(مترجم)
عشية الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يسأل المسلمون البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة المسجلون للتصويت فيها كيف يمكنهم إحداث فرق. إنهم لا يتفقون على كيفية ذلك، لكن الخير في قلوبهم يوحدهم في رغبتهم في رؤية نهاية للقتل والدمار في فلسطين ولبنان بطريقة أو بأخرى. لقد حصل الحزب الديمقراطي تقليدياً على معظم أصوات المسلمين. ففي انتخابات عام 2020، اختار العديد من الناخبين التصويت لصالح بايدن للتخلّص من ترامب المكروه الذي أسعد كيان يهود بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وبالتالي الاعتراف بالقدس عاصمة له. وحظر ترامب السفر من بعض البلاد الإسلامية وأثار عداوة المسلمين. ثم جاء بايدن، أكبر صهيوني في تاريخ الولايات المتحدة الذي منح كيان يهود كميات غير مسبوقة من شحنات الأسلحة لقتل عشرات الآلاف من الأبرياء. وعلى الرّغم من أنّ البشر في جميع أنحاء العالم مصدومون مما يحدث، إلا أنّ أي جريمة لم تكن شنيعة بما يكفي لبايدن للتوقف عن تأجيج المذابح بأسلحته.
والآن، عشية الانتخابات الأمريكية، ومع ترشّح نائبة الرئيس هاريس كمرشحة ديمقراطية، يبتعد العديد من المسلمين عن الحزب الديمقراطي بسبب مشاركته الإجرامية في إزهاق الأرواح وتدمير الممتلكات في غزة ولبنان. وقد أظهر استطلاع رأي وطني شمل 1449 ناخباً مسلماً أنّ ترامب حصل على 10٪ فقط من دعمهم، بينما حصلت هاريس على 41٪ وحصلت مرشحة حزب ثالث، جيل شتاين، على أعلى نسبة تأييد على الرّغم من أنها لا تملك أي فرصة للفوز في الانتخابات. هناك 7 ولايات أمريكية حيث يمكن لبضعة آلاف من الأصوات أن تقرر ما إذا كان ترامب أو هاريس سيفوز في الانتخابات، ويريد العديد من المسلمين في الولايات المتحدة معاقبة الديمقراطيين بالتّصويت ضدّ هاريس على الرّغم من أن ذلك قد يؤدي إلى فوز ترامب المكروه.
إنّ ترامب يسعى إلى كسب أصوات المسلمين. ففي تجمع جماهيري في ديترويت، أشاد ترامب بالعرب والمسلمين قائلاً عنهم: "إنهم لا يؤيدون عمليات التّحول الجنسي، ولا يؤيدون الرجال الذين يمارسون الرياضة النسائية". ويدعم بعض المسلمين ترامب بسبب قيمه المحافظة، ويدعمه آخرون لأنه يعدُ بإنهاء الحرب، رغم أن لا أحد يعرف كيف سيفعل ذلك! وقد أعلن أحد الأئمة المسلمين أمام حشد من الناس: "نحن كمسلمين نقف مع الرئيس ترامب لأنه يعد بالسلام وليس الحرب... يجب أن تتوقف إراقة الدماء في جميع أنحاء العالم. وأعتقد أنّ هذا الرجل قادر على تحقيق ذلك. وأنا أعتقد شخصياً أنّ الله أنقذ حياته مرتين لسبب ما"!
هل يستطيع المسلمون أن يحدثوا تغييراً؟ يمكنهم الانضمام إلى اللعبة، لكن آخرين هم من يحددون القواعد. والسؤال الأكبر ينبغي أن يكون: هل يستطيع أي أمريكي أن يحدث تغييراً، وليس فقط الجالية الصغيرة من المسلمين في البلاد؟ إنّ القوى التي تموّل السياسة في الولايات المتحدة سوف تضحي بالعالم كله من أجل مصالحها وسوف تضحي بالناخبين الأمريكيين معها. وأما الناخبون فلا يحصلون إلا على الاختيار بين مهرجين دمى!
يقول البعض إن يهود يسيطرون على السياسة الأمريكية، ويقول آخرون إن أمريكا تستخدمهم لتحقيق مصالحها في الشرق الأوسط. من تعتقد أنه يقود السياسة في أمريكا، يمكنك التأكد من أنه يفعل ذلك لأغراض تتعارض تماماً مع العدالة والقيم العليا التي أمر الله المسلمين بتطبيقها ونشرها في العالم. لهذا السبب، سواء أكان ترامب أو هاريس، وسواء أكانوا يهود أو غيرهم، فإن الرأسماليين الذين تعتمد ثروتهم وقوتهم على نظام الرّبا واستعباد العالم سيستمرون في السّعي إلى تدمير الإسلام بأي وسيلة، فنظام الديمقراطية والشّعارات المرتبطة به ملكٌ لهم. إنّهم يدفعون ثمن مسارح الديمقراطية العامة ويختارون الممثلين الذين سيقفون أمامكم. لذلك، فإن المسلمين في أمريكا، كما هو حال المسلمين في كل مكان آخر في العالم، لديهم طريق واحد فقط نحو التغيير الهادف وهو طريق السياسة الإسلامية وفقاً لنظام الإسلام ومنهجه. لقد أظهر الغرب وعلى رأسه أمريكا بوضوح حقيقة مبدئه الفاسد. لقد كُتبت لنا الرسالة بدماء آلاف الأطفال الشهداء على تراب وتحت أنقاض أرضنا المباركة، ومن لم يستطع قراءة هذه الرسالة لن يستفيد من قراءة ألف كتاب.
رأيك في الموضوع