منذ أن سلمت أمريكا أمر مصر لرجلها عبد الفتاح السيسي ومصر تنزلق نحو الهاوية في جميع أنظمة الحكم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بخطوات متسارعة، وهذا الانزلاق أمر طبيعي لتطبيق النظام الرأسمالي ولعمالة السيسي للغرب الكافر؛ فبعد أن وصل لحكم مصر على أشلاء أبنائها ودمائهم، وقد جمع حوله ثلة من المنافقين والمنتفعين يزين بهم مجلسه وخطابه الذي يبرر فيه فعلته الشنعاء، بدأ في خوض غمار الحياة السياسية ظنا منه أنه قد نجح في خداع الناس، ولكن الرياح أتته بما لا يشتهي في انتخابات الرئاسة والاستفتاء على الدستور وانتخابات مجلس النواب؛ فقد عزف الناس عن المشاركة في تلك الاستحقاقات وسقط سقوطا مروعا؛ فالثلاثون مليوناً الذين خرجوا خلفه يفوضونه لإزالة حكم الإخوان حسب زعمه لم ينتخبه منهم حسب زعم إعلامه المزيف في اليوم الأول والثاني سوى أربعة ملايين تقريبا مما اضطره لمد الانتخابات يوما آخر في مسرحية هزلية، وفي ذلك اليوم تداركوا أمرهم بألاعيبهم التي لا تخفى على أحد، ومنذ ذلك اليوم علم السيسي أنه لا يقف على أرض ثابتة فارتكن أكثر وأكثر إلى القبضة الأمنية وراح يهيئ لها المبررات ويشرع لها ما يلزمها من تشريعات بعد أن تيقن جيدا أن الناس قد زاد وعيهم وانفضوا من حوله، فأشعل الفتنة بين أهل مصر وهددهم صباح مساء بفزاعة "الإرهاب" التي تحت غطائها اعتقل الآلاف وقتل الكثيرين ثم انقلب على حلفائه الذين أيدوه في تفويضه المزعوم بقتل المسلمين فاستأصلهم جميعا من الحياة السياسية وأخضع مؤسسات الدولة من قضاء وغيره للجهات الأمنية التي أطلق يدها في البلاد فانهارت الحياة السياسية بكل أشكالها.
أما الاقتصاد المصري فقد تراجع في عهد السيسي لمستوى لم تشهده مصر من قبل؛ فقد كشف البنك المركزي في بيان له عن ارتفاع إجمالي الدين العام (المحلي والخارجي) إلى أعلى مستوى له في تاريخ مصر. وأوضح أن الدين المحلي ارتفع بنسبة 24% خلال الفترة من تموز/يوليو 2015 وحتى آذار/مارس 2016، ليصل إلى 2.49 تريليون جنيه (280 مليار دولار) بما يعادل 88.1% من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا معناه أن مصر على حافة الإفلاس ناهيك عن أزمة الدولار وما ترتب عليها من ارتفاع مدوٍّ في الأسعار لم تعرفه مصر في تاريخها، وأزمتا ارتفاع الأسعار وزيادة الدين العام أزمتان لا يملك لهما هذا النظام أي حلول سوى وعود وأمنيات، وإقالة وزير ووضع غيره مكانه يوهم الناس أن الأزمة سببها وزير أو مسؤول أو حكومة، فعندما بدأت أزمة الدولار سارع السيسي في إقالة هشام رامز محافظ البنك المركزي خاصة بعد تصريحه في لقاء له على تلفزيون "القاهرة والناس" أن الدولار موجود ولكن يتم وضعه في غير محله، مشيرا في ذلك لمشروع قناة السويس، ومن بعده إقالة بل محاكمة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بعد إعلانه عن اكتشاف وقائع فساد في عام 2015 تجاوزت 600 مليار جنيه واتهامه تارة للإخوان بأنهم خلف أزمة الدولار وتارة شركات الصرافة.
وبدلاً من البحث عن حلول لرفع المعاناة عن الناس زاد النظام معاناتهم بفرض كثير من الضرائب ورفع جزئي للدعم تمهيدا لرفعه كليا، وابتزازهم من قبل في مشروع قناة السويس، ثم التسول على الشعب تحت عناونين مختلفة (صبح على مصر بجنيه)، و(صندوق تحيا مصر) وانتشار واسع للجمعيات الخيرية التي تديرها الدولة لمصّ ما تبقى من دماء في عروق بعض أهل مصر، أما ثروات البلاد فقد وضع السيسي يده عليها ينفق منها على جنرالاته لضمان ولائهم وطاعتهم له في قهر الشعب وإذلاله وإخضاعه الذين أصبحوا يسيطرون على قطاع كبير من الاقتصاد المصري والأراضي الشاسعة.
هذا بالإضافة لصفقات السلاح التي ينفق عليها المليارات لحماية كيان يهود من المسلمين وللدفاع عن مصالح أمريكا في ليبيا.
أضف لذلك تسليم مصادر الثروة للشركات الأمريكية والغربية بعقود باطلة تمكنهم من السيطرة على خيرات مصر كمنجم السكري لاستخراج الذهب، وما تفعله شركة إيني الإيطالية من نهب للغاز من أراضي مصر بعقود باطلة لا يخفى على أحد.
فواضح أن السيسي سخّر ثروة البلاد لإرضاء الغرب ولقمع شعبه بتسليح الجهات الأمنية بأسلحة قمع وبناء السجون في طول البلاد وعرضها. أما رعاية شؤون الناس وتوفير ما يلزمهم من حاجات ضرورية فليس عند الدولة في هذا الشأن إلا خطابات رنانة وعصا لمن لم يقنع بكلامهم مما ترتب عليه حالة احتقان بسبب الغلاء المتصاعد تؤذن بانفجار وثورة عارمة يؤخر حدوثها القبضة الأمنية التي يفرضها النظام على الناس، ولكن لا محالة سيقع هذا الانفجار بسبب النقص الحاد في الحاجات الأساسية من مأكل ومشرب ودواء وبسبب ارتفاع أسعارها.
وهذا نداء لأهل الكنانة، أن ما حل بكم بسبب غياب الحكم بما أنزل الله وسيطرة النظام الرأسمالي على البلاد، وكي لا يرتد غضبكم وانفجاركم عليكم يجب أن تتفهموا حقيقة المشكلة وتفهموا حلها جيدا؛ فالمشكلة هي في النظام الرأسمالي الكافر لا في رأس النظام فقط، وحلها هو استبدال نظام الخلافة بذاك النظام، الخلافة التي ترعى شؤون الناس بتطبيق أحكام الشرع؛ تطعم فقيرهم وتحفظ لهم ثرواتهم ولا تجعلها دولة بين الأغنياء منهم. وإن لم تفعلوا فسوف يزداد جبروت السيسي المتكبر ويزداد إذلاله لكم وإفقاركم.
﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾
بقلم: عبد الله عبد المعين
رأيك في الموضوع