منذ أشهر والحكومة العراقية تتحدث عن قرب قيام الجيش بعملية لاستعادة مدينة الرمادي وجرت محاولات عديدة للاقتراب من المدينة باءت جميعها بالفشل، وأخيراً بدأت القوات الأمنية بعملية عسكرية كبيرة لاستعادة المدينة وذلك بعد قيام وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر بزيارة للعراق وأعقبه رئيس أركان الجيش الأمريكي مارك ميلي بزيارة أخرى، وتحدث الاثنان عن قرب تحرير مناطق من تنظيم الدولة، وفعلاً قامت القوات العراقية وبدعم من الطيران الأمريكي ومساعدة العسكريين الأمريكان في التخطيط والتنفيذ لمعركة الرمادي، وحققت القوات تقدماً كبيراً وأصبحت الرمادي في حكم الساقطة في قبضة القوات الأمنية، التي طلبت من سكانها الخروج من المدينة خلال ثلاثة أيام قبل اشتداد القصف على المدينة الذي كان قاسياً سواء من الطائرات الأمريكية أم من مدفعية الجيش، وظهر ذلك واضحاً من حجم الدمار الكبير الذي أصاب المدينة من خلال الصور التي ينقلها التلفزيون العراقي يومياً، والمدينة أصبحت شبه مدمرة مما يصعب على أهلها العودة إليها حتى بعد "تحريرها".
والجدير بالذكر أن عملية تحرير الرمادي لم يشترك فيها الحشد الشعبي كما صرح بذلك مقتدى الصدر.
ومن الواضح الآن أن دور التنظيم في الرمادي قد انتهى وسيطرة الجيش على المدينة أصبحت مسألة وقت، إن تحرير الرمادي من تنظيم الدولة لا يعني أن وجود التنظيم في العراق قد انتهى، ولكن كان لا بد للحكومة العراقية من تحقيق نصر على التنظيم وخاصة في الأنبار القريبة جداً من بغداد والتي شكلت هاجساً خطيراً وتهديداً للعاصمة بغداد، وازداد الضغط على الحكومة للتحرك من أجل طرد التنظيم من الأنبار وبالذات من الرمادي باعتبارها مركز محافظة، وكان لا بد من إعادة بعض الاعتبار للحكومة التي فقدت هيبتها والجيش الذي أصبح أضعف من الحشد الشعبي الذي هدد الحكومة أكثر من مرة، مما جعل القيادة الأمريكية تتحرك لمساعدة الحكومة والجيش في استعادة المدينة، كما تحركت سابقاً لاستعادة تكريت مركز محافظة صلاح الدين.
أما الموصل فبالرغم من تصريح رئيس الوزراء حيدر العبادي أن تحريرها سيتم بعد تحرير الأنبار إلا أن الأمر يبدو بعيداً في الوقت الحاضر، وذلك لارتباط الأمر بسوريا أولاً ثم بمشروع تقسيم العراق إلى أقاليم ثانياً، وهذا الأمر لا يزال يحتاج وقتا، على الرغم مما يجري في سوريا من تحالفات وتصفيات توحي بقرب حل موضوع سوريا إلا أن الأمر ليس بالسهل ويحتاج وقتاً أطول، وكذلك موضوع الأقاليم الذي يشهد صراعاً بين الحكومة من جهة والعشائر السنية في نينوى والأنبار من جهة أخرى.
إن احتلال المدن من قبل المسلحين سواء تنظيم الدولة أم غيرهم ثم إخراجهم منها أدى إلى تدمير هذه المدن وتشريد الناس منها وقتل الآلاف من الرجال والنساء والأطفال وهدم البنية التحتية وإتلاف البساتين وضياع الممتلكات، إضافة إلى تشويه صورة الإسلام وحكمه لدى الناس، وزعزعة ثقة المسلمين بالحركات الإسلامية المسلحة التي ادعت حرصها على الحكم بما أنزل الله ولكنها لم تفعل.
إن مآسي العراق وسوريا وغيرها من بلاد المسلمين سببها أمران اثنان، أولهما تولي السلطة من قبل حكام يأتمرون بأمر الكفار المستعمرين والثاني الحكم بغير ما أنزل الله، ولا خلاص للمسلمين إلا بإزالة هؤلاء الحكام الرويبضات وإعادة الحكم بما أنزل الله بالطريقة الشرعية لتكون خلافة على منهاج النبوة يعز فيها الإسلام وأهله ويذل فيها الكفر والنفاق وأهله، ولذا وجب على المسلمين العمل الدؤوب والمخلص لهذين الأمرين والالتفاف حول حملة الدعوة العاملين المخلصين لإعادة الإسلام إلى الحياة واستئناف الحياة الإسلامية وبعيداً عن كل الدول والمنظمات الدولية التي تتاجر بدماء المسلمين طمعاً بثروات أُمة الإسلام وإطفاء نار حقدهم على هذه الأمة التي أعزها الله بالإسلام، هذه الأمة التي أنابت ثانية إلى دينها وتريد العودة إلى عزتها بإسلامها. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.
رأيك في الموضوع