصامت"، إنهم لم يعودوا يؤمنون بأن الشعب هو من يقوم بتحديد مستقبل الولايات المتحدة، ويرون أن شخصيات غير منتخبة غامضة هي المسؤولة فعليا. هذه الفكرة أصبحت قوية جدا في الولايات المتحدة وقد أصبحت عاملا مهما في الانتخابات. وينجز دونالد ترامب بشكل جيد جدا في استطلاعات الرأي، وتكمن جاذبيته في تصور الكثير من الأمريكيين في أنه على الرغم من جهله الواضح في أمور الدولة، إلا أنه يمثل "خيارا نظيفا". إنه الملياردير الذي يدعي تمويله لحملته الانتخابية بنفسه... وبالتالي فهو "غير مدين بشيء لجماعات المصالح أو جماعات الضغط". في حين إن هذا ليس صحيحا تماما، وأن استثماره الشخصي في حملته الخاصة البالغ 54 مليون دولار يمثل أقل من ربع نفقات الحملة الانتخابية الإجمالي، فقد مثل ذلك أحد عوامل شعبيته. كما ينظر إليه على أنه الرجل الصادق الذي يتحدث عن الحقيقة دون أي اعتبار لمشاعر أحد.
وقد كان عدم اكتراثه بمشاعر أحد أيضا مصدرا لمعظم مشاكله في الحملة الانتخابية. وقد وجهت ضده العديد من المزاعم بارتكاب اعتداءات جنسية. على سبيل المثال، قالـتالسيدة ليدز لصحيفة نيويورك تايمز أنها بينما كانت على متن طائرة بالدرجة الأولى، رفع السيد ترامب مسند الذراع الفاصل بينهما ثم راح يتلمس جسدها بيديه. وقالت "كان مثل الأخطبوط. يداه كانتا في كل مكان". وقد كان بالإمكان نفي هذه المزاعم كونها حيلاً قذرة لحملة كلينتون، لولا الحماقات التي لا تصدق التي قالها خلال الحملة الانتخابية حول موقفه من النساء. لقد فقد ترامب الكثير من المؤيدين عندما قال بفخر: "كأنهن مغناطيس، أقبّل فقط دون أن أنتظر. وعندما تكون نجماً يسمحون لك بفعل ذلك، يمكنك فعل أي شيء. وتضع يدك أينما تشاء... يمكن فعل أي شيء". وسواء توجب فوز ترامب أو خسارته بعد التصريحات التي لا حصر لها من الحماقة مثل هذه، فإن شعبيته الواضحة حتى الآن هي دليل على مدى الانحطاط الذي وصلت إليه الديمقراطية الأمريكية في عيون الشعب الأمريكي نفسه.
وكما يبدو ترامب غبيا، فإن كلينتون تبدو فاسدة في عيون الشعب الأمريكي، ولكن الخوف سوف يجبرهم على اختيار أهون الشرين. وأيهما اختاروا، فسيكون الفرق أقل ممّا يتوقعه معظمهم. وبينما تركز معظم وسائل الإعلام على رسائل البريد الإلكتروني لمكتب التحقيقات الفيدرالي، تقول صحيفة الجارديان إن رسائل البريد الإلكتروني لويكيليكس "تظهر كيف تساس أمريكا"، وأن أنصار حملة كلينتون الأغنياء والأقوياء هم نادٍ مغلق يشترون النفوذ في مسائل الدولة لحماية مصالح بعضهم بعضاً. ويجري هذا منذ فترة طويلة في السياسة الأمريكية، ولا تختلف حملة كلينتون عن ذلك.
رأيك في الموضوع